تقرير حقوقي: حرب إبادة ضد أطفال السودان واتهامات للإمارات بتسليح الميليشيات

كشف تقرير صادر عن مركز راؤول والنبرغ لحقوق الإنسان النقاب عن تعرض الأطفال في السودان للاستهداف المتعمد خلال الصراع الدائر، مؤكدًا أن الحرب الحالية تمثل واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية التي يشهدها الزمن المعاصر.

وخلص التقرير إلى أن كلا من الجيش السوداني وقوات الدعم السريع ارتكبا “انتهاكات واسعة النطاق ضد الأطفال”، شملت القتل والعنف الجنسي والتجنيد القسري وتدمير البنية التحتية الحيوية مثل المستشفيات والمدارس.

وأشار التقرير إلى أن أكثر من 10 ملايين طفل في السودان تعرضوا لأعمال عنف خلال العام الأول من الحرب التي اندلعت في أبريل/نيسان 2023.

واستنادًا إلى شهادات ووثائق ميدانية، أوضح التقرير أن “أطفالًا في عمر عام واحد فقط تعرضوا للعنف الجنسي”، مشيرًا إلى أن الأطفال “اختُطفوا من أسرهم وتعرضوا للاغتصاب أو أُجبروا على الانضمام إلى القتال”.

وكتب موكيش كابيلا، المنسق الإنساني السابق للأمم المتحدة في السودان، في مقدمة التقرير أن الانتهاكات تشمل “استعباد الأطفال، واستغلالهم جنسيًا بأشكال وحشية، فضلًا عن إجبارهم على القتال”.

وأوضح المركز أنه تلقى “تقارير مقلقة عن عنف جنسي منظم، شمل الاغتصاب، والتجويع، والاختطاف”، مضيفًا أن العنف ضد الأطفال أصبح ممنهجًا ومتصاعدًا في مناطق النزاع، ولا سيما في دارفور.

اتهامات بتورط خارجي

وأشار التقرير إلى توافر “أدلة كبيرة” على تورط الإمارات العربية المتحدة في دعم قوات الدعم السريع، قائلًا إن هناك “إفادات من عناصر داخل القوة تؤكد أن الإمارات هي المورد الأساسي للأسلحة الثقيلة والعربات المدرعة والذخائر والطائرات المسيّرة، إلى جانب التمويل والدعم السياسي”.

واعتبر المركز أن هذا الدعم يُسهم في استمرار الصراع، ويزيد من معاناة المدنيين، وعلى رأسهم الأطفال.

وبحسب التقرير، فإن 16 مليون طفل سوداني يحتاجون إلى مساعدات إنسانية عاجلة، بينما أصبح 17 مليون طفل خارج المدارس، و90% منهم لا يحصلون على أي تعليم رسمي. 

وأوضح التقرير أن أربعة عقود من التقدم في حملات التطعيم تراجعت مع انتشار الكوليرا وأمراض يمكن الوقاية منها، مبيناً أن نحو 4 ملايين طفل دون الخامسة يعانون من سوء تغذية حاد، بينما يعيش سكان مدينة الفاشر في شمال دارفور المحاصَرة منذ أكثر من 500 يوم في ظروف تشبه المجاعة.

وأشار التقرير إلى أن الأطفال يشكلون 53% من إجمالي النازحين البالغ عددهم 12 مليون شخص، ما يجعل أزمة النزوح في السودان أكبر أزمة نزوح للأطفال في العالم.

وفي أبريل/نيسان 2025، أكدت الأمم المتحدة أن الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في السودان بلغت مستويات غير مسبوقة، خصوصًا في إقليم دارفور.

صمت دولي وعجز في التمويل

رغم تفاقم الكارثة، حذر التقرير من أن الاستجابة الدولية “ما زالت دون المستوى المطلوب”، مشيرًا إلى أن اليونيسف تواجه عجزًا مقداره مليار دولار في ميزانيتها الخاصة بعمليات السودان لعام 2025.

وقال شيلدون يت، ممثل اليونيسف في السودان: “الأطفال يموتون من الجوع والمرض والعنف المباشر، إنهم يُحرمون من الخدمات الأساسية التي يمكن أن تنقذ حياتهم، نحن على وشك إلحاق أضرار لا يمكن إصلاحها بجيل كامل”.

وأضاف: “الأزمة ليست بسبب نقص المعرفة أو الأدوات، بل بسبب غياب الإرادة الجماعية للتحرك بالسرعة والحجم المطلوبين”.

وشمل التقرير أيضًا عرض قائمة بأسماء شركات وكيانات تجارية متهمة بالتورط في تمويل أو تسليح أطراف النزاع، من بينها شركات يملكها أفراد من العائلة الحاكمة في الإمارات، وشركة فرنسية في مجال الطيران، وشركة مرتزقة كولومبية، ومصنّع تركي للأسلحة، وشركة تعدين أسترالية، إضافة إلى تكتلات أمريكية.

وختم المركز تقريره بالقول: “رغم حجم المأساة الإنسانية، لا يزال ردّ المجتمع الدولي غير كافٍ، وسط تقصير في التمويل، وغياب مبادرات فاعلة لإنهاء الصراع، وإهمال خطير لجهود العدالة والمساءلة”.

مقالات ذات صلة