يبذل المسلمون الأميركيون المنظمون لحملة كامالا هاريس الرئاسية جهوداً مضنيةً لإقناع مجتمعهم بالتصويت لها، في مساع تشير إلى أن الحزب الديمقراطي ربما خسر أصوات المسلمين.
وعلى بعد أيام قليلة من إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية، تؤكد اعترافات العديد من المنظمين المسلمين الأميركيين في مجموعة خاصة على تطبيق واتساب التقارير التي تفيد بأن دونالد ترامب لا يحظى بالزخم في أوساط المجتمع المسلم والعربي الأميركي، والأدهى والأمرّ أن العديد من أفراد هذا المجتمع قرروا بالفعل التصويت لمرشح من طرف ثالث لمحاسبة الديمقراطيين على الحرب الإسرائيلية التي ترعاها الولايات المتحدة على غزة.
“يرجى التذكير أنه عندما يبدأ ترامب في ترحيل الناس، فإن المهاجرين الشرعيين سوف يتأثرون أيضاً” – عضو مجموعة واتساب “مسلمون من أجل كامالا هاريس”
وعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، تابع موقع ميدل إيست آي عن كثب الحوارات والاستراتيجيات التي تبنتها مجموعة من المتطوعين المسلمين الذين ينشطون لصالح هاريس داخل إحدى مجموعات واتساب العديدة التي أنشئت للمساعدة في حشد المجتمع الأمريكي المسلم للتصويت لصالح نائب الرئيس الحالي.
ولكن المنظمين في المجموعة اعترفوا مراراً وتكراراً بأن الغضب والإحباط أمران متأصلان في عقول الناس، وأن إقناع الناخبين المسلمين بتأييد المرشح الديمقراطي أمر صعب، وفي بعض الأحيان مستحيل.
فقد كتب أحمد جمال في وقت سابق من هذا الأسبوع: “لسوء الحظ، لا تبدو استطلاعات الرأي جيدة والواقع على الأرض مختلف”.
وأضاف جمال: “سنواصل المحاولة والدعوة، ولكن للأسف لم تبذل الحملة ما يكفي لكسب أصوات المسلمين والتقدميين والباكستانيين وجيل Z، والواقع أن دعم الديموقراطيين غير المشروط لإسرائيل سيكلفهم هذه الانتخابات، آمل وأدعو أن أكون مخطئاً، ولكن الخريطة الانتخابية تبدو قاتمة للغاية”.
وفي أواخر الأسبوع الماضي، طلب أحد المنظمين في منشور آخر النصيحة بشأن التعامل مع صديق تحول من دعم الحزب الديمقراطي إلى الجمهوري.
وكتب محمد عثمان: “كنت أتحدث عن نجاحنا في بنك الهاتف وخرج صديقي العزيز إليّ كمؤيد لترامب على الرغم من كونه ديمقراطياً منذ فترة طويلة”.
وأوضح عثمان أن صديقه “قال إن وجهات نظره تغيرت مؤخراً وأنه بات يفضل نهجاً أكثر صرامة، خاصة فيما يتعلق بموضوعات مثل الإجهاض والسياسة الخارجية، ولكنه يعتقد بشكل أساسي أن ترامب سيكون أفضل من حيث وقف الإبادة الجماعية”.
ونقل عثمان عن صديقه أنه استشهد على مبررات تحوله السياسي بفشل إدارة بايدن في القيام بذلك، مضيفاً أن صديقه سأله “هل لديك أي أفكار هنا؟ أم أن الأمر لا يستحق وقتي”.
أما إحدى مديرات المجموعة، وتدعى فاطمة جهانجير، فقد ردت بالقول: “هذا أمر فظيع، لأكون صادقة معكم، لن أضيع وقتي”.
نقاط الحوار
وقدم مديرو المجموعة، نقاطاً للحديث واقتراحات حول كيفية إقناع المجتمع بعدم إدارة ظهورهم لهاريس.
ومن بين مدراء مجموعة الواتس أب متطوعون ومنتسبون سابقون للحزب الديمقراطي شكلوا مؤخراً حساب “مسلمون من أجل هاريس” على تويتر وحساب “نساء مسلمات من أجل هاريس” على إنستغرام،
وفي وثيقة شاركها “فريق القيادة” في 10 أكتوبر/تشرين الأول، كشفت المجموعة عن “نقاط الحديث حول سبب وجوب تصويت المسلمين لهاريس، ولماذا لا ينبغي لهم التصويت لجيل شتاين (مرشحة حزب الخضر) وسجل ترامب المناهض للمسلمين”.
وتضمنت نقاط الحديث فكرة إقناع الناخبين المترددين بأنه ليس لدى هاريس كنائبة للرئيس “سلطة اتخاذ القرار لإحداث التغيير في غزة حالياً، وأنه يجب أن يقع اللوم في الموقف الأمريكي الحالي بشكل أساسي على بايدن وليس هاريس”.
ومن بين نقاط الإقناع المذكورة أن “هاريس استضافت أول احتفال بعيد الأضحى في منزلها، مما يؤكد احترامها للمجتمعات الإسلامية. كما التقت بزعماء مسلمين في ميشيغان ومنظمات إسلامية مثل Emgage أثناء حملتها”.
وقدمت المجموعة اقتراحات أخرى بتثبيط عزيمة المهتمين بالمرشحة المستقلة جيل شتاين، من خلال الإشارة إلى أرقامها المنخفضة في استطلاعات الرأي، و”ارتباطاتها المزعومة بمجرمي الحرب” مثل بشار الأسد وفلاديمير بوتن.
وقد نفت شتاين هذه المزاعم مراراً وتكراراً ولم تجد لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي شيئاً يثبت المزاعم حولها.
كما يتهم داعمو هاريس شتاين بالتقليل من شأن عودة ترامب كرئيس واستغلال “آلام المجتمع المسلم بشكل انتهازي لحشد الأصوات والاهتمام في انتخابات تعلم أنها ليس لديها فرصة للفوز فيها”.
وفي مجموعة الواتس أب ذاتها، يجري باستمرار إنهاء العديد من المحاولات لمناقشة إخفاقات هاريس من قبل الأعضاء، حيث دعا المنظمون الأعضاء إلى التركيز بدلاً من ذلك على حشد الناخبين.
وقال بلال بوادي، وهو أحد مؤسسي المجموعة: “تريد هاريس إنهاء الحرب وإنشاء دولة فلسطينية، لدينا الفرصة للضغط عليها بشأن هذا الوعد بمجرد انتخابها”.
وفي مناسبات أخرى، نشر المتطوعون رسائل ألقت باللوم على الفلسطينيين لاستخدامهم لغة خاطئة لإقناع إدارة بايدن-هاريس بتغيير مسارها بشأن الحرب.
وكتب أحد المشاركين في المجموعة: “لم يكن ينبغي استخدام كلمة الإبادة الجماعية منذ البداية، وأعتقد أن استخدامها من قبل الحركة المؤيدة لفلسطين خلال العام الماضي لم يكن خاطئاً فحسب، بل كان أيضاً مسؤولاً عن تأجيج استمرار الحرب والمعاناة من خلال تخفيف وتلويث الرسالة، لذلك أعتقد أن هاريس حكيمة بنسبة 100٪ لعدم استخدام هذا المصطلح”.
لا يزال هذا التعليق مثبتاً في المجموعة منذ 27 أكتوبر/تشرين الأول.
كما وجد المتطوعون صعوبة بشكل روتيني في شرح كيفية تحويل إجابات هاريس بشأن غزة لبعضهم البعض، ناهيك عن الناخبين المحتملين.
وفي أوائل أكتوبر/تشرين الأول، سُئلت هاريس عما قد تفعله بشكل مختلف عن بايدن. فأجابت: “لا شيء يخطر ببالي”.
ومثل استراتيجية الحزب الديمقراطي، كانت نقاط الحديث في المجموعة تدور حول شيطنة ترامب، والتقليل من ميل الديمقراطيين لتأييد إسرائيل، فضلاً عن انتقاد المعلقين السياسيين باعتبارهم غرباء لا يفهمون النظام السياسي الأمريكي.
كما كتب عدنان إبراهيم: “أرجو تذكير الناس أنه عندما يبدأ ترامب في ترحيلهم، فسوف يتأثر المهاجرون الشرعيون أيضاً، فليس مكتوباً على وجوهنا أننا قانونيون، سوف يضايقوننا أولاً، ويطلبون أوراقاً وربما يسجنوننا قبل أن نتمكن من إثبات شرعية وجودنا”.
وبعد انتشار مقطع فيديو للمحلل السياسي المسلم سامي حمدي يدعو فيه الأمريكيين المسلمين إلى التصويت لحزب ثالث في أكتوبر/تشرين الأول، سأل أحد المتطوعين كيف يمكنهم مواجهة حجته أمام الذين اقتنعوا بها.
وردت جهانجير: “هذا الرجل ليس مواطناً أمريكياً، بل هو أجنبي، ولم يدرس النظام السياسي الأمريكي، ولن يتأثر بالتصويت، ولا يفهم نظامنا الانتخابي، ولا يفهم الفرق بين المجتمع المسلم الأمريكي والمجتمع المسلم في المملكة المتحدة”.
وأضافت جهانجير: “لماذا علينا أن نأخذ النصيحة من هذا الرجل بالذات بشأن هذه القضية؟”.
النضال من أجل الاهتمام
ومنذ أصبحت هاريس مرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة، وجد المسلمون الأمريكيون، مثلهم كمثل أي فئة سكانية أخرى، صعوبة في فهم ما قد تقدمه نائبة الرئيس كرئيسة للولايات المتحدة.
وقد أدى تذبذب هاريس المستمر بشأن القضايا المحلية بالإضافة إلى غموضها بشأن السياسة الخارجية إلى زيادة صعوبة حشد المنظمين لصالحها.
ولم تكافح هذه المجموعة بالذات لإقناع الناخبين المترددين فحسب، بل كافحت أيضاً لجذب المتطوعين.
فقد كتب أحد المتطوعين: “ما هو هدفنا من عضوية هذه المجموعة، نحن الآن عند 79 عضواً قبل 29 يوماً، بصراحة، بعض مجموعات المدارس الثانوية والكليات التي أنتمي إليها لديها المزيد من الأعضاء وأنا أواصل العمل هناك أيضاً”.
وبحلول 31 أكتوبر/تشرين الأول، انتقلت المجموعة إلى 115 عضواً، في أعقاب مخاوف من تسلل مثيري الشغب إليها.
ومع تباطؤ النضال من أجل المتطوعين وفشل محاولات خلق الزخم على وسائل التواصل الاجتماعي، راقبت المجموعة بازدراء زخم حملة ترامب مع المسلمين.
فعلى مدى الشهر الماضي، حصل ترامب على تأييد عامر غالب من هامترامك، ثم بيل بازي، أول عمدة مسلم وعربي أميركي لديربورن هايتس وإمام منطقة ديترويت.
كما أيدت لجنة عمل سياسي باكستانية ترامب في أواخر أكتوبر/تشرين الأول، مما دفع أعضاء مجموعة واتساب هاريس، التي تتألف من العديد من الأمريكيين من أصل باكستاني، إلى إطلاق مجموعة من الرسومات الخاصة بهم لدعم المرشحة الديمقراطية.
وكتب بلال بدوي: “يرجى إرسالها إلى خالاتك وأعمامك، لقد عملنا بجد على هذه الرسومات”.
وعندما سأل المتطوعون في المجموعة لماذا لم تظهر هاريس بانتظام مع زعماء مسلمين أميركيين على خشبة المسرح في التجمعات أو في جلسات التصوير، رد بدوي: “أعلم يقينا أن حملة هاريس-والز كانت تحاول لقاء أئمة لكن العديد منهم تم استقطابهم من قبل المركزية العرقية والحماسة الشديدة”.
وأضاف بدوي: “هناك الكثير من الممارسات الدينية الخاطئة ونظريات المؤامرة القديمة والتضليل، وأعتقد حقاً أننا نتعرض للاستغلال في الوقت الحالي من قبل اليمين البديل والجهات الأجنبية”.
ثم بادر بدوي إلى نشر سلسلة من الروابط من وسائل التواصل الاجتماعي لإظهار أن هاريس التقت بالعديد من زعماء المجتمع خلال الشهر الماضي.
ومع ذلك، لاحظ آخرون أن الاتصالات الهاتفية العدوانية أسفرت عن نتائج إيجابية ونجحت في تغيير بعض العقول.
فقد علق أحد المتطوعين كاتباً: “مرحبا، أنا جديد في المجموعة، لقد كنت أتحدث عبر الهاتف على مدار الساعات الخمس الماضية، وخضت العديد من المحادثات الرائعة مع الناخبين المستقلين والديمقراطيين الذين لم يحسموا أمرهم والذين كانوا يخططون للانسحاب من هذه الانتخابات والذين كانوا في صراع عميق حول ما يجب عليهم فعله”.
وأضاف: “لقد شاركت تجاربي كطبيب أطفال حظيت بامتياز رعاية الأطفال من غزة ولماذا، على الرغم مما رأيته وسمعته، ما زلت أحشد الدعم لتذكرة هاريس-والز”.
وتابع يقول: “خيبة أملي العميقة ساعدتني في فتح الباب للمحادثة، وفي النهاية، قرر كل من تحدثت إليه التصويت لهاريس بما في ذلك أحد الناخبين السابقين لترامب”.
وفي منشور في مجموعة واتس أب في وقت سابق من هذا الأسبوع، أبدى متطوع آخر أسفه لكثرة عدد المتابعين الذين جمعهم حساب مسلمون من أجل ترامب على إنستغرام خلال الأسابيع القليلة الماضية.
وقال المتطوع، وهو يشارك حساب مسلمون من أجل ترامب على إنستغرام: “من هم هؤلاء الأشخاص؟ لديهم متابعون أكثر منا بكثير”، فأجابه متطوع آخر: “ربما دفعوا لهم المال”.
للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)
*نظراً لأن مجموعة واتس أب التي تم النشر عنها هي مجموعة خاصة، فقد تم تغيير أسماء المنظمين لحماية هوياتهم.