أنذر رئيس بلدية ديربورن عبد الله حمود الرئيس الأمريكي جو بايدن بفقدان أصوات الأمريكيين العرب وبالتالي عدم انتخابه لدورة جديدة في رئاسة الولايات المتحدة إذا لم يغير مسار إدارته الداعم لإسرائيل.
وأعلن حمود في حديث صحفي أنه سيعمل خلال الأسبوعين المقبلين مع العديد من رموز المعارضة في ميشيغان على تشجيع الناخبين على اختيار “غير الملتزمين بتوجهات بايدن” في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي المزمع اجراؤها في الولاية في 27 شباط / فبراير.
وأشار حمود إلى أن هذا التحرك يناهض الدعم الأمريكي المستمر للحرب الإسرائيلية المدمرة على غزة.
وقال حمود أن حملة “صوتوا لغير الملتزمين” ستحاول تحفيز الأمريكيين العرب والمسلمين في ميشيغان، الذين صوت 146 ألف منهم لصالح بايدن عام 2020، على التصويت “لغير الملتزمين” كشكل من أشكال الاحتجاج على سياسة بايدن في هذه الحرب.
وخلال الأسبوع الماضي، أعلن 30 مسؤولاً منتخباً آخر أنهم سيصوتون “لغير الملتزمين” في الانتخابات التمهيدية في محاولة لدفع بايدن لتغيير مساره بشأن الشرق الأوسط.
وقال حمود الذي يرأس بلدية المدينة التي تعد موطن واحدة من أكبر التجمعات السكانية العربية الأمريكية في الولايات المتحدة أن ” إدارة الرئيس بايدن واصلت اتخاذ قرارات سياسية مدمرة بشأن غزة، وإذا واصلت هذا المسار، فسوف يتذكره الناس بأنه الرجل الذي ضحى بالديمقراطية الأمريكية في عام 2024″.
وفي حين أشار بايدن إلى سلوك إسرائيل في غزة بأنه “مبالغ فيه”، لم تظهر إدارته سوى القليل من الإشارات لوقف دعم العدوان الإسرائيلي الدموي، الذي أدى إلى استشهاد نحو 28 ألف فلسطيني، وإصابة عشرات آلاف آخرين، وتسوية مناطق بأكملها في غزة بالأرض.
وقال حمود الذي يشغل منصب رئيس بلدية ديربورن منذ عام 2022: “نحن ننتهز هذه الفرصة لإسماع صوتنا”.
من غير المرجح أن يواجه بايدن تحديًا كبيراً من عضو الكونجرس دين فيليبس من ولاية مينيسوتا في الانتخابات التمهيدية، ولكن استطلاعات الرأي تشير إلى أدلة قوية على أن موقفه الداعم لإسرائيل لا يحظى بشعبية كبيرة.
ونتيجة لذلك، أثارت حملة التصويت لغير الملتزمين بسياسته انتقادات من العديد من أعضاء الحزب الديمقراطي بالإضافة إلى العديد من وسائل الإعلام، التي وصفتها بأنها تخدم طموحات دونالد ترامب.
وفي عام 2020، تغلب بايدن على ترامب في ميشيغان بنحو 154 ألف صوت، لكن في عام 2016، ضمن الرئيس السابق الفوز على هيلاري كلينتون في ميشيغان، وإن كان بفارق 10 آلاف صوت فقط.
وباعتبارها ولاية متأرجحة، فإن فرص إعادة انتخاب بايدن في الانتخابات الرئاسية في تشرين ثاني / نوفمبر دون دعم الأصوات العربية الأمريكية قد تكون قريبة من المستحيل.
في مقابلة مع شبكة سي إن إن في 2 شباط / فبراير، سُئل حمود عما إذا كان قلقًا بشأن ما ستعنيه رئاسة ترامب لحياة الفلسطينيين في غزة، فأجاب بالإعراب عن أسفه لتوجيه اللوم إلى الناخبين بسبب الفشل المحتمل للمرشح، “بدلاً من توجيهه للمرشح نفسه”.
وقال حمود: ” نحن مجتمع مدينة يقوم بالاحتجاج بهدف المساعدة في منع قتل الرجال والنساء والأطفال الأبرياء”.
يذكر أن حمود أمضى معظم هذا الأسبوع في حوارات مباشرة وهاتفية مع مسؤولي إدارة بايدن المتحمسين لاستعادة أصوات الناخبين الساخطين.
كما بذل جهوداً للتعامل مع التداعيات والقلق من الهجمات التي من المحتمل أن يتعرض لها سكان المدينة بعد أن نشرت صحيفة وول ستريت جورنال عمود رأي يصف المدينة بأنها “عاصمة الجهاد” بسبب المظاهرات الحاشدة المؤيدة لفلسطين التي شهدتها.
وفور نشر المقتل، كثّف حمود من تواجد الشرطة في المدينة وسط مخاوف من احتمال وقوع هجمات على المجتمع العربي.
ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر، وقعت سلسلة من الهجمات الدموية على الأميركيين الفلسطينيين الذين يعبرون عن دعمهم للقضية الفلسطينية.
وقال حمود إن مقال الرأي كان محاولة متعمدة لتشويه حركة شعبية ينظمها المسلمون وغير المسلمين على حد سواء.
وأشار إلى أن ” الاتهامات الموجهة ضد مدينة ديربورن نبعت من جهل متعمد بهدف التسبب في مزيد من الانقسام والكراهية والتعصب ضد سكان مدينة ديربورن”.
ومثل العديد من مواطني ديربورن، فإن حمود هو ابن لمهاجرين من الطبقة العاملة لوالدين هاجرا من لبنان.
وقال حمود واصفاً ما يجري في غزة: ” هذه قضية قريبة وعزيزة على قلوبنا، إنه أمر شخصي للغاية، وليس شيئًا نستمع إليه عندما تهتم به وسائل الإعلام”.
وتابع: ” من وجهة نظرنا كمهاجرين ولاجئين عاشوا تحت الاحتلال، وعاشوا في ظل الفصل العنصري، وفروا بأنفسهم أو فرّ آباؤهم بسبب الحرب الأهلية فلدينا روايات مباشرة عما يعنيه العيش في مثل هذه الظروف”.
وأضاف: ” بالنسبة للمدينة، كانت هذه القضية حاضرة منذ عقود”.
وفي أيار / مايو 2021، عندما كان حمود ممثلاً لولاية ميشيغان، التقى بايدن في مصنع فورد في ديربورن، حيث سلم الرئيس رسالة رافضة لقصف إسرائيل في ذلك الوقت لغزة، وكان مجتمع ديربورن يطالب الولايات المتحدة بوقف دعمها للجيش الإسرائيلي.
ودعت الرسالة الموجهة إلى بايدن إلى الالتزام بالعمل على تحقيق العدالة الحقيقية للشعب الفلسطيني، حيث أخبر فريق بايدن حمود أنه سيحصل على رد مباشر من الرئيس، لكنه لم يتلق الرد حتى بعد ما يقرب من ثلاث سنوات، وفي خضم عدوان إسرائيلي آخر على غزة.
وختم حمود بالقول: ” لم أتلق أي رد مباشر من الرئيس في عام 2021 فيما يتعلق بفلسطين، لكن ما يمكنني قوله لك، وأعتقد أن ما توضحه هذه الرسالة، هو أن قضية فلسطين بالنسبة لنا هي قضية تعيش 365 يومًا، إنها مسألة كل العام”، على حد تعبيره.