بقلم محسن أبو رمضان
ترجمة وتحرير مريم الحمد
هجوم عسكري وحشي شنته قوات الاحتلال الإسرائيلي بعد منتصف الليل ليلة 9 مايو 2023 على قطاع غزة، أسفر عن مقتل 15 فلسطينياً بينهم 3 من قادة حركة الجهاد الإسلامي بالإضافة إلى 4 أطفال و4 نساء.
وأفادت وسائل إعلام عبرية أن العملية العسكرية تم تنفيذها بمشاركة 40 طائرة حربية ضمن حملة اغتيالات قد تستمر عدة أيام، حيث صرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالقيام بـ “حملة أوسع وضربات قاسية” ضد القطاع المحاصر!
يسعى نتنياهو إلى إحياء سياسة الاغتيالات الوحشية، من أجل استعادة صورة الردع التي تشققت بسبب نمو حركات المقاومة الشعبية في غزة والضفة
بدا من الواضح الآن أن الهجوم الأخير هذا، والذي أشارت صحيفة هآرتس إلى أنه “تم التخطيط له بدقة مسبقاً” يستهدف الجميع في غزة، فهناك قائمة اغتيال لدى الاحتلال، لا بد أن يرافقها “ضحايا مدنيين” وقد تم “فحصها والموافقة عليها من قبل مستشارين قانونيين” حسب هآرتس، وذلك يعني أن كل الغزيين في مرمى النار!
أهداف الاحتلال الإسرائيلي
مشاعر غضب وألم لا تزال تسيطر منذ بدء الهجوم في غزة، حيث يعيش سكانها تحت التهديد المستمر بالقنابل كما أن عدد الضحايا في زيادة، فالهجمات استمرت رغم اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه مصر في أغسطس 2022 بين إسرائيل والجهاد الإسلامي بدعم منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند.
يخشى الجميع من اندلاع حرب مروعة على القطاع المحاصر، حيث يعيش سكان غزة في عين العاصفة، فهجوم الاحتلال يجدد التأكيد في كل مرة على أن إسرائيل لا تحترم الاتفاقيات وتنتهك القانون الدولي، في ظل وجود قادة متطرفين لا يريدون حل الصراع إلا بالقوة.
على صعيد آخر، يسعى نتنياهو إلى إحياء سياسة الاغتيالات الوحشية، من أجل استعادة صورة الردع التي تشققت بسبب نمو حركات المقاومة الشعبية في غزة والضفة، كما يهدف إلى الحفاظ على ائتلافه اليميني الحاكم، خاصة بعد تهديدات إيتمار بن غفير المتكررة بمقاطعة اجتماعات مجلس الوزراء الإسرائيلي الأسبوعية “حتى يحصل على تأثير كبير في سياسة الأمن القومي” على حد تعبيره.
قد تؤدي أهداف نتنياهو في نهاية المطاف إلى انقسام الحكومة، بما في ذلك الموافقة على الميزانية السنوية ومن ثم دفع الانتخابات المبكرة التي قد تؤدي إلى الإطاحة به، فقد اختار نتنياهو، الذي تراجعت شعبيته لصالح بيني غانتس في الفترة الأخيرة، إلى تحويل التركيز على غزة!
ويعد الهجوم الأخير على غزة استراتيجية قديمة بين السياسيين الإسرائيليين يلجأون إليها كلما أرادوا صنع وحدة في أوقات الصراع الداخلي، فنتنياهو يعتقد أنه ، بعد أشهر من الاحتجاجات الجماهيرية ضد خطة الائتلاف الحاكم للإطاحة بالقضاء، يستطيع إنهاء الازمة القضائية أو على الأقل وقف الاحتجاجات من خلال حشد الوحدة الصهيونية ضد “تهديد خارجي”.
فشل في إخضاع المقاومة
في المقابل، أعلنت غرفة العمليات المشتركة لحركات المقاومة في غزة أن الفصائل متحدة ومستعدة للرد على الهجمات الإسرائيلية، وهذا إن دل على شيء، فيدل على فشل الاحتلال في تقويض المقاومة الفلسطينية التي حاول الاحتلال تفكيكها من خلال استهداف قادة الجهاد الإسلامي، والتهديد باستهداف قادة حماس إذا شاركوا في أي رد.
تخشى دولة الاحتلال من وحدة الفصائل، فلقد بنت سياستها على آليات التجزئة والتقسيم، تمكنت من ذلك جغرافياً من خلال فصل القطاع عن الضفة، وتقسيم الضفة إلى جيوب وبانتوستانات، في محاولة لفصل المقاومة عن بعضها.
التأكيد على الوحدة الوطنية على أساس المقاومة هو العنوان الأهم في معركة الحفاظ على كرامة شعبنا
تدرك مجموعات المقاومة أن الصراع مع إسرائيل ومشروعها الاستيطاني صراع تاريخي ووجودي، وتعلم الفصائل أنها جميعاً تقع ضمن دائرة استهداف الاحتلال، ولذلك يفشل أي مشروع للتقسيم، خاصة وأن تصعيد الحكومة الأخيرة لا يشمل غزة فقط، وإنما يمتد لكل الضفة والقدس وفلسطينيي 48!
تتوهم حكومة الاحتلال لاعتقادها بأن سياستها سوف تكسر إرادة وصمود الشعب الفلسطيني، وإصراره على المقاومة والتفافه حولها، وإذا كانت الحكومة اليمينية الفاشية تشكل تهديداً لشعبنا، فن المهم تحويل هذا التهديد إلى فرصة لتوحيد العمل النضالي، ومثل اتخاذ إجراءات قانونية ضد مجرمي الحرب الإسرائيليين في المحاكم الدولية، تعزيز المقاومة الشعبية والدبلوماسية لفضح الطبيعة العنصرية للاحتلال.
يترقب الفلسطينيون الساعات المقبلة، فهل ينتظرهم تصعيد جديد؟ فعلى الرغم من الخوف من حرب جديدة، إلا أن التأكيد على الوحدة الوطنية على أساس المقاومة هو العنوان الأهم في معركة الحفاظ على كرامة شعبنا، ولا ننسى أن وحشية إسرائيلية مرتقبة في الذكرى 75 للنكبة، يؤكد على طبيعة المشروع الصهيوني الاستعماري كنظام عنصري قائم على العنف والتطهير العرقي!
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)