في حديثها مع موقع عرب48، أكدت محامية الدكتور حسام أبو صفية، مدير مستشفى كمال عدوان في شمال غزة، بأنه مُنع من مقابلة أي شخص منذ يوم اعتقاله في 27 ديسمبر وحتى 10 فبراير الماضي، كما نقلت شهادته من داخل السجن عن التعذيب والمجاعة والظروف السيئة التي يعيشها الأسرى الفلسطينيون.
في أواخر ديسمبر من العام الماضي، اقتحمت القوات الإسرائيلية المستشفى بعد ما يقرب من 3 أشهر من الحصار الخانق والغارات الجوية المستمرة على أقسامه والمنطقة المحيطة بها، فتم إخراج جميع أفراد الطاقم الطبي والمرضى وأقاربهم من المستشفى تحت تهديد السلاح وإجبارهم على خلع ملابسهم باستثناء ملابسهم الداخلية ونقلهم إلى مكان مجهول ومن بينهم أبو صفية.
وقد تمكنت المحامية غيد قاسم من زيارة الطبيب أخيراً في سجن عوفر بالضفة الغربية المحتلة، حيث يقبع هناك منذ أكثر من 70 يوماً بعد أن أمضى ما يقرب من أسبوعين في معتقل سدي تيمان في صحراء النقب.
أكدت قاسم على معنويات أبو صفية العالية، حيث أنهى اللقاء بالرسالة التالية: “الانسان هو تاريخه والتاريخ هو موقفه الذي يأخذه فيسجل له ويدرس”
العزل والتعذيب
كانت زيارة المحامية قاسم في 6 مارس هي الزيارة الثانية التي يمنحها المحامي لأبو صفية منذ اعتقاله، وقد جاءت بعد عدة مناشدات من قبل المحامين.
في حديثها، أوضحت المحامية قاسم بأنه “حتى تاريخ 10 فبراير عام 2025، كان أبو صفية محروماً من حق مقابلة أي محامٍ، حيث رفضت سلطات الاحتلال الإسرائيلي السماح لأي شخص بزيارته لمنعه من توثيق الانتهاكات التي حدثت”.
بحسب المحامية، فقد تم اعتقال طبيب الأطفال لرفضه الانصياع لأوامر الإجلاء القسري التي أصدرها الجيش الإسرائيلي “لأن ضميره ومهنيته يحتمان عليه البقاء في المستشفى، خاصة مع وجود عشرات المرضى والجرحى من الأطفال”.
وقد أوضحت المحامية بأنه قد تم عزله لمدة 14 يوماً في سدي تيمان و25 يوماً إضافية في عوفر، ثم تم نقله لاحقاً إلى القسم 24 في عوفر، حيث يظل المعتقلون من غزة منفصلين عن الأسرى الآخرين.
تقول قاسم: “إن أطول فترة استجواب تعرض لها أبو صفية كانت 13 يوماً متواصلاً، حيث استمرت كل جلسة ما بين 8 إلى 10 ساعات، وقد تعرض طوال هذه الفترة لانتهاكات وحشية وتعذيب واعتداءات”.
من جهة أخرى، فقد أكدت المحامية بأن الأسرى “معزولون بشكل شبه كامل داخل السجن”، دون أي معرفة أو معلومات عن العالم الخارجي، إلا إذا سمح لهم بالزيارة، حيث تعمل المخابرات الإسرائيلية على تعذيبهم نفسياً بأخبار وفاة أحبائهم، بغض النظر عما إذا كان ذلك صحيحا أم لا.
تقول قاسم: “وضع الأسرى الفلسطينيين جميعاً داخل السجون الإسرائيلية كارثي ومؤسف، خاصة أسرى غزة الذين يعد وضعهم استثنائياً وأكثر صعوبة لعدم وجود أي تجربة سابقة لهم في الأسر”.
مسالخ وليست سجون
تصف محامية أبو صفية الانتهاكات والتعذيب الموجود في مراكز الاعتقال الإسرائيلية بأنها “غير مسبوقة”، وتقول: “إذا تحدثنا عن سجن سدي تيمان فهو مسلخ بكل معنى الكلمة، فنحن نتحدث عن أسرى مكبلين منذ 10 أشهر وأسرى بترت أطرافهم دون علاج وأسرى مسنين مكبلين ومعصوبي الأعين وأسرى فقدوا 70-90 كيلوغراماً من وزنهم”.
وأضافت: “هناك أيضاً مسألة البرد القارس، حيث يتم احتجاز الأسرى في أقفاص مفتوحة، يتعرضون فيها للرياح ومياه الأمطار ويجبرون على الجلوس على الأرض طوال الوقت ويمنعون من التحدث مع بعضهم البعض ومن الصلاة وقراءة القرآن”.
في أواخر فبراير الماضي، بثت وسائل الإعلام الإسرائيلية لقطات لأبو صفية، الذي كان يبدو منهكاً ومقيداً من يديه وقدميه، ترافقه القوات الإسرائيلية، وقد أكدت قاسم أنها تفاجأت بتصويره فلم يتم إبلاغها.
أما فيما يتعلق بوضع أبو صفية القانوني، فدق أشارت المحامية إلى أن السلطات الإسرائيلية حاولت إعادة صياغة قضية أبو صفية كقضية أمنية عادية من أجل تقديم لائحة اتهام.
نتيجة حالات التعذيب واسعة النطاق في مرافق الاحتجاز المدنية والعسكرية الإسرائيلية خلال الأشهر الأخيرة، فقد تم قتل أكثر من 60 فلسطينياً منذ 7 أكتوبر عام 2023، من بينهم 39 على الأقل من غزة
قالت قاسم: “بعد سلسلة من التحقيقات والتعذيب الشديد لإجباره على التوقيع على أي شيء يمكنهم استخدامه كدليل على لائحة الاتهام، لم يتمكنوا من العثور على أي أساس ضده بعد مرور أكثر من 45 يوماً، ثم أعادوا قضيته إلى مسماها الأصلي “مقاتل غير شرعي” الأمر الذي يحرمه من أي حق، سواء من حيث التمثيل أو الاتهام، وفي كل مرة يتم تجديد قرار تمديد اعتقاله”.
رغم ذلك، فقد أكدت قاسم على معنويات أبو صفية العالية، حيث أنهى اللقاء بالرسالة التالية: “الانسان هو تاريخه والتاريخ هو موقفه الذي يأخذه فيسجل له ويدرس”.
“الأسرى في خطر”
تعد تجربة أبو صفية مع التعذيب واحدة من تجارب آلاف الفلسطينيين داخل السجون الإسرائيلية، ففي أوائل أبريل من العام الماضي، وصف طبيب في مستشفى ميداني إسرائيلي حيث يُحتجز الفلسطينيون المحتجزون من غزة تفاصيل مروعة عن ظروف الاعتقال شملت بتر الأطراف بسبب إصابات الأصفاد وإجبار الأسرى على التبرز في الحفاضات.
لقد كتب الطبيب الذي لم يذكر اسمه والذي يعمل في منشأة سدي تيمان، بين غزة وبرشيبا في صحراء النقب، عن تجاربه في رسالة إلى وزير الدفاع الإسرائيلي ووزير الصحة والمستشار القانوني للحكومة نشرتها صحيفة هآرتس.
جاء في رسالته: “هذا يجعلنا جميعاً، الطواقم الطبية وأنتم المسؤولون عنا في وزارتي الصحة والدفاع، متواطئين في انتهاك القانون الإسرائيلي، وربما الأسوأ بالنسبة لي كطبيب، في انتهاك التزامي تجاه المرضى أينما كانوا كما أقسمت عندما تخرجت قبل 20 عاماً”.
لقد ظهرت على المجموعات الأخيرة من الأسرى الفلسطينيين الذين تم الإفراج عنهم بموجب الصفقة الأخيرة، علامات الضيق والانتهاكات والمجاعة والإهمال الطبي في السجون ومراكز الاعتقال الإسرائيلية.
في أحد المقاطع، حذر أسير محرر من داخل الحافلة التي أقلت الأسرى وهي تدخل غزة، من حالة من بقي في السجن وهو يصرخ قائلاً: “الأسرى في خطر، أنقذوهم”.
تجدر الإشارة إلى أنه ونتيجة حالات التعذيب واسعة النطاق في مرافق الاحتجاز المدنية والعسكرية الإسرائيلية خلال الأشهر الأخيرة، فقد تم قتل أكثر من 60 فلسطينياً منذ 7 أكتوبر عام 2023، من بينهم 39 على الأقل من غزة.