تناقض صارخ ووحشي بين تعامل بريطانيا مع اللاجئين الفلسطينيين واللاجئين الأوكرانيين!

بقلم ريتشارد بردين

ترجمة وتحرير مريم الحمد

يواجه اللاجئون من غزة، الذين لديهم عائلات في بريطانيا، عوائق وضعتها الحكومة البريطانية تضاف إلى ابتزازهم على الحدود بين رفح ومصر، وهناك عائلة أعرفها قد عانت بالفعل من الأمرين.

قبل الخوض في ذلك، دعوني أوضح شيئًا، وهو أن السبيل لإنهاء المعاناة في غزة هو وقف فوري لإطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى القطاع، فمن غير المقبول أن نطلب ونتوقع من الفلسطينيين مغادرة وطنهم، مهما كانت الحكومة الإسرائيلية ترغب في دفع أكبر عدد ممكن منهم عبر الحدود إلى مصر.

هناك تناقض صارخ ووحشي بين الطريقة التي تعامل بها المملكة المتحدة اللاجئين الأوكرانيين والطريقة التي تعامل بها الفارين من غزة، فإذا أراد شخص فار من غزة الدخول إلى بريطانيا، فإنه يتوجب عليه أن يثبت أن لديه بالفعل تصريحاً بدخول المملكة المتحدة لمدة تزيد عن 6 أشهر، وأن لديه زوجاً أو طفلًا يبلغ من العمر 17 عامًا أو أقل يعيش هنا

ينحدر معظم الفلسطينيين الذين يعيشون في غزة من عائلات لاجئة فرت إلى هناك عندما أجبروا على ترك منازلهم من مناطق شمال القطاع عندما تم إنشاء دولة إسرائيل عام 1948، فيما يطلق عليه الفلسطينيون عام “النكبة”.

لقد أصبحت المذبحة في غزة اليوم أكثر من مروعة، ويجب على العالم ألا يسمح لهذا الرعب أن يتحول إلى نكبة ثانية!

وعلى الجانب الآخر، فليس هناك من أحد يقترح أن الحل بالنسبة لشعب أوكرانيا هو مغادرة وطنه في مواجهة العدوان الروسي، ومع هذا فقد فتحت العديد من البلدان، بما فيها بريطانيا، أبوابها لتوفير مكان ملاذ للأسر الفارة من إراقة الدماء في أوكرانيا.

بالطبع هذا هو الشيء الصحيح الذي ينبغي القيام به على المستوى الإنساني، وهو يعكس روح الاتفاقية الدولية للاجئين لعام 1951 التي وقعت عليها المملكة المتحدة.

صارخ ووحشي!

هناك تناقض صارخ ووحشي بين الطريقة التي تعامل بها المملكة المتحدة اللاجئين الأوكرانيين والطريقة التي تعامل بها الفارين من غزة، فإذا أراد شخص فار من غزة الدخول إلى بريطانيا، فإنه يتوجب عليه أن يثبت أن لديه بالفعل تصريحاً بدخول المملكة المتحدة لمدة تزيد عن 6 أشهر، وأن لديه زوجاً أو طفلًا يبلغ من العمر 17 عامًا أو أقل يعيش هنا.

أما إذا كان لديك أخ أو أخت تعيش في المملكة المتحدة، أو كنت شخصًا كبيرًا في السن ضعيفًا ولديك ابن أو ابنة بالغة هنا، فإن قواعد المملكة المتحدة تطلب منك أن تنسى ذلك!

في الوقت نفسه، لا يتم فرض مثل هذه الشروط على الأشخاص الفارين من أوكرانيا، بل وفي إطار برنامج “منازل لأوكرانيا”، تم دعم مواطني المملكة المتحدة للترحيب باللاجئين الأوكرانيين في منازلهم، سواء كان لديهم اتصال عائلي أم لا.

أعرف عدداً من العائلات التي حاولت الحصول على مبالغ نقدية أكبر من خلال الطلب،  وقد كان أصدقائي محظوظين بما فيه الكفاية ليتمكنوا من الوصول إلى هذا النوع من المال، ولكنه يظل أمراً بعيد المنال  بالنسبة لغالبية الفلسطينيين من سكان غزة

غالباً ما يجيب وزراء المملكة المتحدة في البرلمان عندما يُسألون عن كل هذا، بأنهم سينظرون في الحالات الفردية للفلسطينيين الفارين من غزة والتي يلفت النواب انتباههم إليها، ولكن حتى الآن، لا يوجد سوى القليل من الأدلة على أنهم يفعلون ذلك في الممارسة العملية، فهو قرار سياسي متعمد من جانب الحكومة.

لا يستطيع أحد تغيير المسار أكثر من الوزراء، ومن أجل ذلك فقد وقع العديد من النواب وأعضاء مجلس اللوردات من مختلف الأحزاب على رسالة مفتوحة إلى وزير الداخلية من البارونة بينيت تحث فيها على إدخال نظام التأشيرات الفلسطينية على غرار برنامج “بيوت لأوكرانيا”، كما تم تقديم اقتراحين على نفس المنوال في مجلس العموم.

ابتزاز

كل هذه الأشياء ليست سوى جزء من القصة، ففي المقام الأول، للخروج من غزة يجب السماح للاجئين الفلسطينيين بالمرور عبر المعبر بين رفح وصحراء سيناء المصرية، والتي رغم اعتبارها حدوداً تحت الغدارة المصرية المباشرة، إلا أن لإسرائيل رأيًا كبيرًا في من يُسمح له بالعبور من معبر رفح ومن لا يُسمح له بذلك. 

علاوة على ذلك، يجب على الفلسطينيين الذين يحاولون الوصول إلى المملكة المتحدة أولاً تسجيل أسمائهم في القائمة المقدمة إلى السلطات المصرية والإسرائيلية من قبل القنصلية العامة للمملكة المتحدة في القدس.

في هذه الحالة، إذا لم تكن مواطنًا بريطانيًا أو مستوفياً لقواعد التأشيرة المقيدة للحكومة البريطانية، فلن يتم إدراجك في تلك القائمة، وحتى لو أدرجتك المملكة المتحدة على القائمة، فإن تصريح العبور من معبر رفح ليس مضموناً لا من قبل السلطات المصرية ولا الإسرائيلية.

الآن، بعد أن يتم إدراجك على قائمة المملكة المتحدة، أو إذا كنت فلسطينيًا تحاول الوصول إلى أي بلد آخر، فسوف يتم فرض رسوم كبيرة عليك أيضًا للسماح لك بالعبور جسديًا من معبر رفح، حيث تم مؤخرًا دفع ما يقرب من 9000 جنيه إسترليني لأفراد عائلة فلسطينية أعرفها مقابل عبور أم وأطفالها إلى مصر.

أعرف عدداً من العائلات التي حاولت الحصول على مبالغ نقدية أكبر من خلال الطلب،  وقد كان أصدقائي محظوظين بما فيه الكفاية ليتمكنوا من الوصول إلى هذا النوع من المال، ولكنه يظل أمراً بعيد المنال  بالنسبة لغالبية الفلسطينيين من سكان غزة.

من جانب آخر، فلا أحد يمكنه تخمين المبلغ المطلوب من الفلسطينيين عند معبر رفح، فهناك اتهامات رسمية للحكومة المصرية بالفساد على الحدود.

في كلتا الحالتين، هو ابتزاز موجه ضد أشخاص عاشوا بالفعل أهوالاً لا توصف في غزة، فلا يتعين على حكومة المملكة المتحدة رفع الحواجز الوحشية التي تضعها في طريق اللاجئين الفلسطينيين الباحثين عن ملاذ في المملكة المتحدة فقط، خاصة عندما تكون لديهم عائلات أو علاقات أخرى هنا.

يتعين على الحكومة أيضاً، وبالتعاون مع بلدان أخرى، ممارسة ضغوط واضحة على مصر لحملها على وقف الابتزاز في رفح، سواء كان الابتزاز ناجماً عن رسوم الخروج الرسمية أو تصرفات المسؤولين الفاسدين، وهذا أقل مستوى من الأخلاق مع ما يحدث في غزة!

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة