قدمت جنوب أفريقيا يوم الاثنين مذكرة تفصيلية إلى محكمة العدل الدولية توضح الأدلة على انتهاك دولة الاحتلال لاتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948 خلال عدوانها على غزة.
وبحسب رئاسة جنوب أفريقيا، فإن المذكرة، التي تسمى أيضاً (النصب التذكاري)، تتضمن 750 صفحة من الأدلة على أعمال الإبادة الجماعية وتوفر النية لارتكابها.
وقال بيان صادر عن الرئاسة الجنوب إفريقية: “ستظهر الأدلة أن أساس أعمال الإبادة الجماعية الإسرائيلية هو النية الخاصة لارتكابها وفشل إسرائيل في منع التحريض عليها فضلاً عن فشلها في منعها وفشلها كذلك في معاقبة المحرضين على ارتكاب أعمال الإبادة الجماعية”.
وأضاف البيان أن الأدلة معروضة في أكثر من 750 صفحة من النص، بالإضافة إلى أكثر من 4000 صفحة من الملاحق.
واعتبر البيان أن “النصب التذكاري في جنوب أفريقيا هو بمثابة تذكير للمجتمع الدولي بضرورة تذكر شعب فلسطين والتضامن معه ووقف الكارثة”.
وجاء في البيان أن “وقوع الدمار والمعاناة كان ممكناً فقط لأنه على الرغم من إجراءات وتدخلات محكمة العدل الدولية والعديد من هيئات الأمم المتحدة، فإن إسرائيل فشلت في الامتثال لالتزاماتها الدولية”.
وقالت الرئاسة أنه لا يجوز نشر المذكرة لا علناً، وفقاً لقواعد المحكمة، حيث سيكون أمام الاحتلال فرصة حتى 28 يوليو/تموز 2025 لتقديم رد، يُعرف باسم المذكرة المضادة.
ورفعت جنوب إفريقيا قضيتها أمام محكمة العدل الدولية في ديسمبر/كانون الأول 2023، متهمة دولة الاحتلال بانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية، التي تعد إسرائيل طرفاً فيها، أثناء عدوانها المتواصل على غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وورد في ملف القضية المكون من 84 صفحة، والذي تضمن تقريراً من إعداد موقع ميدل إيست آي، أن دولة الاحتلال ارتكبت أفعالاً تهدف إلى تدمير الفلسطينيين كجماعة وطنية وعرقية، كلياً أو جزئياً.
كما ورد في الملف أن دولة الاحتلال فشلت في منع أو معاقبة مثل هذه الأفعال.
وتضمنت الأدلة تصريحات من مسؤولين إسرائيليين تعبر عن “نية الإبادة الجماعية”، وقائمة بكيفية انطباق تعريف الإبادة الجماعية، كما هو مدرج في المعاهدة على ممارسات الاحتلال.
وتشمل الأفعال القتل والتسبب في أضرار جسدية وعقلية خطيرة والطرد والتهجير الجماعي والحرمان من الوصول إلى الغذاء الكافي والمياه والمأوى والملابس والنظافة والمساعدة الطبية.
وفي 26 يناير/كانون الثاني، قالت محكمة العدل الدولية أنه من المعقول أن تكون إسرائيل قد انتهكت اتفاقية الإبادة الجماعية.
وكإجراء طارئ، أمرت دولة الاحتلال بضمان امتناع جيشها عن ارتكاب أعمال إبادة جماعية ضد الفلسطينيين.
وقد يستغرق الأمر عدة سنوات قبل أن تصدر محكمة العدل الدولية حكماً كاملاً بشأن القضية، ذلك أن مداولاتها غالباً ما تنطوي على عملية مطولة من مراجعة المذكرات المكتوبة والمرافعات الشفوية من جانب جميع الأطراف في القضية.
فعلى سبيل المثال، صدر حكم محكمة العدل الدولية في قضية البوسنة والهرسك ضد صربيا والجبل الأسود، والتي تضمنت مزاعم بالإبادة الجماعية، في فبراير/شباط 2007، أي بعد أكثر من عقد من الزمان منذ بدء القضية في مارس/آذار 1993.
إسرائيل ترفض الاتهامات
وبعد طلبات من جنوب أفريقيا، أصدرت المحكمة في وقت لاحق أوامر مؤقتة في 28 مارس/آذار و24 مايو/أيار دعت فيها إسرائيل إلى وقف هجومها على رفح في جنوب غزة وضمان تسليم المساعدات الإنسانية للفلسطينيين دون عوائق.
في أمرها الصادر في مايو/أيار، أمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل أيضاً بضمان دخول محققي الأمم المتحدة إلى غزة للتحقيق في مزاعم الإبادة الجماعية.
لكن إسرائيل تحدت أوامر المحكمة، حيث أفادت محكمة العدل الدولية، كجزء من قراراتها في مارس ومايو، أن الوضع في غزة تدهور وأن إسرائيل فشلت في الالتزام بأمرها الصادر في يناير/كانون الثاني.
ورفضت دولة الاحتلال الاتهامات بالإبادة الجماعية قائلة إنها ترقى إلى “تشويه” لاتفاقية الإبادة الجماعية وأن لها الحق في الدفاع عن النفس بعد أحداث 7 أكتوبر.
وتواصلت الحرب بلا هوادة على غزة لأكثر من عام، حيث تجاوز عدد الفلسطينيين الذين استشهدوا جراء قصف الاحتلال وعملياته البرية 43000 حتى 28 أكتوبر/تشرين الأول.
وفي هذا الشهر، اتهمت لجنة تحقيق تابعة للأمم المتحدة الاحتلال بارتكاب جرائم حرب وجريمة ضد الإنسانية تتمثل في الإبادة في غزة من خلال هجماتها المنهجية على نظام الرعاية الصحية.
وفي الوقت نفسه، قال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالحق في الغذاء مايكل فخري في أحدث تقرير له إلى الجمعية العامة أن سياسة التجويع التي ينتهجها الاحتلال في غزة تفي بالحد الأدنى لتصنيفها ضمن أفعال الإبادة الجماعية والنية بارتكابها.
وقالت الرئاسة الجنوب أفريقية في بيانها يوم الاثنين أنه سُمح لدولة الاحتلال بانتهاك القانون الدولي والأعراف “بإفلات غير مسبوق من العقاب”.
وورد في البيان: “استمرار إسرائيل في تمزيق القانون الدولي يعرض للخطر مؤسسات الحكم العالمي التي أنشئت لمحاسبة جميع الدول”.
وكانت عدة دول قد طلبت التدخل في قضية جنوب أفريقيا، بما في ذلك بوليفيا وجزر المالديف وتشيلي وتركيا وإسبانيا والمكسيك وليبيا وكولومبيا ونيكاراغوا.
وقدمت جنوب أفريقيا في 29 مايو/أيار ملفاً إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يتضمن 120 صفحة من الأدلة على نية الإبادة الجماعية والتحريض على ارتكاب إبادة جماعية ضد الفلسطينيين في غزة.