اقترح الرئيس الأميركي دونالد ترمب خطة “لتطهير” غزة، وقال إنه يريد من مصر والأردن أن تستقبلا الفلسطينيين من القطاع الذي أدى عدوان الاحتلال عليه إلى نزوح أكثر من 90% من السكان.
ووصف ترمب غزة بأنها “موقع هدم” وقال إنه تحدث إلى العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني بشأن إخراج الفلسطينيين من القطاع.
ومن على متن طائرة الرئاسة الأميركية، أخبر ترمب الصحفيين: “أود أن تستقبل مصر والأردن الناس“، مضيفا أنه يخطط للتحدث إلى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي يوم الأحد بهذا الصدد.
وتحدث ترمب عن غزة التي يبلغ عدد سكانها نحو 2.4 مليون نسمة قائلاً “أنت تتحدث عن مليون ونصف المليون شخص على الأرجح، ونحن ننظف هذا الأمر بالكامل“، مضيفا أن “شيئاً ما يجب أن يحدث“.
وكانت الغالبية العظمى من سكان غزة قد نزحوا بسبب عدوان الاحتلال الذي استمر 15 شهراً، والذي دمر جزءاً كبيراً من غزة وأسفر عن استشهاد أكثر من 47 ألف فلسطيني.
وفي عدة مناسبات خلال شهور الحرب، دعا الساسة الإسرائيليون إلى نقل الفلسطينيين إلى مصر، وهو ما أدانته منظمات حقوق الإنسان باعتباره دعماً لـ “التطهير العرقي” في غزة.
وعبّر وزير الأمن القومي اليميني المتطرف السابق إيتامار بن غفير عن دعمه الشديد لاقتراح ترمب.
وقال في منشور على X يوم الأحد “أحد مطالبنا من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو هو تعزيز الهجرة الطوعية، عندما يطرح رئيس أعظم قوة عظمى في العالم، ترمب، هذه الفكرة شخصياً، فإن الأمر يستحق أن تنفذها الحكومة الإسرائيلية، ينبغي تعزيز الهجرة الآن“.
بدوره علق المحلل السياسي الإسرائيلي ميرون رابوبورت على فكرة “الهجرة الطوعية” بالقول أنها تحظى بدعم من مختلف دوائر الطبقة السياسية في دولة الاحتلال، لكنه أشار إلى أن القضية “ليست في أيديها“.
وأضاف أنه ولكي تنجح الخطة فإنه يتعين على الفلسطينيين الموافقة على مغادرة وطنهم، والأهم من ذلك، أن تكون مصر والأردن على استعداد لاستقبال مئات الآلاف منهم.
وقال رابوبورت لموقع ميدل إيست آي: “تود إسرائيل أن يختفي جميع الفلسطينيين من غزة، وهذا واضح، ولكن هل تعتقد أن الفلسطينيين سيوافقون على الانتقال؟ هل تعتقد أن الأردن أو مصر ستوافقان على استقبالهم؟ لا أعتقد ذلك“.
يذكر أنه كان قد تم التوصل إلى اتفاق هش لوقف إطلاق النار منذ 19 يناير/كانون الثاني، وفي يوم السبت، أكملت دولة الاحتلال وحركة حماس عملية تبادل الأسرى الثانية، حيث أطلقت الأخيرة بموجبها سراح أربع جنديات إسرائيليات مقابل 200 أسير فلسطيني.
ويوم الأحد، منع الاحتلال أكثر من 600 ألف فلسطيني من العودة إلى ديارهم في شمال غزة المدمر بشكل كبير، بعد أزمة متعلقة بالإفراج عن إحدى الأسيرات، قبل أن تحل المشكلة ويتدفق النازحون إلى شمال غزة منذ فجر الإثنين.
وقال ترمب: “أفضل أن أشارك مع بعض الدول العربية بناء مساكن في مكان مختلف حيث يمكن الفلسطينيين العيش في سلام“، مضيفاً أن نقل سكان غزة قد يكون “مؤقتاً أو قد يكون طويل الأمد“.
وقال رابوبورت إنه من غير المرجح أن تحاول إسرائيل إجبار مصر والأردن على قبول الفلسطينيين في أراضيهما إذا كان ذلك يعرض اتفاقيات السلام التي أبرمتها مع البلدين للخطر.
“اتفاقيات السلام مع الأردن ومصر أكثر أهمية من الناحية الاستراتيجية لإسرائيل من تقليص عدد سكان قطاع غزة” – ميرون رابابورت، محلل
“التعامل مع القضية كعقار”
من ناحيته، اعتبر الناشط الحقوقي الفلسطيني البارز أمير مخول اقتراح ترامب جزءاً من مشروع أمريكي يهدف إلى “إعادة الإعمار والهندسة الديموغرافية السياسية دون مخيمات ومحاولة لتفكيك روابط الشعب الفلسطيني“.
وقال مخول لميدل إيست آي “عندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية، لا يوجد نقل مؤقت للسكان بل نزوح دائم، كما كانت الحال منذ عام 1948 مع اللاجئين و1967 مع النازحين“.
ورأى مخول أن “حديث ترمب عن قطاع غزة يكشف عن نواياه في التعامل مع القضية الفلسطينية كعقار، فضلاً عن محاولة السيطرة على القطاع والموارد الاقتصادية، وخاصة الغاز الطبيعي في بحر غزة“.
وبالنسبة لأحمد درملي، الصحفي الذي تحدى أوامر الاحتلال ورفض مغادرة شمال غزة طوال الحرب، فإن اقتراح ترمب يستدعي محاكاة النزوح الجماعي للفلسطينيين خلال النكبة عام 1948.
“لمدة 15 شهراً، عشت ظروفًا تفوق الخيال، فقدت أفضل أصدقائي وبيتي وعملي، ومع ذلك بقيت ثابتاً على أرضي في الشمال، هذا ليس خياراً، لن يترك الفلسطينيون أرضهم، إنها جزء من هويتنا”. أحمد الدرملي – صحفي من شركة غزة
وتابع يقول لموقع ميدل إيست آي: “نحن شعب يستحق الاحترام، غريب كيف يمكن لرئيس دولة كبرى أن يقترح ببساطة إبعادنا عن أرضنا بعد كل المعاناة التي تحملناها“.
“موقف غير مقبول سياسياً”
وكانت مصر قد حذرت في وقت سابق من أي “تهجير قسري” للفلسطينيين من غزة إليها، وقال السيسي إن مثل هذه الخطوة قد تعرض معاهدة السلام لعام 1979 مع إسرائيل للخطر.
أما وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي فقد قال يوم الأحد إن رفض بلاده لأي تهجير للفلسطينيين “حازم ولا يتزعزع“.
ويستضيف الأردني نحو 2.3 مليون لاجئ فلسطيني مسجل، وفقًا للأمم المتحدة، باتوا يحملون حق المواطنة الفعلي فيه.
وقال مخول “لن تقبل مصر والأردن اقتراح ترمب لأنه موقف غير مقبول سياسياً ويشكل تهديداً للأمن القومي لكل منهما“.
وتعهدت إدارة ترمب القادمة “بالدعم الثابت” لإسرائيل لكنها لم تحدد بعد استراتيجية أوسع للشرق الأوسط.
وأكد الرئيس الأميركي، السبت، أنه وجه البنتاغون بالموافقة على تسليم قنابل تزن 907 كيلوغرامات إلى إسرائيل، وهي الشحنة التي أوقفها الرئيس السابق جو بايدن.
وقال ترمب للصحفيين: “أنفذنا هذه الشحنة اليوم، وسيحصلون عليها، لقد دفعوا ثمنها، وكانوا ينتظرونها منذ فترة طويلة كانت فيها مخزنة“.
للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)