نقلت مؤسسة سيناء لحقوق الإنسان عن مقاولين مصريين تأكيدهم أن أعمال بناء تجري على قدم وساق لإنشاء منطقة أمنية على امتداد حدود غزة مع مصر يمكن أن تستقبل اللاجئين الفلسطينيين النازحين من الهجوم الإسرائيلي المتوقع على رفح.
ووفقاً لتقرير نشرته المؤسسة الأربعاء فإن المنطقة الواقعة في شبه جزيرة سيناء محاطة بأسوار يبلغ ارتفاعها سبعة أمتار، حيث تقتضي خطة العمل استصلاح منازل سكان المنطقة الأصليين التي سبق أن دمرها الجيش المصري بغية إسكان الغزيين المرحلين فيها.
وأظهر التقرير مشاهد يظهر فيها مسؤولون مصريون حضروا للمنطقة في سيارات رباعية الدفع بالإضافة إلى عدد كبير من المعدات والجرافات.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، نشر الصحفي المصري أحمد المدهون مقطع فيديو على الإنترنت أظهر عمالًا يقومون بتعزيز الجدار الأمني الذي يفصل بين مصر وغزة.
وجاء هذا التقرير بعد أن توعد الجيش الإسرائيلي مراراً وتكراراً بشن هجوم بري على مدينة رفح بجنوب غزة التي يتكدس فيها ما لا يقل عن 1.3 مليون فلسطيني نزحوا من مواقع أخرى في القطاع الفلسطيني.
وكانت وسائل الإعلام قد نشرت منذ أن بدأت الحرب على غزة في تشرين الأول/ أكتوبر عدة مقترحات إسرائيلية تفصل خططًا لدفع الفلسطينيين من غزة إلى مصر وهو ما رفضته القاهرة.
وقال طارق كيني الشوا، الزميل السياسي الأمريكي في شبكة السياسات الفلسطينية، إن المنطقة العازلة “ترمز إلى نكبة عام 1948 وإعادة انتاجها بشكل أسوأ”، مبيناً أن ” إنشاء المنطقة يعني أن على الآلاف أو الملايين من الفلسطينيين تحمل وحشية التقدم الإسرائيلي المتوقعة في رفح أو العبور مجبرين عبر الحدود إلى سيناء، حيث قد لا يُسمح لهم بالعودة أبداً وسيضطرون إلى العيش في طي النسيان في المستقبل المنظور”.
ووفقاً لكيني الشوا، فإن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي سيضع المصريين في موقف صعب في حالة مضيه قدماً في خطط المنطقة العازلة، وسوف يلطخ اسمه إلى الأبد في أعين الفلسطينيين والعرب باعتباره الشخص الذي سهّل الجولة الأخيرة من الطرد الجماعي للفلسطينيين”.
من جانبه، ذكر حسين بيومي، مسؤول السياسة الخارجية في منظمة العفو الدولية، أن تصرفات الرئيس المصري تتناقض مع مزاعمه بالقلق مما يحدث في غزة على الرغم من أن الخطط المتعلقة بهذه المنطقة غير واضحة حتى الآن.
وأضاف بيوم: ” من الواضح أن إسرائيل تنتهك القانون الدولي، وأي محاولات لتهجير السكان الفلسطينيين قسراً يمكن أن تكون جريمة ضد الإنسانية أو جريمة حرب أو كليهما، حيث تتحمل إسرائيل باعتبارها القوة المحتلة المسؤولية النهائية في هذا السياق”.
وأضاف أيضًا أن الحكومة المصرية قامت بقمع المصريين المتظاهرين من أجل الحقوق الفلسطينية و” فشلت في التزاماتها بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية في اتخاذ التدابير اللازمة لمنع انتهاك الاتفاقية”.
وأوضح أن مصر فشلت أيضًا في استنفاد جميع الجهود الدبلوماسية للسماح بإيصال المساعدات ولم تسمح لأي مراقبين مستقلين بالوصول إلى غزة عبر حدودها.
وتشير المعلومات إلى ارتباط تأسيس المنطقة العازلة باسم رجل الأعمال المصري إبراهيم الأورجاني، الذي يعتقد أن له علاقات بحكومة السيسي والذي نقلت تقارير نشرت الشهر الماضي شهادات عن ممارسة إحدى شركاته للتربح من معبر رفح بالتعاون مع جهات من أجهزة الأمن المصرية.
وذكرت مؤسسة خيرية دولية أن شركة أبناء سيناء للبناء والمقاولات تطالب بـ “رسوم إدارية” للسماح بعبور المساعدات من مصر إلى غزة.
وتزعم تقارير إعلامية أن مجموعة أورجاني، التي تعد شركة أبناء سيناء جزءاً منها، هي المستفيد النهائي من البيع المربح لتصاريح “المسار السريع” للفلسطينيين الراغبين في النزوح من الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة.
وخلص تحقيق استقصائي أجراه مشروع الإبلاغ عن الجريمة المنظمة والفساد (OCCRP) والموقع الإلكتروني المصري المستقل صحيح مصر، إلى أن الوسطاء كانوا يبيعون تصاريح الخروج بأسعار تتراوح بين 4500 دولار إلى 10000 دولار للفلسطينيين، و650 إلى 1200 دولار للمصريين.
وقال بيومي: ” التقارير المثيرة للقلق حول ابتزاز الفلسطينيين على الحدود، بما في ذلك من قبل شركة مرتبطة بالحكومة، تشير إلى أن الحكومة تشارك عن علم في هذه العملية أو على الأقل غير راغبة في حماية الفلسطينيين من الابتزاز”.