تعزل أحياء غزة بالجدران.. شركة أمريكية تكشف عن خطة لإيصال المساعدات إلى غزة بحماية من المرتزقة

كشفت شركة جلوبال ديلفري (جي دي سي) عن تفاصيل إضافية لخطة تقول إنها ناقشتها مع مسؤولين حكوميين في دولة الاحتلال لاستخدام المرتزقة لتأمين وتسليم إمدادات المساعدات إلى شمال غزة.

وذكر رئيس شركة الخدمات اللوجستية الأمريكية لموقع ميدل إيست آي أن الخطة لقيت الدعم من قبل مسؤولين عسكريين ودفاعيين، ولكن لم يتم الموافقة عليها من قبل مكتب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو.

وبحسب الشركة فإن الخطة تتضمن إنشاء مركز توزيع في منشأة جمركية سابقة كانت تديرها حماس. 

واتهم موتي كاهانا نتنياهو بـ “ممارسة ألاعيب سياسية” فيما يتعلق بالمساعدات وقال إنه مع إقالة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت وانتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة، فإنه لا يزال من غير الواضح الاتجاه الذي ستتخذه الحكومة.

وذكر كاهانا لموقع ميدل إيست آي: “أعتقد أن ترامب سيسمح للحكومة الإسرائيلية بفعل ما تريده”، مؤكدًا أن ترامب لن يدعم إنشاء مستوطنات يهودية في غزة.

وقال كاهانا: “جزء من هذه الحكومة ينظر إلى أشياء لن أكون جزءًا منها، أنا لست مهتمًا بإحضار المستوطنين إلى غزة، أنا مهتم بمساعدة المدنيين”.

ويبدو أن كاهانا يتمتع بعلاقات جيدة مع الدوائر الأمنية، إذ يضم مجلس إدارة شركة جي دي سي ومستشاريها عدداً من كبار المسؤولين العسكريين والاستخباراتيين الإسرائيليين والأميركيين السابقين.

وتثير أقوال كهانا المزيد من التساؤلات حول فشل الاحتلال في إيصال المساعدات الضرورية إلى شمال غزة خلال أسابيع من القصف الذي أسفر عن استشهاد المئات من السكان وإصدار أوامر لأكثر من 400 ألف مدني بالإخلاء إلى جنوب القطاع الفلسطيني.

ويأتي كل ذلك في ظل تفاقم الخلافات في دولة الاحتلال بشأن الاتجاه المستقبلي للحرب في غزة بعد أن ورد أن غالانت أبلغ عائلات الرهائن بعد إقالته أن قوات الاحتلال حققت جميع أهدافها في غزة ولم يعد لديها “ما تفعله” هناك.

وفسر الكثيرون تعيين نتنياهو لإسرائيل كاتس، الذي يُنظر إليه على أنه مؤيد متشدد لرئيس الوزراء، على أنه مؤشر على نية نتنياهو مواصلة الحرب.

ووصف كاهانا، وهو رجل أعمال أميركي إسرائيلي، شركته التي تتخذ من نيوجيرسي مقراً لها بأنها “مثل أوبر في منطقة حرب”، موضحاً أنه عمل على اقتراحه بشأن غزة مع مسؤولين عسكريين ودفاعيين إسرائيليين وإن الاقتراح كان على الطاولة لعدة أشهر.

وقال: “لقد تم ذلك بالفعل بالتعاون مع مكتب تنسيق أعمال الحكومة في تل أبيب”، في إشارة إلى الهيئة الحكومية الإسرائيلية المسؤولة عن أنشطتها في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وخلال الشهر الماضي، ورد أن اقتراح شركة جي دي سي نوقش في اجتماع لمجلس الوزراء في 20 أكتوبر/تشرين الأول.

وقيل لكاهانا قبل ذلك الاجتماع أن مجلس الوزراء “اتخذ قراراً باتخاذ قرار”، ومع ذلك، فقد أكد أن مجلس الوزراء “قرر بعد ذلك عدم اتخاذ قرار” وأعاد الاقتراح إلى وزارة الدفاع.

وأشار كاهانا إلى أن هناك شكوكاً حول من سيدفع ثمن الخطة، وقال إنه يناقش الأمر أيضاً مع مؤسسات دولية.

وتابع: “أخبرتني وزارة الدفاع أنه إذا كنا سندفع، فسوف يتعين علينا الدخول في نظام عطاءات”.

وتقترح خطة شركة جي دي سي، التي اطلع عليها موقع ميدل إيست آي ونشرت لفترة وجيزة على موقعها الإلكتروني في وقت سابق من هذا الأسبوع، إنشاء مركز لتوزيع المساعدات في مستودع جمركي سابق بالقرب من معبر بيت حانون (إيريز)، نقطة الدخول الرئيسية إلى شمال غزة من إسرائيل.

وتقول الخطة إن استخدام الموقع في منطقة بيت حانون من شأنه أن يخدم لإظهار “السيطرة الرمزية على منشأة سابقة لحماس”.

ووفقاً للخطة، سيتم نشر حوالي 100 مرتزق، متعاقدين مع شركة جي دي سي، لتأمين الموقع وتوفير الحماية لقوافل الشاحنات التي تقوم برحلة قصيرة من إسرائيل.

وتقترح الخطة قوة حراسة دائمة قوامها 40 فردًا حتى الوصول إلى مركز المساعدات، مع فريقين من سبعة أفراد في سيارات مدرعة لتوفير الأمن لقوافل تصل إلى 20 شاحنة مساعدات، بدعم من فريقين للاستجابة السريعة مسلحين بكثافة يتألف كل منهما من 13 فردًا.

ويدعو الاقتراح، الذي يحمل عنوان “مفهوم غزة التجريبي”، إلى إنشاء “مجتمع مسور” في بلدة بيت حانون، محمي بحزام خارجي تحرسه القوات الإسرائيلية، مع توزيع المساعدات أيضًا على مواقع في بيت لاهيا المجاورة ومخيم جباليا للاجئين.

وتشير الوثيقة إلى أن عدد سكان بيت حانون كان 70 ألف نسمة قبل أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكن معظم السكان المحليين نزحوا منذ ذلك الحين إلى جباليا القريبة.

وتقول الوثيقة: “التنسيق الوثيق مع مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق وقيادة الجيش الإسرائيلي الجنوبية هو المفتاح”.

وتتطلب الخطة أن تقوم فرق الأمن “بالحفاظ على اتصالات مستمرة مع جيش الاحتلال لضمان الوعي الظرفي في الوقت الحقيقي والصورة التشغيلية المشتركة”.

وتوصي الخطة “مكتب تنسيق أعمال الحكومة في المناطق” بتأسيس نقاط اتصال داخل المجتمع الفلسطيني في غزة للمساعدة في استلام وتوزيع” المساعدات، في حين تقوم “جي دي سي” بتوظيف “متخصصين في اللغات من بين السكان الفلسطينيين”.

“يطلق الإسرائيليون على ذلك فقاعة إنسانية، أنا لا أقوم بإنشاء فقاعات ولا أقوم ببناء أحياء فقيرة، أنا أقوم بتأمين المجتمعات للمدنيين” – موتي كاهانا، رئيس جي دي سي

وعلى الرغم من التوصية بإنشاء مركز مساعدات مأهول بشكل دائم، تشير الوثيقة إلى أن المنشأة ستصبح “هدفًا دائمًا” يتطلب توفر طائرات هليكوبتر للإجلاء الطبي على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع.

ولفت كاهانا إلى أن خطة شركة جي دي سي كانت مبنية على نموذج النظام الأميركي الذي استخدم شركات أمن خاصة في العراق بعد غزوه عام 2003.

وقال: “إذا نظرت إلى ما فعله الجنرال ديفيد بترايوس في العراق، فسوف تجد أنه أطلق على ذلك اسم مجتمع مسور، أما الإسرائيليون فيطلقون على ذلك اسم فقاعة إنسانية”.

وكان كاهانا قد ذكر الشهر الماضي لموقع واي نت نيوز الإسرائيلي أن المقاول الفرعي الذي تستخدمه شركته يتألف من “جنود سابقين من وحدات النخبة في الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا”.

ونقل عنه قوله: “لقد كانوا في بغداد وكابول، وتتكون الشركة من مدمنين للحرب وأشخاص يحبون محاربة الأشرار”.

ومع ذلك، أصر كاهانا في حديثه على أن العملية ستكون بقيادة إنسانية، وقال: “لا تريد أن يكون رجال القوات الخاصة هم القادة لأن الناس سيموتون”.

“التهجير القسري”

ويواجه الفلسطينيون في غزة كارثة إنسانية متفاقمة بعد أن صوت برلمان الاحتلال (الكنيست) الشهر الماضي على حظر عمليات الأونروا، وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين داخل إسرائيل.

وقالت الأونروا يوم الاثنين أن حظر إسرائيل لعملياتها من شأنه أن “يتسبب في انهيار العملية الإنسانية الدولية في قطاع غزة”.

وتعرضت إسرائيل لانتقادات متكررة من قبل المنظمات الإنسانية الدولية بسبب مزاعم بأنها منعت وأخرت تسليم المساعدات إلى غزة منذ بدء حربها ضد حماس في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وفي بيان صدر الشهر الماضي، حذرت 38 منظمة إغاثة، بما في ذلك أوكسفام، وأكشن إيد، والإغاثة الإسلامية، من أن شمال غزة “يُمحى من على الخريطة”.

وقالت المنظمات أنه لم يُسمَح بإدخال أي طعام إلى المنطقة منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول، وأن المدنيين يتعرضون للتجويع والقصف.

وذكر البيان أن “القوات الإسرائيلية أمرت تحت ستار الإخلاء بتهجير ما يقدر بنحو 400 ألف فلسطيني محاصرين في شمال غزة، بما في ذلك من مدينة غزة، وهذا ليس إخلاءً، بل هو تهجير قسري تحت نيران الأسلحة النارية”.

كما اتُهمت قوات الاحتلال بتنفيذ حملة تطهير عرقي تُعرف باسم “خطة الجنرالات” في مناطق شمال غزة، بما في ذلك بيت حانون وبيت لاهيا وجباليا.

وأصدرت الأوامر للسكان بالانتقال إلى جنوب غزة، وحُرِم أولئك الذين بقوا من الوصول إلى الغذاء والمياه والإمدادات الطبية، بينما كانوا يتعرضون للقصف اليومي.

ويوم 19 أكتوبر/تشرين الأول، استشهد ما لا يقل عن 73 فلسطينياً في غارات جوية استهدف الاحتلال عبرها مبنى متعدد الطوابق في بيت لاهيا، كما حاصرت قواته وقصفت المستشفى الإندونيسي في المنطقة.

وأسفر الهجوم على شمال غزة حتى الآن عن استشهاد ما لا يقل عن 1300 فلسطيني، وفقًا لمسؤولين محليين.

وبشكل عام، أسفر عدوان الاحتلال على غزة عن استشهاد ما يقرب من 43400 فلسطيني وإصابة 102 ألف آخرين منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، غالبيتهم من الأطفال والنساء، وفقاً لوزارة الصحة الفلسطينية.

للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة