وجّه الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسالة رسمية إلى رئيس دولة الاحتلال إسحق هرتسوغ، دعاه فيها إلى العفو الكامل عن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، الذي يواجه ثلاث قضايا فساد أمام القضاء، واصفًا تلك التهم بأنها “ذات دوافع سياسية وغير مبرَّرة”.
وجاءت الرسالة، التي أُرسلت يوم الأربعاء، في وقتٍ تشهد فيه دولة الاحتلال اضطرابًا سياسيًا واسعًا وسط استمرار المحاكمات ضد نتنياهو، وتزايد الجدل حول مستقبل القيادة السياسية بعد الحرب على غزة ولبنان.
وقال ترامب في نص رسالته إلى هرتسوغ: “بينما تمضي دولة إسرائيل العظيمة والشعب اليهودي المذهل قدمًا بعد الأوقات العصيبة في السنوات الثلاث الماضية، أدعوكم إلى العفو الكامل عن بنيامين نتنياهو، الذي كان رئيس وزراء حربيًّا قويًّا وحاسمًا، ويقود الآن إسرائيل نحو السلام، في إطار عملي المستمر مع قادة الشرق الأوسط لإضافة مزيد من الدول إلى اتفاقات أبراهام التي غيّرت وجه العالم”.
وأضاف ترامب أن التهم الموجّهة لنتنياهو تمثّل “ملاحقة سياسية غير عادلة”، مشيدًا بما وصفه بـ “دور نتنياهو في تحقيق السلام مع الدول العربية”، في إشارة إلى اتفاقات التطبيع التي رعتها إدارة ترامب عام 2020.
وتابع في رسالته: “إسحق، لقد بنينا معًا علاقة رائعة أعتز بها، واتفقنا منذ لحظة تنصيبي في يناير على أن الأولوية كانت لإعادة الرهائن وإنجاز اتفاق السلام، والآن، بعد أن حققنا هذه النجاحات غير المسبوقة، وحافظنا على ردع حماس، حان الوقت للسماح لبيبي بتوحيد إسرائيل عبر العفو عنه ووضع حد نهائي لما يُعرف بحرب القانون”.
قضايا الفساد والجدل المتصاعد
يُحاكم نتنياهو بتهم الاحتيال والرشوة وخيانة الأمانة، وهي التهم التي نفى صحتها جميعًا، وتشمل إحدى القضايا اتهامه بتلقّي هدايا فاخرة تتجاوز قيمتها 260 ألف دولار من رجال أعمال مقابل تسهيلات سياسية، فيما تتعلق القضايا الأخرى بمحاولته الحصول على تغطية إعلامية مفضّلة من مؤسستين إعلاميتين داخل دولة الاحتلال.
ويملك رئيس الدولة، إسحق هرتسوغ، صلاحية منح العفو، لكن القانون ينص على أن طلب العفو يجب أن يُقدَّم رسميًا من الشخص المعني أو أحد أفراد أسرته.
وفي تعليق مقتضب على رسالة ترامب، قالت الرئاسة الإسرائيلية إنها “تحمل تقديرًا كبيرًا للرئيس ترامب”، لكنها شددت على أن “أي طلب للعفو يجب أن يُقدَّم وفق الإجراءات القانونية المعمول بها”.
ولا تعد رسالة ترامب هذه الأولى من نوعها، إذ سبق أن دعا في أكثر من مناسبة إلى إسقاط القضايا ضد نتنياهو، معتبرًا أن تلك المحاكمات “تستهدف زعيمًا قويًا وقف في وجه أعداء إسرائيل”، وهو ما أثار انتقادات واسعة من المعارضة الإسرائيلية التي رأت في هذه الدعوات تدخلًا مباشرًا في شؤون القضاء ومحاولة لتسييس العدالة.
وتُرجَّح المعارضة وقوف دوافع ترامب السياسية خلف مطالباته أيضًا، إذ إن تحالفه الطويل مع نتنياهو يعود إلى حقبة “صفقة القرن” واتفاقات أبراهام، التي روّج لها بوصفها “إنجازًا تاريخيًا” لإدارته.
ومنذ بدء المحاكمات عام 2020، جرى تأجيل جلسات محاكمة نتنياهو مرارًا لأسباب متعددة، من بينها العمليات العسكرية التي شنها جيش الاحتلال على غزة وسوريا وإيران، ما أدى إلى تأجيلات متتالية ساهمت في إطالة أمد القضايا.
وفي الوقت ذاته، حاول نتنياهو الدفع نحو تعديلات قضائية مثيرة للجدل، قال معارضوه إنها تهدف إلى إضعاف السلطة القضائية والسيطرة على المحكمة العليا، وهي الإصلاحات التي أشعلت احتجاجات غير مسبوقة في شوارع تل أبيب قبل أن تخمد بعد اندلاع الحرب الإسرائيلية على غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وتعيد رسالة ترامب الأخيرة الجدل إلى الواجهة، وتكشف عن تداخل المصالح الشخصية والسياسية بين واشنطن وتل أبيب، في وقتٍ تتزايد فيه الانتقادات الدولية لطريقة إدارة دولة الاحتلال لحربها على غزة، وللنفوذ المتنامي الذي يمارسه نتنياهو حتى وهو داخل أروقة المحاكم.







