ثقافة الخط العربي: تعرف على أنواع الخطوط وأشكالها المختلفة

ثقافة الخط العربي: تعرف على أنواع الخطوط وأشكالها المختلفة

قدمت الكاتبة ندى عثمان، في مقال لها، دليلا للخط العربي عدّت فيه أسلوب الكتابة القديم تقليدًا ثمينًا، وشرحت فيه كيف تطور الخط العربي مما أدى لظهور العديد من أشكاله الفريدة على مر القرون.

وتقول عثمان إن أسلوب الكتابة في الخط العربي، والذي قد تتعرف عليه من شعارات العلامات التجارية العربية مثل الجزيرة، هو شكل فني عمره قرون وله تاريخ طويل.

يُعرف الخط العربي بالشكل المرن والمنحني، وغالبا ما يكتب بخط اليد باستخدام الحبر الملون على بطاقة أو ورقة سميكة، ويشكل الخط جزءًا مهمًا من التراث الثقافي للشرق الأوسط، حيث يقضي الطلاب سنوات في التعلم من كبار السن لإتقان المهارة التي تحظى باحترام كبير.

وكان أحد أسباب ظهور فن الخط هو تسجيل وحفظ نصوص أصلية كانت تكتب على المخطوطات والجلد والخشب، كالقرآن الكريم.

ونظرًا للاعتقاد أن الخط ينقل تناغم وجمال الكلمة المنطوقة، فغالبًا ما كان يستخدم الخط أيضًا في كتابة الشعر وقطع النثر المميزة.

يعود جزء كبير من شكل النص إلى أدوات الفنان، فمن أجل الحصول على خطوط جميلة وواضحة، يتعلم الخطاطون كيفية شحذ أقلامهم وتجهيز أحبارهم.

ولهذا الغرض، كان يستخدم القصب المجوف ذو الأطراف الحادة، وكذلك الخيزران والنباتات الأخرى، وعلى مر القرون، تطوّر الخط العربي، الذي أدرجته اليونسكو في قائمة التراث الثقافي غير المادي في عام 2022، إلى عدد من الأشكال المتميزة.

تم تطوير الأنماط بناءً على التأثيرات المحلية والمقاربات الفلسفية، مما يجعل من السهل نسبيًا تحديد تاريخ الفترة التي تم فيها إنتاج المخطوطة القرآنية ومن أين أتت.

وفيما يلي توضيح لأنواع الخط العربي المختلفة:

 الكوفي

نشأ الخط الكوفي في مدينة الكوفة جنوب العراق، التي كانت في يوم من الأيام مركزًا للتعليم الإسلامي، وهو أحد أشهر أساليب الخط العربي وأكثرها وفرة.

يمكن العثور على النص، الذي تطور بين القرنين السابع والعاشر، منقوشًا على المساجد والقصور القديمة من إسبانيا إلى شمال إفريقيا إلى إيران، وكذلك في النصوص الدينية، لا سيما في المخطوطات المبكرة للقرآن.

كما بدأ يظهر الخط الكوفي على شواهد القبور والمباني والعملات المعدنية في القرون اللاحقة.

يشتهر الخط الكوفي بالخطوط الرأسية القصيرة والحركات الأفقية الطويلة، وكلها تكتب بخط غامق، وغالبا ما يبدو المنتج النهائي مربع الشكل.

إن أسلوب الكتابة المتباعد يجعل من السهل نسبيا قراءة الخط الكوفي، الأمر الذي كان مفيدًا للداخلين حديثا في الإسلام والراغبين في قراءة القرآن.

وفي عصر ما قبل الطباعة، كان للخط الكوفي دور في تسهيل مهمة إعادة إنتاج النص من خلال اعتماد الخط الكوفي على ضربات الفرشاة الواضحة والعريضة.

 الديواني

تم تقديم هذا النمط العثماني في الكتابة خلال القرنين السادس عشر والسابع عشر، ويتميز بأسلوبه المتصل والمتدفق.

استخدم الخط الديواني إلى حد كبير لأغراض الزينة والديكور، وقد تم تطويره في عهد السلطان سليمان القانوني من قبل مصمم اسمه حسام الرومي، وفي عهد سليمان، بين 1520 و1566، استعمل النص للوثائق والمراسيم والمراسلات القانونية الهامة.

وظل الديواني قيد الاستخدام الرسمي حتى القرن العشرين، ويستخدم الآن في الغالب في بطاقات المعايدة ودعوات الزفاف.

يأتي اسم الخط من كلمة “ديوان”، وهو مكان التجمع الإداري العثماني الذي كان يلتقي فيه كبار المسؤولين.

وكان الخط الديواني يكتب بالحبر الأسود أو بالطلاء الذهبي، إلا أن تشابك حروفه جعل من الصعب قراءة الخط بالمقارنة مع الأنماط الأخرى.

 خط الثلث

يشتق اسم الثلث من الكلمة العربية “الثالث” حيث يمثل هذا النمط ثلث حجم الخطوط الأخرى المستخدمة في العصر الأموي.

ويتطلب اتقان الخط معرفة النسب المعقدة، ويُعرف خط الثلث بأحرفه المنحنية وتدفقه المخروطي قليلاً.

نادرًا ما كان يستخدم هذا النمط من الطباعة في كتابة القرآن، لكنه وُجد بالمقابل في المخطوطات وشواهد القبور والخزف.

ويعد القماش الذي يغطي الكعبة المشرفة في مدينة مكة المكرمة، من أبرز الأمثلة لنص مكتوب بخط الثلث، كما أنه كثيرا ما يستخدم في الفن لتصوير شكل الحيوانات أو الأشكال البشرية.

ونظرًا للتباعد بين الخطوط وللحجم الأكبر قليلاً للحروف، فهو يعد من أسهل الخطوط للقراءة مقارنة بالأنماط الأخرى.

 النسخ

يتخذ خط النسخ الشكل الدائري والمتدفق حيث يستخدم في الغالب لنسخ آيات القرآن الكريم والنصوص الإسلامية الأخرى، وكذلك المخطوطات الأدبية والثقافية، ويعود الدليل على استخدامه إلى القرن الأول بعد ظهور الإسلام.

تسهل قراءة خط النسخ بسبب أسلوب الكتابة به حيث يسمح شكله، وهو أصغر قليلاً من الأشكال الأخرى للخط، للكاتب بتحريك قلمه بسرعة أكبر وبالتالي فهو عملي عند إنتاج نسخ من النصوص الكبيرة.

يُعتقد أن الخط قد شاع بين الناس من قبل الخطاط والوزير العباسي ابن مقلا الشيرازي خلال القرن التاسع، وأنه مشتق من الخط الكوفي.

وفي وقت لاحق، ساعد الخطاطون الأتراك والعرب أيضًا في تطوير أسلوب الكتابة بخط النسخ.

 الريحاني

اشتق اسم الخط من نبات الريحان الذي يعني “نبات الرائحة الحلوة” وغالبًا ما يشير إلى نبات الآس أو الحبق، لكن الخط سمي بالريحاني بسبب أسلوبه المقروء بسهولة، والممتع من الناحية الجمالية؛ كما تم استخدامه للنص القرآني.

يقال إن الخط الريحاني يرجع إلى العصر العباسي، إذ يعود الفضل في اختراعه إلى ابن الستري، الذي أمضى حياته المهنية في تنقيح نصوص الخط السابقة.

وكطالب حقوق، فقد حفظ الستري القرآن كاملاً وأصدر 64 نسخة منه مكتوبة بخط اليد.

تتميز كتابة الريحاني بارتفاع واضح في الأحرف الأولى للكلمات، مما يميزها عن النصوص الأخرى، كما تحتوي على أحرف أكثر دقة من أسلوب النسخ في الكتابة.

 المحقق

إن كلمة محقق في اللغة العربية تعني “مُنجز” أو “واضح”، وكانت تستخدم لوصف أي قطعة مميزة من الخط.

وبسبب وضوحه، كان خط المحقق، أسلوبًا مفضلاً في نسخ القرآن، ويعتبر من أجمل أشكال الكتابة العربية من قبل الخطاطين.

تم العثور على واحدة من أقدم المراجع التي تحتوي على كتابات بخط المحقق في كتاب الفهرست، وهو عبارة عن خلاصة وافية لمعارف وآداب إسلام القرن العاشر، تم تجميعها بواسطة عدن النديم في كتاب استخدم كمرجع للأدب الإسلامي وأدب العصور الوسطى.

 الرقعة

تم تطوير هذا النمط من الخط في أواخر القرن التاسع عشر، ويتضمن عناصر من خط الثلث، ولكنه دائري أكثر ويحتوي على خطوط أفقية أقصر.

تأتي كلمة الرقعة من الاسم العربي “رقعة”، وتعني قطعة من مادة – وسمي بهذا الاسم لأن الناس يستخدمونه على قطع صغيرة من المخطوطات.

فضل الخطاطون العثمانيون أسلوب الكتابة المنظم والكثيف لخط الرقعة، الذي تم تنقيحه من قبل المصممين العثمانيين.

يتميز الرقعة بجودة تشبه الكتابة اليدوية تقريبًا مع الحفاظ على الأناقة والصفات الجمالية للخط التقليدي، لذلك نجده اليوم مستخدما في أعمال التصميم الجرافيكي الحديث ونصوص المجلات والإعلانات.

مقالات ذات صلة