بقلم نادر درغام
ترجمة وتحرير نجاح خاطر
أصاب مشهد المقابر التي دمرتها القوات الإسرائيلية في قطاع غزة صدمة الفلسطينيين، بعد أن هدمت جرافات الاحتلال عدة مدافن شمال القطاع خلال توغلها البري المتواصل هناك.
وعقب انسحاب الدبابات في وقت سابق من هذا الأسبوع من بعض المقابر والمناطق المحيطة بها، شرع السكان العائدون بتقييم حجم الدمار الذي خلفته.
وقال عابد صباح، وهو صحفي مقيم في غزة: ” لم يتركوا شيئًا في مكانه، هذه المقابر لها تاريخ وتضم جثث أناس لهم أحباب هنا، ومن الصعب تقبل ذلك”.
وفي تقرير حديث للجزيرة من داخل مقبرة الفالوجة التي تم تدميرها في جباليا، قال صباح إن الجرافات العسكرية حفرت القبور، مما تسبب في اختلاط بعض المقابر ببعضها البعض.
وبيأس حاول بعض السكان الوصول إلى رفات أقاربهم المتوفين بين الأنقاض على أمل إعادة تجميعها في القبور.
وقال أحد السكان في تصريحات صحفية: “حضرت لزيارة قبري أخي وعمي لكني لم أتمكن من العثور عليهما، مضيفاً: ” حفرت وبحثت عن اسميهما دون أن أجدهما”.
“الأوساخ والحواجز”
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة نيويورك تايمز، فقد دمرت القوات الإسرائيلية ما لا يقل عن ستة مقابر في شمال قطاع غزة خلال الأسابيع القليلة الماضية.
ووفقاً للتقرير، فقد أظهرت صور الأقمار الصناعية مركبات مدرعة تعمل فوق مقابر سليمة في حي الشجاعية بمدينة غزة.
وأظهرت اللقطات التي التقطها صحفيون محليون في مقابر أخرى آثار الجرافات وشواهد القبور المجرفة، في بلدات بيت لاهيا وبيت حانون ومدينة غزة.
ووثق المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان الأضرار التي لحقت بمقبرة الفالوجة ومقابر علي بن مروان والشيخ رضوان والشهداء والشيخ شعبان، بالإضافة إلى مقبرة كنيسة القديس برفيريوس ومقبرة الشهداء في مدينة غزة وفي بلدة بيت لاهيا شمال القطاع.
وقال جيك جودين، الصحفي الاستقصائي في سكريبس نيوز الذي قام بتحليل صور الأقمار الصناعية أن مقارنة الصور قبل عمليات التجريف بالصور الملتقطة بعدها تظهر إزالة الجرافات للقبور ومسحها في بعض المقابر.
قال جودين: ” يمكن مشاهدة أسراب طويلة من الأوساخ والمخلفات المتبقية وراء اندفاع الجرافات”.
وتابع: ” حين تنظر إلى صور القمر الصناعي، ترى أنه لم يعد هناك المزيد من شواهد القبور، لقد أصبحت مجرد تراب وسواتر وأتربة ثم مرابض لمركبات الجيش الإسرائيلي”.
وتظهر صور الأقمار الصناعية مقبرة بن مروان في الشجاعية، التي قام الجيش الإسرائيلي بتطهيرها جزئياً وعرضها في مقطع فيديو نشره في 10 كانون الأول/ديسمبر.
وتم تصوير الجنود في تلك المقاطع وهم يطلقون النار ويستخدمون قاذفة قنابل يدوية في المقبرة.
ولم يعلق جيش الاحتلال على سبب استهداف المقابر والعمل فيها.
“سرقة الجثث”
ويمكن اعتبار الهجمات المتعمدة على المقابر وغيرها من الأماكن ذات الأهمية الدينية جرائم حرب.
واتهم المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان القوات الإسرائيلية بـ “تدمير عشرات القبور في تجاهل تام لحرمة الموتى”.
وذكرت المنظمة الحقوقية إن الجيش الإسرائيلي قام بالإضافة إلى هدم المقبرة بتخريب بعض القبور و”سرقة جثث يعتقد أنها تعود لنشطاء فلسطينيين”.
وأوضحت المنظمة في بيان لها إن “إسرائيل تنتهك بشكل منهجي حرمة الموتى والمقابر في انتهاك صارخ لمبادئ القانون الإنساني الدولي وقواعد الحرب فيما يتعلق بحماية المقابر أثناء النزاعات المسلحة”.
كما أدى هدم المقابر إلى منع الفلسطينيين من دفن أحبائهم فيها مما أجبر الكثيرين على دفن أقاربهم في أماكن غير مهيأة للدفن في جميع أنحاء القطاع.
وأظهرت مقاطع فيديو نشرتها وسائل الإعلام المحلية السكان وهم يستخدمون الأسواق وجوانب الطرق وأفنية المستشفيات كمدافن.
وتمثل صعوبات الدفن تحديًا كبيرًا في شمال غزة تحديداً بسبب ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي المتواصل والذي أدى إلى مقتل ما لا يقل عن 18800 فلسطيني خلال 70 يومًا، معظمهم من الأطفال والنساء مقابل أكثر من 1200 شخص قتلوا في إسرائيل خلال ذات الفترة.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)