خطط ترامب لغزة: تمويل خليجي لتهجير الفلسطينيين مقابل السيطرة على الواجهة البحرية

ذكر مسؤول أمريكي رفيع المستوى أن الرئيس دونالد ترامب سيضغط على دول الخليج لتمويل استيلاء الولايات المتحدة على قطاع غزة وسط إحباط بين مستشاريه من عدم مباركة الدول الحليفة الغنية بالنفط للصفقة أو تقديمها عرضاً مضاداً لها.

وأوضح المسؤول في حديث لموقع ميدل إيست آي يوم الأربعاء أن “الرسالة هي أنكم لم تعودوا تحصلون على ما تريدونه من الولايات المتحدة مجاناً”.

وكان المسؤول قد اطلع من أحد مستشاري ترمب القلائل الذين تمت استشارتهم بشأن خطط ترمب لقطاع غزة.

وذكر المسؤول أن إدارة ترامب عرضت على المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات العربية المتحدة الحصول على حقوق الملكية على الواجهة البحرية في قطاع غزة المعاد بناؤه ومنح شركات البناء التابعة لها عقودًا لبناء أبراج سكنية هناك في مقابل تمويل “نقل” الفلسطينيين وإعادة إعمار غزة.

لكن هذه المخططات تواجه صعوبات في أن يقر القانون الدولي بهذه الحقوق الإقليمية، حيث لا تتحكم الولايات المتحدة في حقوق الملكية على الواجهة البحرية لقطاع غزة أو حدوده البحرية.

وقد فاجأ المؤتمر الصحفي الذي عقده ترمب يوم الثلاثاء، إلى جانب رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الحلفاء والأعداء على حد سواء، بما في ذلك الأميركيين.

تركت تصريحات ترمب العالم في حيرة من أمره حول ما إذا كان الرئيس الذي خاض حملته الانتخابية على أساس إنهاء التورطات الأميركية الأجنبية جادًا بشأن الاستيلاء على غزة أم أنه مجرد إعداد نفسه للتفاوض مع دول الخليج بشأن مستقبل القطاع بعد الحرب، وفي حالة المملكة العربية السعودية، تطبيع العلاقات مع دولة الاحتلال.

وكان ترمب قد دعا لأسابيع الدول العربية المجاورة وهي الأردن ومصر إلى قبول الفلسطينيين النازحين قسراً من قطاع غزة، لكن وزارة خارجيته حذرته من أن مصر لن تستسلم.

وعلى نحو مماثل، اتخذت المملكة العربية السعودية موقفًا علنيًا صارمًا بشأن ما قد يتطلبه الأمر لحملها على توفير الأموال لإعادة إعمار غزة.

في مقابلة أجريت معه في يناير/كانون الثاني، سُئل الأمير خالد بن بندر بن سلطان آل سعود، سفير المملكة العربية السعودية لدى المملكة المتحدة، عما إذا كانت المملكة ستمول إعادة إعمار غزة، فقال: “لإعادة بناء الدولة الفلسطينية، نعم، ولإعادة بناء منطقة قد يدمرها الإسرائيليون مرة أخرى في غضون سنوات، لا أعتقد أن هذا سيكون أمرًا معقولاً”.

المؤمنون الحقيقيون

وقال ترمب يوم الثلاثاء إنه بعد إفراغ غزة من الفلسطينيين واتخاذ “موقف الملكية طويلة الأمد” للمنطقة، ستحولها الولايات المتحدة إلى “ريفييرا الشرق الأوسط”.

وعلّق جوناثان بانيكوف، وهو مسؤول استخبارات أمريكي كبير سابق يعمل الآن في المجلس الأطلسي بالقول أن “هذا قد يؤدي إلى مفاوضات، لكنني أتعامل مع ترمب بجدية، فهو وشعبه يعتقدون حقًا أن هذا هو أفضل طريق للمضي قدماً، وأنا لست مندهشاً من غضبهم من عدم مشاركة الخليج في الأمر”. 

وفي حديث لميدل إيست آي، أوضح بانيكوف أن “التجاهل الذي تلقاه ترمب من شركاء الولايات المتحدة في الخليج العربي قد يكون هو ما يزعج البيت الأبيض أكثر من أي شيء آخر، لقد أصر ترمب يوم الثلاثاء على أن رؤيته “ستمولها الدول المجاورة ذات الثروة العظيمة”.

“لقد سمعنا للتو الفكرة الأكثر غباءً التي خرجت من واشنطن العاصمة بشأن غزة” – عبد الخالق عبد الله، محلل إماراتي مقرب من عائلة آل نهيان الحاكمة

هذا ورفضت المملكة العربية السعودية الخطة، وأصدرت بيانًا في وقت مبكر من صباح الأربعاء رفضت فيه أي جهود لتهجير الفلسطينيين من أرضهم، كما رفعت من مطالباتها بإنشاء دولة فلسطينية مستقلة قبل تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع دولة الاحتلال.

العلاج بالصدمة؟

وتعد اللغة التي حملت الموقف السعودي غير قابل للتفاوض، بمثابة خطوة إلى الأمام مقارنة بالتصريحات السابقة التي دعت إلى مسار إلى دولة فلسطينية كشرط مسبق للتوصل إلى اتفاق.

وقال بلال صعب، المسؤول السابق في البنتاغون في إدارة ترمب الأولى، لميدل إيست آي: “الخليج لا يضخ أي أموال في قطاع غزة في ظل غياب محادثات جادة حول حل الدولتين وحول مصير وقف إطلاق النار الحالي”.

وأضاف: “إطلاق التصريحات إلى جانب بيبي نتنياهو ليس أفضل طريقة لإجراء الدبلوماسية تجاه الرياض وأبو ظبي”.

من ناحيتها، ذكرت آنا جاكوبس، الخبيرة في شؤون الشرق الأوسط في معهد دول الخليج العربية في واشنطن العاصمة، إن دول الخليج أوضحت لترمب “بوضوح تام” أن تصريحاته بشأن غزة غير قابلة للتنفيذ، وقالت: “لن يدفعوا ثمن النزوح القسري للفلسطينيين”.

وشمل هذا التدفق من الانتقادات جامعة الدول العربية، التي وصفت اقتراح ترمب بأنه “وصفة لعدم الاستقرار”.

أما مستشارو الرئيس الأميركي فقد أمضوا يوم الأربعاء في مساع لتصحيح بعض تصريحاته الأكثر إثارة للذهول، حيث قال وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو إن خطاب ترمب “لم يكن عدائياً”، ووصفه بأنه “خطوة سخية، عرض إعادة البناء والاضطلاع بمسؤولية إعادة البناء”.

وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفات إن الفلسطينيين لن يتم نقلهم “إلا مؤقتًا” من القطاع، وأن ترمب لم يلتزم بنشر قوات أمريكية.

وذكر كريستيان كوتس أولريشسن، زميل الشرق الأوسط في معهد بيكر بجامعة رايس، إن ترمب ربما تسبب في تشديد مواقف دول الخليج بشأن تمويل إعادة إعمار غزة، بدلاً من تحريك الإبرة في المفاوضات مع دول الخليج.

وأضاف في حديث لـ ميدل إيست آي: “إذا كانت الفكرة هي صدمة الخليج وحمله على التحرك، فأعتقد أنها أتت بنتائج عكسية، قد يعتقد ترمب أنه خلق مساحة لتقديم التنازلات، لكنه جعل من الصعب على القادة الإقليميين التوصل إلى اتفاق”.

للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة