تزامناً مع الحرب على غزة… شركة ميتا تصر على تقييد المحتوى المؤيد لفلسطين من جديد!

بقلم نديم الناشف

ترجمة وتحرير مريم الحمد

كفلسطيني، أستطيع القول أن ميتا قد خذلتني  مرة أخرى، فقد كشف تقرير للغارديان عن آخر أمثلة ذلك الخذلان، من خلال ميزة جديدة في تطبيق واتس آب تسمح للمستخدمين البحث في الصور التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي داخل التطبيق عن صور عنصرية ضد الفلسطينيين.

وفقاً لتقرير صحيفة الغارديان، فإن البحث عن “فتى مسلم فلسطيني” أدى إلى ظهور رسم لصبي يحمل مسدساً، في حين أظهر البحث عن “فتى إسرائيلي” أطفالاً مبتسمين يلعبون!

رغم كل الجهود التي قامت بها الشركة لتقييد ومحاربة المحتوى المؤيد لفلسطين، إلا أن الحرب الأخيرة كانت بمثابة اختبار فشلت فيه ميتا بكل تأكيد

ليس ذلك بجديد على ميتا على أية حال، فخلال 7 سنوات قضيتها في إدارة منظمة الحقوق الرقمية الفلسطينية “حملة”، شاهدت الكثير من الأمثلة على هذا التوجه، واليوم لك أن تتخيل أننا وصلنا لمرحلة يظهر فيها الذكاء الاصطناعي التوليدي متحيزاً ضد الفلسطينيين!

ولا يخفى على أحد ما تقوم به ميتا من أجل إسكات الأصوات الفلسطينية أو المؤيدة لفلسطين وتقييدها، وقد ظهر هذا جلياً مرة أخرى مع تصاعد الإبادة الجماعية في غزة، خاصة مع اعتماد الناس الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي إما لمشاركة الحقيقة أو للبحث عنها ونشرها، عبر استهداف وإزالة المحتوى المؤيد للفلسطينيين.

رغم كل الجهود التي قامت بها الشركة لتقييد ومحاربة المحتوى المؤيد لفلسطين، إلا أن الحرب الأخيرة كانت بمثابة اختبار فشلت فيه ميتا بكل تأكيد.

إسكات صوت الفلسطينيين

خلال أكتوبر، قامت ميتا بتعطيل صفحة فيسبوك لشبكة القدس الإخبارية، ولديها 10 ملايين متابع، إلى جانب عدد من الصفحات الإعلامية الفلسطينية الأخرى، ولكن ذلك لم يكن كافياً، فسرعان ما بدأت إسرائيل الضغط على شركات وسائل التواصل الاجتماعي في محاولة للسيطرة على السردية.

 ليست هذه هي المرة الأولى التي يخذل فيها ميتا الفلسطينيين بطبيعة الحال، ففي مايو عام 2021، عندما تحركت قضية الإخلاء القسري من حي الشيخ جراح في القدس الشرقية، لجأ الفلسطينيون إلى وسائل التواصل الاجتماعي لمشاركة وجهات نظرهم، ولكن رقابة ميتا كانت في مواجهتهم.

لماذا يبدو أن كل هذه الأخطاء التقنية تخص الفلسطينيين حصراً؟ ولماذا يتكرر هذا النمط مع كل تصعيد؟

لاحقاً، في 2022، أشار تقرير، قامت ميتا بطلبه، إلى أدلة على التحيز ضد الفلسطينيين، فقلت في نفسي ربما هي بوادر تغيير، ولكن التقرير جاء مخيباً لكل آمالي، فقد وصف الرقابة والتقييد من قبل ميتا بأنها “مواطن خلل فنية”.

من أهم القضايا “التقنية” على تلك الرقابة الجائرة، أنه قد تم تصنيف الرموز التعبيرية للعلم الفلسطيني من قبل إنستغرام على أنها “قد تكون مسيئة” ، مما أدى إلى إخفائها، كما واجه مستخدمون فلسطينيون على فيسبوك وإنستغرام”خطأ فني” آخر أدى إلى منع عرض صور الضحايا الفلسطينيين في المستشفيات، لاعتبارها صوراً “عارية”.

ومن بين أكثر الأمثلة إثارة للقلق، الترجمة الخاطئة التي لا يمكن تفسيرها من قبل ميتا لعبارات عربية غير ضارة مثل كلمة “إرهابي”، ولكن الشركة أرجعت ذلك لاحقًا إلى خطأ تفسيري، فليس هناك أي تحقيق عن الخطأ الفني، والأهم من ذلك أنه لا يوجد ما يمنع حدوثه مرة أخرى.

تشكيك الرأي العام

السؤال الذي يطرح نفسه، لماذا يبدو أن كل هذه الأخطاء التقنية تخص الفلسطينيين حصراً؟ ولماذا يتكرر هذا النمط مع كل تصعيد؟

إن استخدام كلمة “إرهابي”، بدلاً من المصطلح الأكثر حيادية، لم يؤد إلا إلى زيادة التشكيك من طرف الرأي العام حول مصداقية الشركة وقدرتها على معاملة المستخدمين الفلسطينيين والعرب بشكل عادل.، فالحقيقة هي أن هناك تحيزًا عميقًا في البيانات وأنظمة التعلم الآلي التابعة لشركة ميتا، رغم الأسف الذي أعربت عنه.

 ليس هناك ما يشير إلى أن ميتا تعتزم إجراء تحقيق داخلي صارم على أية حال، وعلى الطرف الآخر، لم يواجه المحتوى التحريضي باللغة العبرية أو العنصرية ضد الفلسطينيين نفس القيود أو الرقابة.

في الواقع الافتراضي اليوم، أصبحت سياسات الإشراف على المحتوى محكومة بديناميكيات القوة الدولية وبالاهتمامات والمكاسب التجارية والسياسية التي لا ترى العالم إلا من خلال عدسة المصالح العالمية الأمريكية!

كل هذا يكشف عن المخاوف حول التطبيق العادل والشامل لسياسات الإشراف على المحتوى، ومدى إعطاء منصات وسائل التواصل الاجتماعي الأولوية للمصالح السياسية والاقتصادية على حساب حقوق الإنسان، في حين لا يواجه الإسرائيليون نفس الرقابة التي يواجهها الفلسطينيون.

يجب أن تكون سياسات الإشراف على المحتوى محايدة تدعم الحق في حرية التعبير، بغض النظر عن القوة السياسية أو الاقتصادية وقربها من مصالح الولايات المتحدة أو الإسرائيلية.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة