هناك خطر كبير مع اقتراب المجاعة في جميع أنحاء قطاع غزة، حيث يواجه جميع السكان تقريباً مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد منهم أكثر من نصف مليون يعانون من المجاعة فعلياً، وذلك وفقاً للتقرير الصادر عن لجنة “التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC)، الجهة الأممية المسؤولة عن مراقبة الجوع العالمي.
خلص التقرير إلى أن أكثر من 20% من سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة يقضون أياماً وليال كاملة دون تناول الطعام، كما أن أكثر من نصف الأسر الفلسطينية قد استبدلت ملابسها بالمال لشراء الطعام، فيما اضطرت ثلث الأسر إلى جمع القمامة وبيعها للحصول على النقود وشراء الطعام.
كانت اللجنة الدولية قد حذرت في مارس الماضي من أن المجاعة وشيكة في غزة، وتوقعت أن تحدث بحلول نهاية مايو، فقد ذلك التقرير سبباً في زيادة الضغوط على إسرائيل، حيث أعلن محققون مستقلون تابعون للأمم المتحدة آنذاك أن إسرائيل تستخدم تجويع الفلسطينيين كسلاح حرب، تطبيقاً لسياسة العقاب الجماعي.
“وقف الأعمال العدائية بالتزامن مع وصول المساعدات الإنسانية بشكل مستدام هو الأمر الوحيد الذي يمكن أن يقلل من خطر المجاعة” لجنة “التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC)
وسط الغضب الدولي، قامت السلطات الإسرائيلية بتحسين إمكانية الوصول إلى الغذاء في بعض المناطق و”بشكل طفيف”، مما خفف من خطر المجاعة مؤقتاً، ولكن مع تدهور الوضع في الأسابيع الأخيرة تفاقمت أزمة المجاعة مرة أخرى، حيث أدى الغزو البري الإسرائيلي على رفح جنوب غزة، إلى خنق الطرق القليلة المؤدية إلى القطاع أمام شاحنات المساعدات الإنسانية.
أشارت اللجنة في تقريرها إلى أن التحسينات الطفيفة التي تمت ملاحظتها بعد تقرير مارس يجب ألا “تتيح مجالاً للرضا عن النفس” حول خطر المجاعة المحتملة التي قد تحدث في الأسابيع والأشهر المقبلة، مؤكدة على أن “الوضع في غزة لا يزال كارثياً وهناك خطر كبير ومستمر لحدوث مجاعة في أنحاء قطاع غزة بأكمله”.
“أكثر من 495,000 شخصاً يواجهون “نقصاً شديداً في الغذاء والمجاعة، وتراجع القدرة على التكيف” لجنة “التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (IPC)
أكد التقرير أيضاً على أن “المجال الإنساني في قطاع غزة آخذ في التقلص وأن القدرة على تقديم المساعدة بأمان للسكان تتضاءل”.
“نقص حاد في الغذاء”
لا تقوم اللجنة بجمع البيانات، وإنما تعتمد على الشركاء في المجال الإنساني على الأرض لإنتاج معلومات تتعلق بالأمن الغذائي والتغذية والوفيات ومقدار السعرات الحرارية، ثم تقوم بتحليل تلك البيانات.
وفقاً لأحدث التوقعات، فقد ذكر تقرير لجنة التصنيف المرحلي المتكامل بأن 96% من سكان غزة يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد على الأقل منذ نهاية شهر سبتمبر الماضي، من بينهم أكثر من 495,000 شخصاً يواجهون “نقصاً شديداً في الغذاء والمجاعة، وتراجع القدرة على التكيف”.
لقد أدى التدمير الإسرائيلي واسع النطاق للمنازل والأسواق والبنية التحتية المدنية إلى تدمير ما يقرب من 60% من الأراضي الزراعية في غزة أيضاً بشكل كامل أو جزئي، مما أثر على النظام الغذائي بشكل كبير.
أضاف التقرير أيضاً أن خطر تفشي الأمراض يزداد بسبب “تركز السكان النازحين في مناطق تعاني من انخفاض كبير في المياه والصرف الصحي والنظافة والصحة وغيرها من البنى التحتية الأساسية”، حيث تعرض ما يقرب من 70% من مرافق النظافة في جميع أنحاء غزة للأضرار أو للتدمير حتى نهاية شهر مايو.
أوضح التقرير أيضاً أن الأنظمة الصحية في غزة سوف تواجه انهياراً كاملاً في الأشهر المقبلة، مما يزيد من “احتمال تفشي الوباء” واحتمال حدوث “كارثة غير مسبوقة مقارنة بالمعاناة التي شهدتها غزة بالفعل منذ أكتوبر”.
أكد تقرير اللجنة أن “وقف الأعمال العدائية بالتزامن مع وصول المساعدات الإنسانية بشكل مستدام هو الأمر الوحيد الذي يمكن أن يقلل من خطر المجاعة”.
في إطار التعليق على التقرير، قالت الرئيسة التنفيذية لمنظمة أوكسفام في المملكة المتحدة، حليمة بيجوم، أن “التحسن الطفيف في الظروف في شمال غزة يظهر أن إسرائيل قادرة على إنهاء المعاناة الإنسانية عندما تختار ذلك، والمكاسب سوف تتحقق بسرعة عندما يصبح الوصول إلى غزة ممكناً”.