حزب العمال يدعم تأسيس “مجلس القيادة الإسلامية” كبديل عن “المجلس الإسلامي البريطاني”

كشف موقع ميدل إيست آي البريطاني أن حزب العمال يعمل على دعم تأسيس مجموعة قيادية إسلامية جديدة لتصبح حلقة التواصل الرئيسية بين حكومة كير ستارمر والمجتمعات المسلمة في المملكة المتحدة.

وأظهرت مسودة وثيقة اطلع عليها الموقع أن أهداف الشبكة تشمل “التأثير على السياسة العامة بطريقة تحمي وتعزز حقوق المسلمين البريطانيين”، و”التأثير على الجدل الإعلامي حولهم في بريطانيا”.

وتقول الوثيقة أن التركيز الأولي سينصب “على إنشاء مجموعة ذات مصداقية تتفاعل مع الحكومة الحالية ليتسع بمرور الوقت نطاق دعمها لتمثيل المسلمين وتنمية قيادتهم”.

ويبدو أن الشبكة الجديدة تشكل تحدياً مباشراً لمطالبات قيادة المجلس الإسلامي البريطاني (MCB)، وهو أكبر هيئة تمثل المنظمات الإسلامية في المملكة المتحدة.

ووفقاً للوثيقة المقترحة فإنه: “ليس من السهل على الحكومة وصناع السياسات الوصول إلى المشورة الموثوقة والخبيرة من المجتمعات المسلمة البريطانية المتنوعة أو الاتصال بها أو طلبها”.

وورد أيضاً أن “هناك حاجة ماسة لتشكيل مجموعة موثوقة يمكن للمؤسسات العامة والخاصة الوصول إليها بسهولة والثقة بها والتعامل معها”.

بدوره حث متحدث باسم المجلس الإسلامي البريطاني الحكومة على عدم استبعاد المجلس من هذا المسعى وحذر من أن المحاولات السابقة “لتصنيع الموافقة” في المجتمعات الإسلامية قد رُفضت مراراً وتكراراً.

وتضم قائمة الشخصيات الرئيسية المنضوية في المجموعة الجديدة، المعروفة مؤقتاً باسم مجلس القيادة الإسلامية، عاصم حافظ، وهو إمام سابق في الجيش البريطاني، وجولي صديقي، المديرة التنفيذية السابقة للجمعية الإسلامية في بريطانيا، وديلوار حسين، مؤسس مركز أبحاث آفاق جديدة في (الإسلام البريطاني).

ومن بين المشاركين في حوارات تأسيس مجلس القيادة الإسلامية النائبة العمالية شبانة محمود، التي عينها ستارمر الأسبوع الماضي مستشارةً بمنصب لورد ووزيرة دولة للعدل.

ضمت الاجتماعات القليلة الأولى قسماً كبيراً من المجتمع واجتمعت بعد بدء الحرب عندما أدرك المجتمع أن حزب العمال يفقد الدعم في المجتمعات الإسلامية” – أحد المشاركين في حوارات تأسيس مجلس القيادة الإسلامية

كما انخرط بريندان كوكس، زوج جو كوكس، عضو البرلمان عن حزب العمال التي قُتلت على يد مسلح من اليمين المتطرف عام 2016، في نشاط تأسيس المجموعة الجديدة من خلال نشاطه في الحملات التي تركز على التماسك المجتمعي والتكامل مع الدولة.

ووفقاً للتقارير فإن مجلس القيادة الإسلامية يتم تعزيزه من قبل شراكة حسن النية، وهي شركة استشارية حصلت على تكليف من حزب العمال لبناء روابط بين الحزب والمجتمعات الدينية من خلال مشروع يسمى الإيمان في حزب العمال.

وتعمل شراكة حسن النية بشكل وثيق مع البارونة شيرلوك، وزيرة الإيمان السابقة في حزب العمال، والتي قالت قبل الانتخابات أن الحكومة ستعين “وزيراً للمشاركة الدينية” وسترى “الإيمان كأصل وطريقة لبناء التماسك الاجتماعي”.

وتشمل هيئة شيرلوك البرلمانية راسل روك، الشريك المؤسس لشراكة حسن النية والذي يعمل حالياً “بوظيفة بدوام جزئي في حزب العمال كمستشار للمجتمع المدني”، وفقاً لسجل المصالح في مجلس اللوردات.

وفي رسالة بالبريد إلكتروني قالت ميرا جونسون، مديرة الاتصالات في شراكة حسن النية، لميدل إيست آي: “لم يكن لشراكة حسن النية أي دور في إنشاء هذه المجموعة”.

وقبل الانتخابات العامة التي أجريت في المملكة المتحدة الأسبوع الماضي، التقى شيرلوك بحافظ وغيره من القادة المسلمين في مقر حزب العمال.

وكتبت شيرلوك عن الاجتماع على وسائل التواصل الاجتماعي: “أنا ممتنة للمحادثات الصادقة ومساهمة المجموعة الهائلة واحتمال العمل معاً لصنع التغيير”.

من ناحيته قال حافظ: “لقد شاركت في عدد من المحادثات مع المسلمين البريطانيين على مدى الأشهر القليلة الماضية، وركزت جميعها على كيفية زيادة صوتنا الجماعي في السياسة الداخلية والخارجية بعد سنوات من التهميش.

هذا ولم يشارك أي حزب أو كيان سياسي في صياغة أو عقد هذه المحادثات، لكن مصادر مطلعة على المشروع، أخبرت ميدل إيست آي أنه انطلق بعد حضور شخصيات بارزة من الجمعيات الخيرية والمنظمات غير الحكومية الإسلامية اجتماعات وورش عمل في نهاية العام الماضي.

وذكر أحد المصادر، الذي قال إنه رفض أن يكون جزءًا من المجموعة الجديدة، أن هذا المشروع جاء نتيجة لما كان يُنظر إليه على أنه “فراغ في القيادة داخل المجتمع المسلم” بعد الهجمات التي قادتها حماس في 7 تشرين الأول/أكتوبر وبداية الحرب في غزة.

وعقدت اجتماعات أخرى في أعقاب بدء الحملة الانتخابية العامة في نيسان/أبريل، حيث اكتسبت خطط المجموعة زخماً في انتظار حكومة حزب العمال الجديدة.

وقال مصدر آخر لميدل إيست آي”: “لم يتم تنظيم هذه الاجتماعات من قبل حزب العمال، لكن الحزب بالتأكيد يدعمها ويشجعها”.

ووفقاً لمسودة الوثيقة، سيتم إطلاق المجموعة الجديدة في البداية كشبكة غير رسمية تضم ما بين 15 و18 عضواً وسيتم تسجيلها بعد ذلك كجمعية خيرية مع اتخاذ القرارات الاستراتيجية من قبل لجنة مركزية.

وأبلغت مصادر موقع ميدل إيست آي أن الخطط مصممة بشكل فضفاض على غرار هيكل مجلس القيادة اليهودية، وهي مجموعة شاملة تمثل المنظمات اليهودية التي تعمل بشكل وثيق مع الحكومة والهيئات العامة.

وعبرت المصادر عن أملها في أن تكون المجموعة نشطة وجاهزة في الوقت المناسب لمقابلة ستارمر خلال أول 100 يوم له في منصبه.

“مع وجود حكومة جديدة، حان الوقت الآن لتعزيز الحوار الهادف واستعادة ثقة المجتمعات المسلمة البريطانية” – زارا محمد، الأمينة العامة للمجلس الإسلامي البريطاني

وذكرت مصادر مطلعة أن المجموعة الجديدة يتم طرحها أيضاً كجسم يمكنه مساعدة الحكومة في الوصول إلى المجتمعات المسلمة دون الحاجة إلى التحدث مباشرة إلى المجلس الإسلامي البريطاني.

وعقدت المصادر مقارنات لتشكيل المجلس الجديد مع إطلاق المجلس الإسلامي الصوفي في عام 2006، والذي كان مدعوماً أيضاً من قبل حكومة حزب العمال في ذلك الوقت، ولكن المجلس الإسلامي البريطاني رفضه باعتباره “مجموعة متنوعة من الشخصيات غير الجديرة بالثقة”.

وخلال الأسبوع الماضي، رحب المجلس الإسلامي البريطاني بفوز حزب العمال في الانتخابات العامة ووصفه بأنه “لحظة مهمة للتغيير”، وقال إنه يتطلع إلى لقاء الحكومة الجديدة.

غير أن الحكومات المتعاقبة رفضت في الغالب التعامل مع المجلس الإسلامي البريطاني منذ أن علقت حكومة حزب العمال الأخيرة العلاقات معه في عام 2009.

وكانت هذه القطيعة قد تمت بعد أن وقع نائب الأمين العام للمنظمة آنذاك على إعلان يدعم حق الفلسطينيين في المقاومة في أعقاب عدوان الاحتلال الذي استمر ثلاثة أسابيع على غزة، والمعروف باسم عملية الرصاص المصبوب، بين كانون الأول/ديسمبر 2008 وكانون الثاني/يناير 2009.

لكن حزب العمال أعاد العلاقات مع المجلس الإسلامي قبل هزيمته في الانتخابات العامة عام 2010.

وعقد مسؤولو المجلس الإسلامي البريطاني عدداً من الاجتماعات مع وزراء الديمقراطيين الليبراليين خلال الحكومة الائتلافية بقيادة المحافظين التي تلت ذلك حتى عام 2015. 

غير أن وزراء حزب المحافظين رفضوا مقابلة مسؤولي المجلس الإسلامي البريطاني بين عامي 2010 و2024.

وقال أحد المصادر: “نظراً لوجود حظر غير رسمي على التعامل مع المجلس الإسلامي البريطاني داخل الحكومة المركزية، وبين موظفي الخدمة المدنية، فإن المجموعة الجديدة هي وسيلة للالتفاف على هذا الحظر، ولكن من هم المسؤولون أمامهم؟”

ومن المرجح أن تثير الروابط الواضحة بين المبادرة وشراكة حسن النية المزيد من الأسئلة حول مصداقية المجموعة كصوت موثوق.

وتتمتع شراكة حسن النية بعلاقة عمل وثيقة مع عدد من الإدارات الحكومية، بما فيها وزارة الداخلية، في حين عملت وزيرة الإيمان في حزب العمال، جوي جونستون، لصالح وزارة الداخلية في سياسة إعادة توطين اللاجئين بين عامي 2015 و2021.

وتعرضت وزارة الداخلية لانتقادات سابقة لمحاولتها تشكيل الرأي العام والتمثيل الإسلامي من خلال حملات اتصالات استراتيجية سرية.

وقال متحدث باسم المجلس الإسلامي البريطاني: “بينما تعاملت الحكومات المتعاقبة مع مجتمعات دينية أخرى كما هي، يتم التعامل مع المسلمين البريطانيين بشكل مختلف.

وأضاف: “لقد تم مراراً وتكراراً رفض المحاولات السابقة لتصنيع الموافقة نيابة عن المجتمعات المسلمة من قبل المنتديات المعينة من قبل الحكومة للمسلمين “المقبولين” لأنها تعمل بدون أي وكالة ولم تسفر عن أي نتائج.

وحث المتحدث الحكومة الجديدة على “الاعتراف بالتنوع الغني للمسلمين البريطانيين وضمان عدم استبعاد الهيئات الديمقراطية الموثوقة مثل المجلس الإسلامي البريطاني من مثل هذه المحادثات”.

مقالات ذات صلة