وفقاً لتقرير أصدره مركز الحقوق الدستورية ومركز فلسطين القانونية مؤخراً، فإن القوانين الأمريكية المتعلقة بالإرهاب والصادرة بعد أحداث 11 سبتمبر قد تم تشكيلها من خلال جهود الجماعات المؤيدة لإسرائيل على مدى عقود، وذلك للتأثير في النشاط والمشاعر المناهضة للفلسطينيين داخل البلاد وخارجها.
يعود التقرير المكون من 28 صفحة، إلى 5 عقود من تاريخ الولايات المتحدة لتسليط الضوء على التقاطع بين استخدام لغة الإرهاب وشيطنة جماعات المقاومة الفلسطينية، من خلال الجماعات الإسرائيلية الموالية للحكومة، منها رابطة مكافحة التشهير ولجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية.
أشار التقرير إلى أن “التوجه المناهض للمسلمين في سياسات الحرب على الإرهاب بُني على أساس مسبق من العداء لحركة التحرير الفلسطينية”.
قانون المساعدات الخارجية، يشترط على وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن تعمل على التأكد من عدم وصول أموال المساعدات الأمريكية إلى اللاجئين الفلسطينيين الذين يتلقون “تدريبًا عسكريًا كعضو في ما يسمى بجيش التحرير الفلسطيني” أو أي شخص “متورط في أي عمل إرهابي”
ويأتي إصدار التقرير وسط تجدد القوانين التي تم إدخالها في جميع أنحاء البلاد لقمع النشاط المؤيد للفلسطينيين، وخاصة في الجامعات، فمنذ بدأت الحرب على غزة في أكتوبر، أرسلت رابطة مكافحة التشهير رسالة إلى 200 جامعة تدعو إلى حظر فروع طلاب من أجل العدالة في فلسطين (SJP) بسبب “الدعم المادي للإرهاب”، كما تم استخدام هذا المنطق من قبل ولاية فلوريدا لحظر الاتحاد الطلابي نفسه من الحرم الجامعي.
من جانب آخر، دعت عضو الكونغرس الأمريكي ورئيسة مجلس النواب السابقة نانسي بيلوسي، مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) إلى التحقيق مع المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين، وفي مثال آخر، طالب مشرعون في لجنة تابعة للكونغرس في نوفمبر بالتحقيق مع الجمعيات الخيرية الإسلامية والمنظمات غير الربحية الفلسطينية لمعرفة ما إذا كانت لها علاقات مالية مع حماس.
أشار كاتب التقرير، الباحث داريل لي، في حديثه مع موقع ميدل إيست آي إلى أنه “عند إقرار قوانين مكافحة الإرهاب، لم يخف المشرعون أن الهدف الأساسي كان قمع النضال الفلسطيني من أجل الحرية”، مضيفاً أن “هذه الورقة الموجزة تربط النقاط ببعض، وتوضح كيف تم بناء السياسات المعادية للمسلمين في فترة ما بعد 11 سبتمبر على أساس العداء المناهض للفلسطينيين”.
يذكر أن قوانين الإرهاب الأمريكية استهدفت الفلسطينيين مبكراً، فتاريخ التقرير يعود إلى عام 1969، عندما ورد أول ذكر لكلمة “الإرهاب” في قانون اتحادي، كما أن قانون المساعدات الخارجية، يشترط على وكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا) أن تعمل على التأكد من عدم وصول أموال المساعدات الأمريكية إلى اللاجئين الفلسطينيين الذين يتلقون “تدريبًا عسكريًا كعضو في ما يسمى بجيش التحرير الفلسطيني” أو أي شخص “متورط في أي عمل إرهابي”.
“فهم الطرق التي صاغت بها إسرائيل وحلفاؤها قوانين مكافحة الإرهاب أمر ضروري من أجل القدرة على تحدي استخدامها اليوم كسلاح لإغلاق شرايين الحياة الإنسانية في غزة” – ديما الخالدي- مديرة مكتب فلسطين القانوني
في عام 2024، تحركت الولايات المتحدة لتعليق التمويل للأونروا، بناءً على مزاعم إسرائيلية بأن عددًا قليلاً من أعضاء الوكالة متورطون في الهجمات التي قادتها حماس في 7 أكتوبر على جنوب إسرائيل.
تجدر الإشارة إلى أن المرة الأولى التي صنف فيها الكونغرس الأمريكي جماعة غير تابعة لدولة بأنها “منظمة إرهابية” في عام 1987، عندما صنف منظمة التحرير الفلسطينية على أنها جماعة إرهابية.
يذكر التقرير أيضًا أن أول قانون أمريكي يسمح للمواطنين العاديين برفع دعاوى قضائية تتعلق بالإرهاب، وهو قانون مكافحة الإرهاب لعام 1992، قد “تمت صياغته لاستهداف منظمة التحرير الفلسطينية وتم استخدامه بكثافة من قبل المواطنين مزدوجي الجنسية في إسرائيل والولايات المتحدة”.
من جانبها، أكدت مديرة مكتب فلسطين القانوني، ديما الخالدي، أن “فهم الطرق التي صاغت بها إسرائيل وحلفاؤها قوانين مكافحة الإرهاب أمر ضروري من أجل القدرة على تحدي استخدامها اليوم كسلاح لإغلاق شرايين الحياة الإنسانية في غزة”.
قبل بدء الحرب على غزة، كانت جماعات حقوق الإنسان قد بدأت في إثارة المخاوف حول كيفية استخدام التشريعات الأمريكية التي تستهدف دعم فلسطين لاستهداف ومهاجمة أي نشاط سياسي آخر.
تنص القوانين التي تم سنها على أن أي شخص يشارك في مقاطعة إسرائيل لا يمكنه التعامل مع حكومات الولايات، في حين تم رفع العديد من الدعاوى القضائية في المحكمة للطعن في هذه القوانين بناءً على ادعاءات بأنها تنتهك حرية التعبير المنصوص عليها في التعديل الأول، إلا أن غالبية الولايات لا تزال تطبق قوانين مكافحة حركة المقاطعة.
واليوم يشعر النشطاء بالقلق من إمكانية استخدام قوانين مكافحة حركة المقاطعة هذه لاستهداف مجموعات أخرى مثل الناشطين البيئيين أو الحركات المناهضة للعنف المسلح.
تؤكد المحامية في مكتب المدعي العام الأمريكي، ديالا شماس، أنه “لم يعد بإمكان المدافعين والباحثين الذين يعملون في مجالات الأمن القومي والحريات المدنية والقضايا الإنسانية تجاهل الأصول والاستخدامات المناهضة للفلسطينيين للعديد من القوانين والسياسات التي يهتمون بها، فقد أصبح تجاهل فلسطين واضحاً في عام 2024”.