نفت حركة المقاومة الإسلامية حماس صحة التقارير التي تحدثت عن إلحاق دمار كبير بكتائب القسام في غزة، وذلك بعد أيام من إعلان الجيش الإسرائيلي عن مقتل خمسة من قادة الحركة المؤثرين هناك.
وكان الجيش الإسرائيلي قد نشر الأسبوع الماضي صورة توضيحية قال إنها تتضمن أسماء ووجوه قادة عسكريين ممن قُتلوا مؤخرًا من الذين تولوا قيادة كتائب وألويةٍ من القسام في شمال غزة.
وأكدت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، مقتل ثلاثة على الأقل من الرجال الذين ظهرت صورهم، بينهم أحمد الغندور قائد كتيبة الشمال.
وزعمت إسرائيل أن ما يصل إلى 5000 مقاتل، من إجمالي 30000 من كتائب القسام، قتلوا خلال الشهرين الماضيين من الحرب على غزة.
لكن مصدر فلسطيني مقرب من القيادة السياسية لحماس في الخارج نفى تلك الأرقام، موضحاً أن عدد الشهداء بين مقاتلي القسام “منخفض للغاية وإجمالي عدد الضحايا لا يتجاوز الـ 10%”.
” في معركة بالأسلحة الصغيرة، يمكن لحماس أن توقع إصابات، لكن القتال من مسافة قريبة ليس كافيًا لحماس كي تحقق الانتصار” – مراد أصلان، مركز سيتا
وأضاف أن ” القسام حركة عسكرية ذات هيكل مركزي وتستند إلى إطار تنظيمي واسع، ولم نسمع عن خسائر جسيمة في القوات المركزية، باستثناء بعض القادة الذين كانوا خارج الأنفاق لظروف القتال”.
وجاءت تصريحات المصدر بعد أيام من اعتقال القوات الإسرائيلية عشرات المدنيين الفلسطينيين الذين كانوا يحتمون بالقرب من مدرستين تديرهما الأمم المتحدة في بيت لاهيا شمال قطاع غزة.
وقد ادعى الجيش الإسرائيلي مراراً وتكراراً، دون تقديم أدلة، أن ما بين 10 إلى 15% من الرجال المعتقلين ينتمون إلى حماس.
وقالت مواقع صحفية دولية أنها تمكنت من الحصول على قائمة بأسماء وأعمار ومهن العديد من المعتقلين، أظهرت أن بعضهم أكاديميون وصحفيون ومعلمون في المدارس التي تديرها الأمم المتحدة وطلاب في تلك المدارس وعمال وموظفون في السلطة الفلسطينية.
وقال مراد أصلان، الأستاذ المساعد في جامعة حسن كاليونجو والمحلل في مركز “سيتا” للدراسات ومقره أنقرة، أنه ما زال من غير الواضح ما إذا كان القسام قد تكبد خسائر كبيرة حتى الآن، لكنه ما زال يمضي قدمًا في القتال.
وأضاف أصلان: ” تتمتع إسرائيل برفاهية حشد الدعم الأمريكي ومواردها الخاصة واستخدام الوقت كقوة مضاعفة، حيث استخدمت الدعم الجوي والطائرات بدون طيار والدعم الناري، فيما تفتقر حماس إلى الدفاعات الجوية لاعتراضها”.
يذكر أن إسرائيل كانت قد زعمت أنها قتلت مدنيين فلسطينيين اثنين مقابل كل مقاتل من حماس، وهي نسبة وصفها متحدث باسم الجيش الإسرائيلي بأنها “إيجابية للغاية”، لكن عدد الشهداء من المدنيين في الحرب الدائرة حالياً يفوق عددهم في أي صراع سابق بين إسرائيل وحماس.
ومنذ أن شنت إسرائيل هجومها البري على غزة في 28 تشرين الأول / أكتوبر، استخدمت حماس الكمائن والضربات السريعة ضد الدبابات والمركبات العسكرية والدوريات الإسرائيلية، مما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 105 جنود إسرائيليين.
وقال أبو عبيدة المتحدث باسم كتائب القسام يوم الأحد إن مقاتلي الحركة دمروا أو ألحقوا أضراراً بـ 180 مركبة عسكرية إسرائيلية في الأيام العشرة الأولى بعد انتهاء الهدنة مع إسرائيل في الأول من كانون الأول / ديسمبر.
وقال مقاتل سابق في حماس أن “ما يحدث الآن في غزة هو شكلٌ من أشكال حرب العصابات المعتمدة على الكر والفر من خلال فرق صغيرة جدًا”.
ووفقا للمحللين، فإن قوة حماس ازدادت منذ عام 2008، حين واجهت كتائب القسام أول هجوم بري اسرائيلي بقوة قوامها 16 ألف مقاتل إلى جانب 2000 جندي قتالي متخصص، لكنها الآن تملك ما يصل إلى 30 ألف مقاتل وترسانة من الطائرات بدون طيار والصواريخ، وفقا للجيش الإسرائيلي.
وقال ريتش أوتزن، العقيد الأمريكي المتقاعد والزميل البارز غير المقيم في المجلس الأطلسي، أن استهداف متاهة أنفاق حماس تحت الأرض يمكن أن يكون جزءاً من المرحلة التالية من العمل الإسرائيلي.
وأضاف: ” يمكن لإسرائيل أن تجعل استخدام الأنفاق صعبا من خلال شن غارات وتفجير الفتحات والمخارج وربما إغراق أجزاء منها، لكنها ربما تفتقر إلى الرغبة في تطهير كل واحد منها”.
وتركز إسرائيل هجومها البري حالياً على مدينة خان يونس ومخيمها الذي يعد مسقط رأس اثنين من كبار قادة حماس، يحيى السنوار ومحمد ضيف، حيث ادعت إسرائيل أن الرجلين قد يكونان مختبئين هناك.
وعلى الرغم من أن القتال لم ينته بعد، فقد بدأ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالفعل التخطيط لليوم التالي لانتهاء الحرب، وتعهد بعدم السماح للسلطة الفلسطينية بحكم القطاع.
ودعمت إدارة بايدن هدف إسرائيل المتمثل في القضاء على حماس، لكنها تصر على أن السلطة الفلسطينية يمكنها في نهاية المطاف ملء الفراغ من أجل إعادة توحيد الضفة الغربية وقطاع غزة تحت كيان سياسي واحد.
وقال العقيد الأمريكي المتقاعد أن حماس “ستضعف وتتقلص في نهاية المطاف، لكنها ستظل قادرة على شن هجمات معزولة وستصلح هامشية في تهديدها الحركي”.