مع دخول وقف إطلاق النار بين دولة الاحتلال وحركة حماس حيز التنفيذ، دعت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى إطلاق سراح جميع المعتقلين احتياطياً بسبب معارضتهم لعدوان الاحتلال على قطاع غزة.
وذكرت المنظمة الحقوقية المصرية أن نحو 129 شخصاً بينهم قاصران لا يزالون رهن الاعتقال منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، نتيجة لمشاركتهم في أنشطة معارضة سلمية.
وبهذه الدعوة، انضمت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى عائلات المعتقلين احتياطياً التي دعت السلطات كذلك للإفراج عن العشرات من المعتقلين المؤيدين لفلسطين، بما يتماشى مع بيان الرئيس الأخير الذي قال فيه إن مصر “تدافع وتقف مع الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني”، وهو ما حاول المعتقلون القيام به، وفقاً للمنظمة.
وأوضحت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن المتظاهرين “حاولوا الدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني من خلال التعبير عن تضامنهم، إما من خلال التظاهر أو رفع اللافتات أو كتابة الشعارات في الشارع أو على وسائل التواصل الاجتماعي، أو حتى من خلال جمع التبرعات للإغاثة الإنسانية”.
وأعلنت المنظمة أن المعتقلين محتجزون احتياطياً على ذمة 10 قضايا وتهم مختلفة، علماً بأن السيسي كان قد قال بعد وقت قصير من بدء عدوان الاحتلال أن “ملايين المصريين” مستعدون للنزول إلى الشوارع احتجاجاً على التهجير الجماعي للفلسطينيين من غزة.
وعلى الرغم من تصريحات السيسي تلك، فقد أشرفت حكومته على حملة قمع مكثفة بحق الذين شاركوا في الاحتجاجات أو الحملات عبر الإنترنت والتي كانت تدعو إلى وقف إطلاق النار.
انتهاك القانون الجنائي
وأوضحت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية أن 42 متظاهراً ومشاهداً للمظاهرات في القاهرة والإسكندرية اعتُقلوا في 20 أكتوبر/تشرين الأول، بعد يومين من تصريحات السيسي، واتُّهموا بانتهاك قانون مكافحة الإرهاب واحتُجزوا في الحبس الاحتياطي.
ومن بين المعتقلين عبد الصمد ربيع البالغ من العمر 22 عامًا، والذي شارك في احتجاج استجابة لدعوة السيسي.
وأشارت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية إلى أن ربيع قضى معظم طفولته يتلقى العلاج من سرطان الدم ولا يزال يحتاج إلى علاج طبي منتظم، كما أنه كان عند اعتقاله قد تخرج حديثاً من الجامعة العربية المفتوحة، حيث حصل على منحة دراسية من مستشفى سرطان الأطفال 57357.
ونقلت المجموعة الحقوقية عن تقارير المستشفى أن ربيع يحتاج إلى متابعة لصحة أوعيته القلبية مرة كل ستة أشهر.
ومن بين المعتقلين أيضاً الضابط السابق في الجيش كريم عرابي البالغ من العمر 31 عامًا، والذي أصيب ثلاث مرات أثناء خدمته في سيناء، بالإضافة إلى الطلاب علي عادل، الذي يعاني من اعتلال العصب البصري، وعمرو رضا، وهو طالب بكلية إدارة الأعمال.
وأضافت المبادرة أن القضية تشمل رجالًا هم المعيلون الوحيدون لأسرهم، مثل أحمد سيد أمين عبده، الذي يعيل زوجة وأربعة أطفال، والعامل محمد كريم سلامة والمحامي أحمد أبو زيد، وهو أب لطفلين.
كما اعتقلت قوات الأمن في 27 أكتوبر/تشرين الأول 2023، 11 متظاهراً مؤيداً لفلسطين في القاهرة بالقرب من جامع الأزهر، وما زالوا قيد الاحتجاز.
ووثقت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية اعتقال قاصرين لا تتجاوز أعمارهما 17 عاماً، في مارس/آذار بعد أن كتبا شعارات ضد الحرب على غزة على جسر في القاهرة، مبينة أنهم محتجزون في قسم شرطة دار السلام منذ اعتقالهم وأنهم حُرموا من الزيارات العائلية.
ومن بين حالات الاعتقال التي أشارت لها المنظمة اعتقال ستة شبان من الإسكندرية في أبريل/نيسان بعد رفعهم لافتة تطالب بفتح معبر رفح والإفراج عن المعتقلين المؤيدين لفلسطين.
حملة قمع غير قانونية
ووصفت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية حملة الاعتقالات بغير القانونية واعتبرتها متعارضة مع قانون العقوبات المصري.
وأكدت المبادرة أن الحبس الاحتياطي هو إجراء احترازي بحت، ولا يجوز اللجوء إليه، وفقًا للمادة 134 من قانون الإجراءات الجنائية، إلا في حالة وجود خوف من هروب المتهم أو خوف من المساس بسلامة التحقيق، أو إذا كان ذلك ضروريًا لمنع المساس الجسيم بالأمن والنظام العام.
وأوضحت المنظمة أن “هذا البند من قانون الإجراءات الجنائية لا ينطبق على حال أي من المتهمين المذكورين أعلاه أو غيرهم، بما في ذلك الأطفال والطلاب، وغيرهم ممن لديهم وظائف معروفة وأماكن إقامة محددة، والذين لديهم أسر تحتاج إلى رعايتهم لها”.
وعلى الرغم من معارضتها العلنية لعدوان الاحتلال على غزة، قمعت حكومة السيسي العمل المؤيد لفلسطين على مدى الأشهر الخمسة عشر الماضية، واعتقلت ما لا يقل عن 250 من مشجعي كرة القدم والطلاب ونشطاء حقوق المرأة.
وتعرض السيسي لانتقادات بسبب تمكينه لحصار الاحتلال على غزة خلال جولة القتال الأخيرة، والسماح للشركات المرتبطة بالدولة المصرية بالاستفادة من حركة الأشخاص والمساعدات عبر معبر رفح.
وخلصت جماعات حقوق الإنسان، بما فيها منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، إلى أن حرب الاحتلال على غزة ترقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.
وتنظر محكمة العدل الدولية حالياً في قضية رفعتها جنوب إفريقيا في ديسمبر/كانون الأول 2023، متهمة دولة بانتهاك اتفاقية الإبادة الجماعية لعام 1948، كما أصدرت المحكمة منذ ذلك الحين أوامر مؤقتة متعددة تعترف بمصداقية قضية جنوب إفريقيا.