كشفت مصادر إعلامية عبرية أن قيادة دولة الاحتلال أبلغت الولايات المتحدة بمخططاتها الرامية إلى ضم الضفة الغربية المحتلة بشكل كامل خلال الأشهر المقبلة، في خطوة وصفت بأنها الأخطر منذ عقود على مستقبل الأراضي الفلسطينية.
وقالت صحيفة “واللا” العبرية إن وزير خارجية دولة الاحتلال جدعون ساعر بحث مع نظيره الأميركي ماركو روبيو تفاصيل الخطة، مشيرة إلى أن ساعر لمح إلى أن حكومته تسير بهدوء نحو “تطبيق السيادة” على الضفة الغربية.
ووفقاً للتقارير العبرية، فإن قيادات الصف الأول في دولة الاحتلال أجمعت على المضي قدماً في عملية الضم، بينما انقسمت الآراء داخل الحكومة حول ما إذا كانت الخطوة تعبيراً عن “قناعة أيديولوجية” أم رداً على المساعي المتسارعة للاعتراف بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا الشهر، من قبل دول مثل فرنسا وبريطانيا.
وكان الكنيست قد صادق في يوليو/ تموز الماضي على مقترح غير ملزم يدعو إلى ضم الضفة الغربية المحتلة، وهو ما اعتُبر تمهيداً لخطوات عملية لاحقة.
الضم.. جريمة وفق القانون الدولي
يؤكد القانون الدولي أن ضم الأراضي المحتلة غير قانوني، فيما تحاول حكومة الاحتلال تجميل الأمر بمصطلح “تطبيق السيادة”، وهو ما لا يغيّر شيئاً في الواقع ولا في التوصيف القانوني، فمنذ حرب الـ 1967، أقدمت دولة الاحتلال على ضم القدس الشرقية والجولان السوري المحتل، دون أي اعتراف دولي بشرعية هذه الخطوات.
بموجب اتفاقية أوسلو عام 1995، قُسّمت الضفة الغربية إلى ثلاث مناطق: “أ” و”ب” الخاضعتين لسيطرة محدودة من قبل السلطة الفلسطينية، ومنطقة “ج” التي تسيطر عليها دولة الاحتلال بشكل كامل وتشكل أكثر من 60% من مساحة الضفة، ويؤكد القانون الدولي أن جميع هذه المناطق تعتبر أراض فلسطينية محتلة، وأن المستوطنات القائمة فيها غير شرعية.
دعم أميركي للمستوطنات
في منتصف أغسطس/ آب الماضي، صرّح السفير الأميركي لدى دولة الاحتلال مايك هاكابي لإذاعة جيش الاحتلال بأن “التوسع الضخم في المستوطنات بالضفة الغربية لا يُعد انتهاكاً للقانون الدولي”، مؤكداً أن واشنطن لن تعارض هذا التوسع.
وشمل حديثه مخطط البناء في المنطقة المعروفة بـ”E1″ بالقدس المحتلة، وهو المشروع الذي يهدف إلى فصل القدس الشرقية عن الضفة الغربية وربطها بالكتل الاستيطانية في الأغوار، ما يعزل المدينة بالكامل عن محيطها الفلسطيني.
ويشمل المشروع منطقة تاريخية تُعرف باسم “البرية” (أو برية القدس)، والتي أدرجتها فلسطين على القائمة التمهيدية لمواقع التراث العالمي في اليونسكو.
ويحذر خبراء من أن هذا المخطط سيجبر الفلسطينيين على اتخاذ طرق التفافية طويلة للتنقل بين مدن الضفة، في مشهد يشبه سياسات الفصل العنصري التي طبقت في جنوب أفريقيا.
إعلان أبارتهايد صريح
في 14 أغسطس/آب، أعلن وزير مالية الاحتلال بتسلئيل سموتريتش عزمه تنفيذ المشروع الاستيطاني المثير للجدل، قائلاً إنه “يدفن فكرة الدولة الفلسطينية”.
وفي هذا السياق، قال الباحث الإسرائيلي في منظمة “عير عميم”، أفيف تاتارسكي، لموقع ميدل إيست آي: “إن حكومة الاحتلال تعلن الأبارتهايد بشكل علني، فهي تقول بوضوح إن خطط (E1) أُقرت لدفن حل الدولتين وتكريس السيادة بحكم الأمر الواقع، والنتيجة المباشرة ستكون اقتلاع أكثر من 12 مجتمعاً فلسطينياً يعيشون في تلك المنطقة.”
تصعيد ممنهج ضد الفلسطينيين
خلال السنوات الأخيرة، كثفت دولة الاحتلال من سياسات تهجير الفلسطينيين واستقدام المستوطنين إلى الأراضي المحتلة، مع التعامل مع المنطقة “ج” على أنها ملكية دائمة لها.
وتشير تقارير حقوقية إلى أن قوات الاحتلال اقتلعت، أحياناً بالتنسيق مع جماعات المستوطنين، عشرات الآلاف من الأشجار الفلسطينية، وصادرت معدات بناء، وهدمت منازل ومنشآت حيوية.
كما شهدت الضفة الغربية تصعيداً ملحوظاً في اعتداءات المستوطنين خلال الأسابيع الماضية، وفق تقرير للمكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان، الذي أكد أن وتيرة النشاط الاستيطاني تصاعدت منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، حيث دُمّرت أراضٍ زراعية وبنى تحتية فلسطينية تحت حماية جيش الاحتلال.