تقديرات أميركية: لبنان يقترب من إعلان إنهاء الوجود المسلح لحزب الله في الجنوب

رجَّحت مصادر أمريكية أن يعلن لبنان، خلال “الأسابيع المقبلة”، استكمال نزع السلاح بشكل كامل في جنوب البلاد، في وقت يستعد فيه الجيش اللبناني للتعامل مع مخازن السلاح في الشمال.

وتتزامن هذه التقديرات الأميركية مع دخول بيروت في محادثات مباشرة غير مسبوقة مع دولة الاحتلال برعاية الولايات المتحدة.

وقال إد غابرييل، رئيس “فريق العمل الأميركي من أجل لبنان” ومقرّه واشنطن، إن التقدم في جنوب نهر الليطاني بات ملموسًا، مشيرًا إلى أن الجيش اللبناني “يحقق تقدمًا كبيرًا، وقد بدأ الآن التركيز على التخطيط للشمال”.

وجاءت أقوال غابرييل خلال إفادة صحفية عقدها الأربعاء عقب جولة إقليمية التقى خلالها مسؤولين أميركيين وعربًا.

وبموجب اتفاق وقف إطلاق النار الموقّع مع دولة الاحتلال أواخر عام 2024، كان الجيش اللبناني قد باشر عمليات البحث عن أسلحة حزب الله وتدميرها جنوب نهر الليطاني.

ويأتي الإعلان المحتمل عن إنجاز هذه المهمة في توقيت بالغ الحساسية بالنسبة للبنان، الذي وصفه مسؤول أميركي رفيع مؤخرًا بأنه “دولة فاشلة”.

وفي موازاة ذلك، دخلت بيروت في محادثات مباشرة مع دولة الاحتلال بوساطة أميركية، رغم استمرار تعرض لبنان لغارات الاحتلال من الجنوب.

وتساءل غابرييل: “هل من شأن إعلان نزع السلاح أن يدفع إسرائيل إلى إدراك أن الأمور تتقدم وأن عليها الانخراط مع اللبنانيين؟”، مضيفًا: “نأمل أن تقوم الولايات المتحدة بالتحقق من أي ادعاء لبناني بهذا الشأن”.

وكان لبنان قد أعلن في وقت سابق استعداده لقبول انتشار قوات أميركية أو فرنسية في الجنوب للتحقق من عمل الجيش اللبناني.

في المقابل، شنّت دولة الاحتلال موجات متتالية من الغارات على لبنان، متهمة حزب الله بمحاولة إعادة التسلح وترسيخ وجوده. 

وفي نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، اغتال جيش الاحتلال القيادي البارز في حزب الله هيثم علي طباطبائي في أحد الأحياء المكتظة جنوب بيروت، ما فاقم منسوب التوتر.

تراجع حزب الله

ودخل لبنان دوامة الصراع بعد أن بدأ حزب الله باستهداف دولة الاحتلال عقب هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023. 

غير أن هذا التدخل ارتدّ بقسوة على الحزب، الذي كان يُعد أكبر منظمة فاعلة مسلحة في العالم، إضافة إلى كونه قوة سياسية وازنة داخل لبنان.

فقد اجتاح جيش الاحتلال جنوب لبنان، واغتال الأمين العام التاريخي للحزب حسن نصر الله، ودمّر أجزاء واسعة من ترسانة الحزب العسكرية. 

كما شكّل سقوط نظام بشار الأسد في سوريا في ديسمبر/كانون الأول 2024 ضربة إضافية للحزب، إذ فقد حليفًا محوريًا كانت أراضيه تمثل جسر إمداد رئيسيًا من إيران.

وبعد توقيع حزب الله على اتفاق وقف إطلاق النار، باشر الجيش اللبناني عملية نزع سلاحه، ونص الاتفاق على منح دولة الاحتلال هامشًا واسعًا لتوجيه ضربات ضد الحزب “عند الضرورة”، بدعم أميركي.

وواصل حزب الله سياسة احتواء تلك الضربات من دون ردّ عسكري، فيما نصّ الاتفاق صراحة على أن يكون الجيش اللبناني القوة المسلحة الوحيدة في البلاد.

وسعت الحكومة اللبنانية إلى تجنب مواجهة مباشرة مع الحزب، مفضّلة نشر الجيش اللبناني بالتوافق.

ويرى محللون ودبلوماسيون أن الجيش اللبناني حقق تقدمًا حقيقيًا في نزع السلاح، إلا أن هذا التقدم جاء مدعومًا بقبول ضمني من حزب الله بالانسحاب من الجنوب.

ومع ذلك، لا يزال الحزب يصرّ على الاحتفاظ بسلاحه، معتبرًا أن دولة الاحتلال تشكل تهديدًا دائمًا، لا سيما في ظل استمرار احتلالها خمس تلال حدودية داخل الأراضي اللبنانية. 

ويؤكد دبلوماسيون غربيون وعرب أن الحزب ما زال يمتلك ترسانة في جنوب بيروت وفي منطقة البقاع.

تحولات إقليمية

ويقود الحكومة اللبنانية حاليًا الرئيس جوزاف عون ورئيس الوزراء نواف سلام، وكلاهما يحظى بدعم الولايات المتحدة والسعودية وقطر. 

وفي الأسابيع الأخيرة، تصاعد التوتر بين بيروت وطهران، حيث رفض وزير الخارجية اللبناني دعوة رسمية لزيارة إيران.

وبدا التحول في موازين النفوذ واضحًا هذا العام، مع تراجع الحضور العلني لمبعوثين إيرانيين، مثل علي لاريجاني، خلال زياراتهم إلى لبنان، مقابل تكثيف زيارات الموفدين الأميركيين، من بينهم مورغان أورتاغوس، إضافة إلى السفير الأميركي لدى تركيا توم باراك.

وكان لبنان ودولة الاحتلال قد أجريا محادثات غير مباشرة عام 2022 لترسيم حدودهما البحرية، فيما مثّلت محادثات ديسمبر/كانون الأول الجاري أول تواصل مباشر بين موفدين مدنيين من الجانبين، رغم معارضة حزب الله.

وفي السياق نفسه، تترقب بيروت تدفّق أموال لإعادة الإعمار من دول الخليج الغنية بالطاقة، وهي أموال كانت قد وُعدت بها مطلع عام 2025، لكنها لم تتحقق حتى الآن.

وكانت الولايات المتحدة قد أبلغت الحكومة اللبنانية سابقًا أن صرف التمويل الخليجي مشروط بإظهار تقدم ملموس في ملف نزع السلاح.

مقالات ذات صلة