حذر خبراء أمميون جامعة الدول العربية من مغبة مواصلة هيئةٍ أمنية تابعةٍ لها تسليم المطلوبين لأسبابٍ سياسيةٍ إلى بلدانهم وعدم توفير الحماية لهم.
وعبر الخبراء في تقرير بعثوا به الأسبوع الماضي، عن قلقهم أيضًا من إخفاق مجلس وزراء الداخلية العرب (AIMC) في تقييم مخاطر التعذيب أو سوء المعاملة التي قد يواجهها الأفراد في حالة إعادتهم.
ويقول مجلس وزراء الداخلية العرب (AIMC)، الذي تأسس عام 1982، إنه يهدف إلى تطوير وتعزيز التعاون والتنسيق بين الدول العربية في مجال الأمن الداخلي ومكافحة الجريمة، بما في ذلك من خلال تعميم مذكرات توقيف نيابة عن الدول الأعضاء.
وفي تقريرهم المرسل إلى الجامعة العربية، قال خبراء الأمم المتحدة:” لا يبدو أن الدول تمارس العناية المطلوبة في تقييم الطبيعة السياسية للتهم الموجهة ضد الأفراد، ولا يبدو أنه تم تصور أو إجراء أي تقييم للمخاطر الفردية “.
ودعا التقرير AIMC للسماح المطلوبين بالوصول إلى ملفهم الجنائي وطلب مراجعة أو إزالة مذكرة التوقيف.
ويحمل التقرير توقيع فيونوالا ني أولين، المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية في سياق مكافحة الإرهاب، وإيرين خان، المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية الحق في حرية الرأي والتعبير، وفرناند دي فارين، المقرر الخاص المعني بقضايا الأقليات، وماثيو جيليت، نائب رئيس مجموعة العمل المعنية بالاحتجاز التعسفي.
وردت مخاوف الخبراء بعد صدور ثلاثة أوامر اعتقال وزعتها AIMC في الأشهر السبعة الماضية يُعتقد أنها استخدمت في عمليات تسليم فعلية أو محاولات لتسليم مطلوبين لأسبابٍ سياسيةٍ.
ففي تشرين الثاني / نوفمبر الماضي، اعتُقل شريف عثمان، المصري الأمريكي أثناء زيارته لدبي بعد دعوته عبر وسائل التواصل الاجتماعي للاحتجاجات خلال مؤتمر المناخ Cop27 في مصر، وأطلق سراحه في 29 كانون أول / ديسمبر بتدخل من المسؤولين الأمريكيين، عقب إعلان مسؤولين إماراتيين أن مصر وزعت مذكرة توقيف له من خلال AIMC.
وفي كانون الثاني / يناير، قُبض على السعودي حسن الربيع في مطار مراكش بناءً على مذكرة من AIMC صادرة عن السعودية التي تسلمته فعلاً في شباط / فبراير بعد جلسات استماع قضائية في المغرب.
أما المذكرة الثالثة، فتم بموجبها توقيف الإماراتي حامل الجنسية التركية خلف الرميثي، في أيار / مايو فور وصوله الأردن بعد إدانته غيابياً في محاكمةٍ جماعيةٍ في الإمارات، حيث اختفت آثاره بعد قرار المحكمة في عمّان بالإفراج عنه، ويُعتقد أنه نُقل إلى الإمارات العربية المتحدة، لكن مكان وجوده على وجه الدقة غير معروف.
عدم الدقة
وفيما تنص الاتفاقات التي تحكم AIMC بشكل صريح على أنه لا ينبغي تسليم الأفراد بسبب مخالفات سياسية، قال الخبراء أن العديد من الثغرات الإشكالية تشوب أداء المجلس.
فعلى سبيل المثال، يُشار على وجه التحديد إلى الاعتداء على الملوك أو الرؤساء أو زوجاتهم أو نسلهم أو أولياء عهودهم المحتملين أو نواب الرؤساء، على أنها جرائم يمكن تسليم مرتكبيها.
لكن تقرير الخبراء بين أن هذا البند ينطوي على ” نقص في الدقة” يتعلق بـ “تحديد ما يشكل اعتداء على القيادة السياسية”.
“بدون تعديلات جوهرية … لا يمكن استخدام مذكرات الـ AIMC إلا كأداة للقمع العابر للحدود”. إيناس عثمان، مينا لحقوق الإنسان.
وبحسب التقرير، فإن هذا الغموض المقترن بقوانين الأمن القومي والإرهاب في بعض الدول الأعضاء يبدو أنه “يعتبر أنشطة مثل التعبير عن المعارضة السياسية أو التقارير الإعلامية المستقلة أو نشاط حقوق الإنسان جرائم جنائية”.
وورد في التقرير:” قد تنطوي هذه الجرائم التي يمكن تسليم مرتكبيها على أنشطة يحميها القانون الدولي، ولا سيما الحق في المشاركة السياسية وحرية الرأي والتعبير”.
وقالت إيناس عثمان، مديرة MENA Rights Group ، والتي تتخذ من جنيف مقراً لها، والتي دفعت بالتقرير إلى الجامعة العربية إن أكبر مشكلة مع AIMC هي عدم وجود هيئة لمراقبة انتهاكات نظامها.
وأوضحت عثمان أن بند التسليم في نظام AIMC “مبهم للغاية ولا يمنح المستهدفين إمكانية تقديم طلبات وصول أو المطالبة بإزالة مذكرات التوقيف المنتشرة ضدهم”.
وذكرت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لمنظمة الديمقراطية للعالم العربي الآن ومقرها واشنطن العاصمة أن الـ AIMC يعمل الآن “كنادي قمع عابر للحدود لصالح الدكتاتوريين، مما يمكّن الدول العربية من التنسيق والتعاون في استهداف المعارضين السياسيين وحتى غير المتورطين الذين يواجهون ثأراً كيدياً من الأنظمة المختلفة”.
وأضافت أن على الإنتربول، الذي يملك مذكرة تفاهم مع AIMC، أن “يتعامل مع أي مذكرة من هذه الحكومات على أنها ذات دوافع سياسية ويرفض التعاون معها”.