نشرت منظمة التحقيقات المستقلة Forensic Architecture دراسة جديدة قالت فيها أن الجيش الإسرائيلي “يستخدم” الإجراءات الإنسانية مثل “أوامر الإخلاء” و”المناطق الآمنة” في غزة، كأداة لتهجير الفلسطينيين على نطاق واسع.
وتشير الوثيقة المؤلفة من 80 صفحة إلى أن استخدام إسرائيل لهذه الاستراتيجيات “أدى إلى مضاعفة الترحيل القسري والتهجير الجماعي للفلسطينيين”، وهو ما يشكل انتهاكًا للمعايير القانونية الدولية.
علاوة على ذلك، فقد وجد التقرير أن هذه الإجراءات “الإنسانية” كانت تحتوي في كثير من الأحيان على تناقضات أدت إلى الارتباك، حيث بلغت ذروتها بقصف إسرائيل للمناطق التي تم تحديدها على أنها آمنة في غزة.
جاء في التقرير: “بدلاً من استخدام “الأعمال الإنسانية” كإجراءات وقائية لحماية حياة المدنيين، فقد مارست إسرائيل شكلاً من أشكال “العنف الإنساني” تعزيزاً للإبادة الجماعية التي ترتكبها في غزة”، مشيراً إلى أن القانون الدولي الإنساني يحظر إجلاء المدنيين من مناطق القتال إلا لحمايتهم، كما يجب نقل المدنيين إلى المناطق المزودة باحتياجات البقاء الأساسية مثل الغذاء والماء والمأوى إن تم النقل.
“لقد أصبحت هذه الإجراءات أدوات في حملة عسكرية أدت، حتى وقت كتابة هذا التقرير، إلى مقتل أكثر من 30 ألف فلسطيني، أكثر من 70% منهم من النساء والأطفال وفقدان آلاف آخرين وإصابة عشرات الآلاف من المدنيين” – تحقيق منظمة Forensic Architecture
رغم ادعاءات إسرائيل بأن “أوامر الإخلاء” التي أصدرتها كانت تهدف إلى حماية المدنيين الفلسطينيين، إلا أن البحث أشار إلى أن التدابير الإنسانية المطبقة منذ 7 أكتوبر، لا تتماشى مع هذه الشروط، حيث أفاد التقرير بأن “هذه السياسات تستخدم كأداة للتهجير الجماعي، وذلك بدفع المدنيين إلى مناطق غير صالحة للعيش أصلاً وتتعرض للهجوم لاحقًا، مما يزيد من حجم الإبادة الجماعية التي تشنها إسرائيل ضد سكان القطاع”.
مستويات “غير مسبوقة” من الدمار
لفت التقرير أيضاً إلى أن الإجراءات الإنسانية “المسلحة” التي اتخذتها إسرائيل ظلت سارية حتى بعد أن أصدرت محكمة العدل الدولية حكمها في 26 يناير 2024، حيث قررت المحكمة أن “على الأقل بعض الأفعال وأوجه التقصير التي زعمت جنوب إفريقيا أن إسرائيل ارتكبتها في غزة استوفت المعايير التي حددتها اتفاقية الإبادة الجماعية”.
لكن رغم قرار المحكمة، استمرت إسرائيل في إبعاد الفلسطينيين قسراً من منازلهم وحرمانهم من الموارد الأساسية مثل الغذاء والماء والمساعدات الإنسانية والوقود والمأوى والملبس والنظافة والصرف الصحي والرعاية الطبية، منتهكة بذلك توجيهات المحكمة وقرارها.
جاء في التقرير: “لقد أصبحت هذه الإجراءات أدوات في حملة عسكرية أدت، حتى وقت كتابة هذا التقرير، إلى مقتل أكثر من 30 ألف فلسطيني، أكثر من 70% منهم من النساء والأطفال وفقدان آلاف آخرين وإصابة عشرات الآلاف من المدنيين”.
وأضاف التقرير أن الوضع قد “تفاقم بسبب المستويات الكارثية غير المسبوقة من تدمير البنية التحتية والأضرار الزراعية، والاستهداف الممنهج للمنشآت المدنية الحيوية، بما في ذلك المستشفيات والمدارس والمواقع الأثرية الدينية والثقافية والمخابز والمنازل”.