رئيس الوزراء العراقي يجري تعديلات جذرية في قيادات الاستخبارات والأمن

أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني عن تغيير كبير في أجهزة الأمن والمخابرات في البلاد، حيث عين مسؤول تجسس نافذ رئيساً للأمن القومي.

وصرّح مسؤولون في بغداد بأن التغييرات التي تم الكشف عنها يوم الأربعاء تهدف إلى تعزيز قبضة السوداني على السلطة واستبعاد عدد من المسؤولين والموظفين المشتبه في تورطهم في الفساد في ظل الحكومة السابقة.

وكان عبد الكريم عبد الفاضل، المعروف أيضًا باسم أبو علي البصري، من أبرز المستفيدين الرئيسيين من التعديل الوزاري، حيث عينه السوداني لقيادة جهاز الأمن الوطني العراقي.

وجاء البصري ليحل محل حميد الشطري الذي عينه سلف السوداني مصطفى الكاظمي رئيسا للوزراء، وهو أيضاً الرئيس السابق لخلية فالكون، وهي وحدة استخبارات سرية، وقد أطلق عليه زملاؤه السابقون لقب “سيد الجواسيس”.

وكان الكاظمي قد أقاله من هذا المنصب في كانون الثاني/ يناير 2021 بتهمة “التعامل مع استخبارات أجنبية”.

ونفى البصري تلك الاتهامات في تصريحات سابقة أشارت إلى أن الكاظمي استبعده بسبب قربه من قادة الفصائل المسلحة المدعومة من إيران.

معظم الذين تم تعيينهم إما مقربون من المالكي أو الحلبوسي أو رئيس الوزراء. لم يتم تسمية أي شخص في العراق لشغل هذه المناصب بسبب كفاءته فقط- مسؤول كبير في جهاز الأمن الوطني العراقي.

وقال اللواء يحيى رسول المتحدث الرسمي باسم السوداني في بيان أعلن عن التعيينات الجديدة: “هذه الخطوة اتخذت بعد دراسة مستفيضة لتعزيز الأمن والاستقرار في مختلف مناطق الدولة ولمتطلبات المصلحة العامة”.

وأضاف رسول أن التعديل يهدف إلى “ضخ دماء جديدة وإعطاء فرصة لقادة آخرين لإدارة الملف الأمني لرفع كفاءة أداء المؤسسات الأمنية”.

بالإضافة إلى البصري، تضمنت التغييرات داخل جهاز الأمن تعيين مدراء أمنيين وإداريين جدد، ومديرين عامين جدد لقسم أمن بغداد وإدارة أمن المحافظات.

وفي تعيين بارز آخر، عين السوداني وقاص محمد حسين الحديثي نائبا لرئيس جهاز المخابرات الوطني العراقي، فيما يعتبر الحديثي مساعدًا لرئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي.

وبحسب المصادر فإن أحد كبار المعينين هو علي شمران خزعل الذي يشغل منصب المدير العام الجديد لإدارة أمن المحافظات في جهاز الأمن، والذي يُنظر إليه على أنه حليف لرئيس الوزراء السابق نوري المالكي.

حصص حزبية

يبدو أن كلا التعيينين يتماشيان مع متطلبات النظام السياسي لتقاسم السلطة في العراق، حيث يتم تقاسم المناصب في إدارات الدولة والوزارات والهيئات المستقلة بين الأحزاب على أساس عدد المقاعد البرلمانية التي يشغلونها، ما لم يختاروا الذهاب إلى المعارضة.

وفي تصريح لموقع ميدل إيست آي البريطاني، قال مسؤولون أمنيون إن معظم المعينين تم اختيارهم على أساس “حصص حزبية”.

من ناحية أخرى، فإن من أبرز الشخصيات المستبعدة من منصبه هو ماجد علي حسين، النائب السابق لرئيس جهاز المخابرات الذي تم نقله إلى هيئة استشارات الأمن القومي، وهي الجهة التي تقدم المشورة للمجلس الوزاري للأمن القومي وتنسق السياسات الأمنية الوطنية.

حسين، كالشطري وآخرين ممن أقيلوا من مناصبهم، تم تعيينهم في عهد الكاظمي، حيث سبقت الهزة الأمنية والاستخباراتية الشاملة تغييرات إدارية أثرت على العديد من المسؤولين رفيعي المستوى في الهيئات العامة المستقلة.

ويوم الثلاثاء، أصدر السوداني أمراً بإقالة رافل ياسين من منصب رئيس ديوان الرقابة المالية الاتحادي (FBSA)، وهي هيئة مراقبة الإنفاق العام في العراق.

كما تم استبدال ياسين بعمار صبحي المشهداني، فيما لم يُقدم أي سبب لفصل ياسين.

وفي العام الماضي، خضع ديوان الرقابة المالية الاتحادي للتدقيق بسبب ما يسمى بمؤامرة “سرقة القرن”، حيث تمت سرقة مليارات الدولارات من أموال الودائع الضريبية عبر عشرات الشيكات المزيفة التي تم صرفها من قبل بنك مملوك للدولة.

وقالت مصادر مطلعة على التحقيقات إن ياسين مشتبه به في تورطه في تلك السرقة، لكن ياسين لم يعلق على الموضوع. 

استبدال ياسين بالمشهداني يتوافق مع نمط التعيينات حسب المحاصصة السياسية، لأن ياسين مرتبط بالمالكي والمشهداني متحالف مع الحلبوسي.

وأكد أحد مستشاري السوداني أن معظم التغييرات كان لها دوافع سياسية، وبعضها الآخر كان له دوافع عقابية.

وقال المستشار، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته، إن “بعض التغييرات تهدف إلى تحقيق التوازن السياسي، وهي جزء من الاتفاقات السياسية التي أنتجت الحكومة الحالية”.

وأضاف: “البعض لديهم دوافع عقابية وطالما أننا لا نستطيع محاسبة بعض كبار المسؤولين بسبب انتماءاتهم السياسية، فعندئذ على الأقل سنتخلص منهم .”

يتفق حلفاء ومنتقدو السوداني على أنه بصدد بناء قاعدة سلطته الحكومية.

لقد عمل بالنسبة لمؤيديه بذكاء وهدوء، مستغلًا الظروف والفرص فور ظهورها لتعزيز سيطرته على الوزارات والإدارات المختلفة دون إثارة غضب شركائه أو خصومه.

وقال المستشار إن “التحدي الأكبر الذي يواجه السوداني هو كيفية تفكيك الدولة العميقة، لدينا الآلاف من كبار المسؤولين والضباط المرتبطين بأحزاب سياسية. هذه مشكلة خطيرة نتعامل معها بهدوء”.

وأضاف: “يجب استبدال أو عزل المئات من المديرين ونواب الوزراء والقادة الأمنيين، إما لعدم كفاءتهم أو لتورطهم في قضايا الفساد”.

وقال: ” هناك من يتمتعون بحماية جيدة من قبل جمعيات الفصائل السياسية والمسلحة، وهذا ما نسميه الدولة العميقة.

وشدد قائلاً: “يجب تقويض هذه الدولة. هذا ما كان السوداني يفعله منذ فترة، وسيستغرق ذلك بعض الوقت “.

مقالات ذات صلة