بقلم كاثرين هيرست
ترجمة وتحرير مريم الحمد
في رسالة إلى حكومة البريطانية، عبر 4 خبراء أمميين عن مخاوفهم من إساءة استخدام إجراءات مكافحة الإرهاب التي تنتهجها الحكومة لاستهداف نشطاء حركة “بال آكشن” وفرض ظروف اعتقال أكثر قسوة عليهم.
وتشير الرسالة بالتحديد إلى مجموعة “فيلتون 18″، وهم النشطاء المحتجزون حالياً بعد اعتقالهم بتهم الإرهاب بعد نشاط قاموا به في أغسطس عام 2024، عندما قام 6 نشطاء بقيادة شاحنة معدلة الشكل إلى مركز البحث والتطوير للأسلحة الإسرائيلية في المملكة المتحدة، شركة إلبيت سيستمز في بريستول.
رغم مواجهتهم لاتهامات غير متعلقة بالإرهاب، إلا أن الثمانية عشر ناشطاً محتجزون حتى اليوم بموجب قانون “مكافحة الإرهاب” حتى موعد محاكمتهم في نوفمبر القادم
قام النشطاء عندئذ بتفكيك الأسلحة، بما فيها نماذج الطائرات بدون طيار التي استخدمتها إسرائيل في حربها على غزة، مما تسبب في أضرار بقيمة مليون جنيه إسترليني أي 1.24 مليون دولار.
تم القبض على النشطاء الستة في مكان الحادث بتهمة الشغب والاعتداء، وتم احتجازهم في البداية لمدة 24 ساعة في مراكز الشرطة في بريستول بموجب قانون الشرطة والأدلة الجنائية لعام 1984، مع تمديد اعتقالهم لمدة 12 ساعة بموجب نفس القانون.
عندما انتهت أوامر الاعتقال، تم القبض على النشطاء لارتكابهم “جريمة مختلفة” بموجب قانون الإرهاب لعام 2006، وهي تهمة “التحضير لعمل إرهابي أو المساعدة في ارتكاب أعمال إرهابية”، الأمر الذي أدى إلى تمديد احتجازهم لمدة أسبوع آخر، وبموجب قانون الإرهاب، يمكن للشرطة احتجاز المتظاهرين دون تهمة لمدة تصل إلى 7 أيام، مع إمكانية تمديد الاحتجاز لمدة 14 يوماً إضافية.
لاحقاً، تم القبض على 12 ناشطاً آخرين في موجتين من المداهمات بموجب المادة الخامسة من قانون الإرهاب، وخلال المداهمات، تضررت منازل وممتلكات الناشطين، في حين تعرض بعض أحبائهم لعنف من قبل الشرطة.
على سبيل المثال، تم القبض على والدة الناشطة ليونا كاميو، إيما كاميو، وذلك بموجب قانون الإرهاب واحتجزت بمعزل عن العالم الخارجي لمدة 5 أيام، حيث ذكرت كاميو أنها حُرمت من الاستعانة بمحامٍ في اليومين الأولين من احتجازها، وأنها احتُجزت في زنزانة قذرة وكانت الأضواء مضاءة طوال الليل.
“صلة بالإرهاب”
رغم مواجهتهم لاتهامات غير متعلقة بالإرهاب، إلا أن الثمانية عشر ناشطاً محتجزون حتى اليوم بموجب قانون “مكافحة الإرهاب” حتى موعد محاكمتهم في نوفمبر القادم، ويذكر أن فترة احتجازهم تتجاوز الحدود الزمنية للاحتجاز السابق للمحاكمة في المملكة المتحدة وهي 182 يوماً.
تهم الإرهاب الأولية و”الصلة بالإرهاب” في جرائمهم تعني أن النشطاء قد تم تصنيفهم على أنهم سجناء أمنيون تحت حراسة مشددة وأنهم قد أصبحوا في “وضع مقيد”، مما يعني أن مراسلاتهم البريدية تخضع للمراقبة والقيود” من رسالة الخبراء الأمميين إلى الحكومة البريطانية
من جانب آخر، لم يتم توجيه اتهامات رسمية للمتهمين بموجب قانون الإرهاب، إلا أن النيابة العامة الملكية قالت في بيان صحفي أنها سوف تؤكد للمحكمة بأن الجرائم المزعومة التي ارتكبوها لها “صلة بالإرهاب”، مما قد يؤدي إلى تفاقم الأحكام الصادرة بحقهم.
من جانبهم، أكد الخبراء الأمميون في رسالتهم على مخاوفهم من “الاستخدام غير المبرر” لقوانين مكافحة الإرهاب لاستهداف النشطاء، مشيرين إلى أن الأضرار التي لحقت بالممتلكات لا ترقى إلى المستوى الدولي للإرهاب، ولا توجد “صلة موثوقة” بين سلوك النشطاء والإرهاب.
وأضاف الخبراء في رسالتهم بأن استخدام “القانون الجنائي العادي من شأنه أن يحقق توازناً أكثر بين حقوق الفرد ومصالح الأمن القومي”، كما أعربوا عن انزعاجهم من ظروف الاعتقال التي يواجهها النشطاء، حيث واجهوا استجوابات يومية أثناء الاعتقال، الأمر الذي تسبب في “تدهور كبير في صحتهم العقلية”، بحسب الرسالة.
ورد في الرسالة أيضاً أن النشطاء مُنعوا من الاتصال بالعالم الخارجي لفترة طويلة، كما منع بعضهم من الحصول على المشورة القانونية خلال الـ 36 ساعة الأولى من اعتقالهم، رغم أن قانون الشرطة والأدلة الجنائية (1984) ينص على السماح للمعتقلين بإجراء مكالمة هاتفية أولية، وأخيراً شدد الخبراء على أن الحبس الانفرادي قد يعد “اختفاءً قسرياً”.
“ظروف مقيدة”
أشار الخبراء الأمميون في رسالتهم إلى أن تهم الإرهاب الأولية و”الصلة بالإرهاب” في جرائمهم تعني أن النشطاء قد تم تصنيفهم على أنهم سجناء أمنيون تحت حراسة مشددة وأنهم قد أصبحوا في “وضع مقيد”، مما يعني أن مراسلاتهم البريدية تخضع للمراقبة والقيود.
في مقابلة سابقة مع موقع ميدل إيست آي، أوضح متحدث باسم منظمة العمل الفلسطيني “بال آكشن”، بأن بعض المعتقلات محتجزات بموجب “وضع مقيد للنساء”، وهو “إجراء أمني إضافي” يمكن فرضه على السجينات “اللواتي يمكن أن يشكل هروبهن خطر إلحاق ضرر جسيم بالمجتمع”.
وفقًا للرسالة، فقد تم فرض “أوامر عدم التجمع” على النشطاء المحتجزين، مما أدى إلى فرض قيود على الزيارات العائلية ومنعهم من حضور جلسات المحكمة، كما أفادت “بال آكشن” بأن بعض المعتقلين تم نقلهم إلى سجون مختلفة دون إخطار عائلاتهم.
في 19 ديسمبر الماضي، كتبت منظمة العمل الفلسطيني “بال آكشن” في منشور على موقع اكس، بأنه قد طُلب من عائلة ليونا كاميو عدم زيارتها في عيد الميلاد حيث تم نقلها إلى مكان آخر لم يتمكن الموظفون من إخبارهم عنه.
ذكرت الرسالة أيضاً أن بعض النشطاء واجهوا عوائق في ممارسة حقوقهم الدينية أو الثقافية، حيث أفادت إحدى الناشطات، فاطمة رجواني، بأن حجابها قد تم نزعه بالقوة أثناء اعتقالها.
يذكر أن نشطاء آخرين واجهوا صعوبة في الحصول على الأدوية أثناء الاعتقال، حيث أفادت إحدى المعتقلات، زوي روجرز، بأن أدويتها فقدت أثناء نقلها من مركز الشرطة إلى مركز الحبس الاحتياطي، وأكدت الرسالة الأممية على أن “التأخير الكبير في استبدال الدواء سبب لها أعراض انسحاب مؤلمة، كما أن التأخير المتكرر في صرف الدواء دفعها إلى التوقف عن تناوله نهائياً”.
“الحق في الاحتجاج ليس مطلقاً”
طالبت لجنة الأمم المتحدة الحكومة البريطانية “بشرح الأسباب الواقعية والقانونية التي تبرر الاعتقال والاحتجاز المزعوم للناشطين بموجب قوانين مكافحة الإرهاب”، متسائلة عما إذا كان سيتم تعديل تعريف الإرهاب في قانون المملكة المتحدة “لاستبعاد أعمال الدعوة أو المعارضة أو الاحتجاج”، ومطالبة بتوضيح التدابير المتخذة لحماية حقوق النشطاء المحتجزين وحقهم في محاكمة عادلة.
ردت الحكومة البريطانية بأنه “لن يكون من المناسب لحكومة المملكة المتحدة الإدلاء بمزيد من التعليقات، خاصة عندما تكون الإجراءات الجنائية جارية”، مشيرة إلى أن الشرطة وجهاز النيابة العامة والمحاكم جميعها مستقلة عن الحكومة وأنه “من المهم أن تكون هذه المؤسسات قادرة على القيام بواجباتها واتخاذ القرارات، بعيداً عن التأثير السياسي، بما في ذلك تأثير المنظمات الحكومية الدولية”.
رداً على سؤال خبراء الأمم المتحدة حول إصلاح قوانين مكافحة الإرهاب، قال المتحدث باسم الحكومة: “تمتلك المملكة المتحدة إطاراً تشريعياً شاملاً لمكافحة الإرهاب يحقق التوازن الصحيح بين حماية الأمن القومي والحريات الفردية، لكن الحق في حرية التعبير والاحتجاج ليس مطلقاً”.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)