عمدت الحملة الدعائية لإعادة انتخاب الرئيس الأمريكي جو بايدن إلى تغيير استراتيجيتها من خلال سحب إعلاناتها الهجومية على دونالد ترمب والتوجه باللوم بدلاً من ذلك إلى المحتجين المؤيدين للفلسطينيين وتحميلهم المسؤولية عن المناخ السياسي السائد في البلاد حالياً.
ونقلت وكالة رويترز يوم الأحد عن مسؤولين في الحملة أنه بدلاً من استهداف الرئيس السابق ترامب، فإن البيت الأبيض وحملة بايدن “ستعتمد على تاريخ الرئيس في إدانة جميع أنواع العنف السياسي بما في ذلك انتقاداته الحادة لـ”الفوضى” التي خلقتها الاحتجاجات في الجامعات بشأن القتال بين إسرائيل وغزة”.
جاء هذا التحول في أعقاب محاولة اغتيال ترمب التي قال أحد مسؤولي حملة بايدن لرويترز أنها غيرت كل شيء، مضيفاً: “ما زلنا نقيم، إن إثبات القضية ضد ترامب، ورسم تلك الشاشة المنقسمة، سيصبح أكثر صعوبة، وبالتالي فالرئيس يحاول خفض درجة الحرارة”.
وفي عدة حالات على مدى الأشهر الثمانية الماضية، وعلى خلفية عدوان الاحتلال على غزة، والذي أسفر عن استشهاد أكثر من 38 ألف فلسطيني، كان بايدن سريعاً في إدانة المتظاهرين المؤيدين للفلسطينيين واتهمهم بالترويج للعنف ومعاداة السامية.
ففي نيسان/أبريل، أصدر بايدن بياناً أدان فيه الاحتجاجات الداعمة للفلسطينيين في حرم جامعة كولومبيا، قائلاً أنه في حين “يحترم الحق في حرية التعبير، فإن الاستيلاء بالقوة على المباني ليس سلمياً، إنه خطأ”.
وكان طلبة جامعة كولومبيا وقتذاك قد سيطروا على قاعة هاملتون داخل الحرم الجامعي في خطوة احتجاج قوبلت برد فعل وحشي من جانب الشرطة، حيث قام ضباط يرتدون معدات مكافحة الشغب بإخلاء المتظاهرين بعنف واعتقال العشرات.
وأواخر الشهر الماضي، أدان بايدن احتجاجاً ضد حدث في لوس أنجلوس حيث اتُهمت شركات العقارات بالإعلان عن أراضٍ في الضفة الغربية المحتلة كمنازل سكنية للبيع في “أفضل الأحياء الأنجلو في إسرائيل”.
وتحتل الدولة العبرية أراضي الضفة الغربية حيث تعتبر المستوطنات الإسرائيلية فيها غير قانونية بموجب القانون الدولي، لكن ذلك لم يمنع بايدن من إدانة الاحتجاج ووصفه بأنه “معادٍ للسامية” لأنه تم بالقرب من كنيس يهودي.
وتم اللجوء إلى ذرائع معاداة السامية بكثرة لإدانة الاحتجاجات الداعمة لفلسطين منذ بدأ عدوان الاحتلال على غزة في أعقاب الهجمات التي قادتها حماس على مستوطنات الاحتلال ومراكز قواته في غلاف القطاع في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
أسفر ذلك الهجوم عن مقل أكثر من 1100 إسرائيلي واحتجاز 240 آخرين، لكن قوات الاحتلال دمرت قطاع غزة وقتلت أكثر من 38000 فلسطينياً بينما قدرت المجلة الطبية الإنجليزية، ذا لانسيت، مؤخراً أن عدد الشهداء قد يتجاوز 186000 فلسطيني.
وفي الولايات المتحدة، قوبل عدوان الاحتلال باحتجاجات حاشدة مؤيدة للفلسطينيين في جميع أنحاء البلاد، انصب التركيز فيها على الحرم الجامعي حيث انتشرت معسكرات التضامن مع غزة في حدائق الجامعات على مدى الأشهر العديدة الماضية.
ورغم اتسام هذه الاحتجاجات الطلابية بالطابع السلمي إلى حد كبير، مع مطالب واضحة بسحب حصص الجامعات المالية في الشركات المستفيدة من عدوان الاحتلال على غزة، إلا أن الاحتجاجات واجهت هجمات عديدة واتهامات بمعاداة السامية.
كما استخدم المشرعون الأمريكيون هذه الادعاءات بمعاداة السامية لمهاجمة قيادات عدد من الجامعات الأمريكية الرائدة.
كما وصفت وسائل الإعلام الأمريكية الكبرى هذه الاحتجاجات بأنها معادية للسامية وتروج للكراهية والعنف.
لكن طلاباً يهود لعبوا أدواراً رئيسيةً في إطلاق تلك الاحتجاجات والمشاركة فيها أكدوا أن مزاعم معاداة السامية كانت مجرد خُدعة ومحاولة لصرف الانتباه عن مطالب الطلبة المحتجين.
وفي العديد من المعسكرات الطلابية، كان عدد الطلاب اليهود المناهضين للصهيونية يفوق بكثير عدد الطلاب الفلسطينيين أو الطلاب العرب المحتجين.
وفي رسالة نشرت في أيار/مايو، قال عدة مئات من الطلاب اليهود أن: “الرواية القائلة بأن معسكرات التضامن مع غزة معادية للسامية بطبيعتها هي جزء من جهد دام عقوداً من الزمن لطمس الخطوط الفاصلة بين انتقاد دولة الاحتلال ومعاداة السامية”.
وأضافت الرسالة: “هذه رواية تتجاهل الأعداد الكبيرة من الطلاب اليهود المشاركين والمساعدة في قيادة المعسكرات كتعبير حقيقي عن قيمنا اليهودية”.