قدمت تركيا رسمياً يوم الأربعاء طلب تدخلها لصالح فلسطين في محكمة العدل الدولية في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد الاحتلال في غزة.
ورغم إعلان أنقرة رسمياً في أيار/مايو أنها ستنضم إلى القضية، إلا أن التعقيدات القانونية للتطبيق والعواقب المستقبلية المحتملة وضعتها أمام مداولات استمرت شهوراً قبل تقديم تدخلها.
ونشر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على منصة X: “بفضل الإفلات من العقاب الذي حصلت عليه على جرائمها، تقتل إسرائيل المزيد من الفلسطينيين الأبرياء كل يوم”.
وأضاف فيدان أنه “يجب على المجتمع الدولي أن يقوم بدوره لوقف الإبادة الجماعية وممارسة الضغوط اللازمة على إسرائيل وأنصارها”، موضحاً أن بلاده “ستبذل كل جهد ممكن في هذا المسار”.
وذكرت مصادر دبلوماسية تركية أن إعلان البلاد عن التدخل في محكمة العدل الدولية يستند إلى المادة 63 من النظام الأساسي للمحكمة، والتي تسمح لأي دولة بالتدخل بمجرد الاعتقاد بأن دولة أخرى تنتهك اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 بشأن الإبادة الجماعية.
ووفقاً للمصادر “باعتبارها دولة موقعة على اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، فإن تركيا ملزمة بموجب القانون الدولي بمنع ومعاقبة أعمال الإبادة الجماعية”.
وأضاف المصدر أن “تدخل تركيا يؤكد التزامها بهذه الالتزامات ويشكل سابقة للدول الأخرى لمعالجة الأزمات الإنسانية الخطيرة على نحو مماثل”.
وقدمت نيكاراجوا وكولومبيا وليبيا والمكسيك وفلسطين وإسبانيا تدخلات سابقة في القضية، لكن المسؤولين الأتراك يزعمون أن طلب أنقرة هو الأكثر شمولاً وثباتاً حتى هذا التاريخ”.
ويمتاز الطلب التركي في توافقه مع الاستشارة الأخيرة لمحكمة العدل الدولية بشأن العواقب القانونية لسياسات الاحتلال وممارساته في الضفة الغربية المحتلة والقدس الشرقية وقطاع غزة، والتي تعتقد تركيا أنها تعزز حججها القانونية.
ومنذ أيار/مايو، شجع المسؤولون الأتراك العديد من دول المنطقة على الانضمام إلى القضية، لكن طول الفترة التي استغرقتها للقيام بذلك بنفسها كانت مفاجئة.
وفي وقت سابق من هذا العام قالت مصادر مطلعة أن هذه هي المرة الأولى التي تضطر فيها أنقرة إلى تقديم مثل هذا الطلب، وأنها بحاجة إلى استشارة مفصلة لتقديمه.
وتضمنت المداولات الداخلية قضايا مستقبلية محتملة، مثل رفع أرمينيا دعوى إبادة جماعية ضد تركيا بسبب القتل الجماعي للأرمن في عام 1915، قبل وقت طويل من تأسيس الجمهورية الحديثة.
وكان حزب المعارضة الرئيسي في تركيا، حزب الشعب الجمهوري، قد حذر الحكومة في مايو/أيار من مثل هذه الاحتمالات.
ويعتقد مسؤولون في حزب الشعب الجمهوري أن المادة 63 قد تمنح نفس الصلاحيات القضائية لدول أخرى، والتي قد تقاضي تركيا بتهم مماثلة.
وبعد وقت قصير من إعلان أنقرة عن نيتها التدخل، قال أردوغان توبراك، عضو البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري من إسطنبول، أن المجتمعات اليهودية في الغرب يمكن أن تتعاون مع الشتات اليوناني والأرمني لرفع دعاوى إبادة جماعية ضد تركيا في محكمة العدل الدولية.
ولم تتخذ المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقراً لها قراراً بعد بشأن طلبات التدخل التي قدمتها دول أخرى.
ويعتقد الدبلوماسيون الأتراك أن الاستنتاج العام للإجراءات القضائية سيستغرق من أربع إلى خمس سنوات.
وحددت المحكمة يوم 28 تشرين الأول/أكتوبر موعداً نهائياً لتقديم جنوب إفريقيا لمرافعاتها المكتوبة و28 تموز/يوليو 2025 لإسرائيل لتقديم نفس المرافعات.
وقال مصدر دبلوماسي تركي أن “هذا التدخل لا يعالج الأزمة الحالية في غزة فحسب، بل يعزز أيضاً الإطار القانوني العالمي للتعامل مع مواقف مماثلة في المستقبل”.