وقعت مرتفعات الجولان السورية في قبضة الاحتلال منذ حرب العام 1967، وبين عامي 1974 و2024، تم تقسيم الهضبة بين مناطق تسيطر عليها إسرائيل وأخرى تخضع لسوريا، حيث تفصل بين الطرفين منطقة عازلة.
ويوم الأحد، أطاح الثوار السوريون بحكم الرئيس بشار الأسد، لينهوا بذلك حكم حزب البعث الذي استولى على السلطة لأول مرة في انقلاب عام 1963.
وبعد فترة وجيزة من سقوط الأسد، أعلن رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أن اتفاق عام 1974 للحفاظ على المنطقة العازلة في مرتفعات الجولان أصبح باطلاً و لاغياً.
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان يوم الأحد إن قوات الاحتلال سيطرت على مواقع للجيش السوري في أجزاء من جبل الشيخ، وهي المنطقة التي أخلتها إسرائيل لأول مرة عام 1974.
ووصف وزير خارجية الاحتلال جدعون ساعر هذه الخطوة بأنها “خطوة محدودة ومؤقتة اتخذناها لأسباب أمنية”، لكن مصادر أمنية سورية قالت يوم الثلاثاء إن إسرائيل تقدمت 10 كيلومترات داخل حدود البلاد.
الأهمية الاستراتيجية
تحظى مرتفعات الجولان بالوصف الرسمي كجزء من سوريا منذ استقلالها عام 1944، وعلى الرغم من الحروب العديدة والمطالبات المتناقضة، فإن المجتمع الدولي مازال يعتبر المنطقة الخلابة والغنية بالموارد جزءاً من سوريا.
وخلال عام 2019، قررت الولايات المتحدة بقيادة دونالد ترامب الاعتراف رسميًا بالجولان كمنطقة إسرائيلية، عبر الاعتراف بقرار الاحتلال ضم الجولان الأحادي، وهي الخطوة التي لم يتراجع عنها الرئيس جو بايدن.
ونصت اتفاقية فك الارتباط لعام 1974 بين الاحتلال وسوريا، وهي الاتفاقية الأكثر أهمية بين إسرائيل ودولة عربية، على انسحاب قوات الاحتلال من جبل الشيخ، وكذلك من منطقة تبلغ مساحتها حوالي 25 كيلومترًا مربعًا حول مدينة القنيطرة.
وقد تأسست قوة الأمم المتحدة لمراقبة فض الاشتباك في 31 مايو/أيار 1974 بموجب قرار مجلس الأمن رقم 350، في أعقاب توقيع اتفاقية مراقبة المنطقة.
ويعتبر جبل الشيخ، الذي يقع بالقرب من الحدود مع لبنان، أحد أهم المواقع الاستراتيجية في المنطقة، وبالنظر إلى كونه أعلى جبل في سوريا، فإنه يوفر هضبة للمراقبة في جميع الاتجاهات.
وبما أنه يبعد 40 كيلومترًا فقط عن دمشق، فإن العاصمة السورية ستقع في مرمى المدفعية الإسرائيلية التي يمكن وضعها على الجبل.
كما يوفر جبل الشيخ نقطة لمراقبة مواقع لبنانية تعتبرها دولة الاحتلال معاقل لحزب الله، مثل وادي البقاع، إلى جانب مواقع داخل سوريا.
وقال المحللون أيضًا أن وضع إسرائيل لرادارات الرصد على جبل الشيخ سيمكنها من توسيع مدى المراقبة وتجاوز النقطة العمياء الكبيرة التي عانت منها أنظمة رادارها في السابق، وهي الثغرة التي كانت تسمح للمسيرات الإيرانية بالوصول دون أن يتم اكتشافها عند التحليق على ارتفاع منخفض.
وكتب الطيار السابق في سلاح جو الاحتلال نفتالي حزوني على موقع X أن “الجبال توفر الغطاء المثالي للقوات الخاصة والجواسيس الإسرائيليين، الذين يمكنهم الآن دخول سوريا بحرية أكبر، وإجراء مهام تحت جنح الظلام”.
“التهديدات من عبر الحدود”
وأصدر جيش الاحتلال تحذيرات لقوات الثوار السوريين بعدم العبور إلى المنطقة العازلة في مرتفعات الجولان، حيث ذكر موقع Ynet العبري أن القيادة الشمالية رفعت مستوى التأهب وفعلت تدابير الطوارئ لتعزيز الدفاعات الإسرائيلية.
وفي حديثه على شاشة التلفزيون يوم الاثنين، أشار نتنياهو إلى فترة ولايته كقائد لقوات العمليات الخاصة “سيريت ميتكال” التي عملت في مرتفعات الجولان في السبعينيات قائلاً: “أتذكر اليوم الذي كنت فيه في القيادة الخاصة، أتذكر مدى البرودة الشديدة هناك مع الأخوين عيدو ويوني، إنها ذكرى مباركة”.
ومن مرتفعات الجولان تنحدر عائلة أحمد الشرع، أو كما كان يدعى أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام، التي أطاحت بالحكومة السورية هذا الأسبوع، ومن هنا جاء اسمه الحركي.
ورغم حرص الجولاني على عدم إثارة عداوة جيران سوريا، إلا أنه لا يزال من غير الواضح ما إذا كان سيدفع في نهاية المطاف إلى استعادة السيادة السورية على المنطقة.