زعيم طائفة يهودية أرثوذكسية يمنح دعمه للمرشح المسلم زهران ممداني

قبل يومين فقط من موعد انتخابات بلدية نيويورك، أعلن الحاخام موشيه إينديغ، أحد أبرز القادة السياسيين في طائفة الحريديم المناهضة للصهيونية، تأييده للمرشح الديمقراطي زهران ممداني، في خطوة وُصفت بأنها دعم نوعي ومفصلي في السباق الانتخابي.

وجاء الإعلان خلال اجتماع علني مساء الأحد في حي ويليامزبرغ في بروكلين، بعد أيام من تداول شائعات عن احتمال صدور تأييد من أحد أجنحة الحريديم لصالح ممداني. وقد نُشر خبر التأييد المبدئي على موقع Williamsburg365 مساء السبت.

ينتمي الحاخام إينديغ إلى جناح “أهرونيم” ضمن الطائفة الحريدية الساتمارية، وهي واحدة من أكبر الجماعات اليهودية الأرثوذكسية المناهضة للصهيونية في العالم، إذ يبلغ عدد أعضائها في حي ويليامزبرغ وحده نحو 57 ألف شخص، فيما يصل عددهم عالميًا إلى 300 ألف.

تأييد مؤثر في اللحظة الحاسمة

كان الحاخام إينديغ قد دعم سابقًا حاكم نيويورك السابق أندرو كومو خلال الانتخابات التمهيدية في يونيو/حزيران الماضي، لكن استطلاعات الرأي الحالية تشير إلى أن كومو – الذي يخوض الانتخابات كمرشح مستقل – يتراجع للمركز الثاني خلف ممداني.

وفي مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز في يونيو، وصف الحاخام إينديغ ممداني بأنه “شخص لطيف ومتواضع جدًا”، مضيفًا أنه “ليس معاديًا للسامية” وأنه “سيتعاون مع جميع مكونات المدينة وجميع الطوائف”.
وأوضح: “لو أصبح رئيسًا للبلدية، فلن تكون لدينا مشكلة معه، لكن بعض تصريحاته العلنية جعلت الأمر حساسًا بعض الشيء”، في إشارة إلى مواقفه الناقدة لإسرائيل والتي أثارت حفيظة بعض القادة الأرثوذكس الآخرين.

انقسام داخل الطائفة الساتمارية

أثار تأييد الحاخام إينديغ انقسامًا داخل الطائفة نفسها، إذ سارع ثلاثة من قادة جناح “أهرونيم” إلى إعلان دعمهم لكومو بعد ساعات فقط من إعلان التأييد لممداني.

ورغم ذلك، يُعد موقف إينديغ ذا تأثير واسع، كونه يمثل الصوت السياسي الرسمي لجناح الأهرونيم في ويليامزبرغ، وهو الجناح الذي يتمتع بثقل انتخابي كبير في المدينة.

وفي المقابل، أعلنت قيادة جناح “زاليس” – الفصيل الآخر داخل الطائفة الساتمارية – أنها لن تؤيد أي مرشح محدد، لكنها دعت أتباعها للمشاركة في التصويت، معربة عن رفضها لما سمّته “الحملة التحريضية غير المسؤولة ضد زهران ممداني”، مؤكدة ضرورة الابتعاد عن خطاب الكراهية.

وزن انتخابي حاسم للحريديم

لطالما سعى مرشحو رئاسة بلدية نيويورك إلى كسب دعم الطائفة الحريدية التي تصوّت عادة كتلة واحدة وتتمتع بقدرة تنظيمية عالية. ويُذكر أن جناح الأهرونيم دعم في عام 2013 المرشح بيل دي بلاسيو، وساهم بنحو 7500 صوت رجّحت كفته للفوز من الجولة الأولى بفارق 5000 صوت فقط.

كما دعمت الطائفة نفسها إريك آدامز ضد أندرو يانغ في انتخابات 2021، بعد أن كانت معظم الفصائل الحريدية الأخرى تميل إلى يانغ.

وبحسب صحيفة The Forward، فإن فوز ممداني – إذا تحقق – سيجعلها المرة الثالثة على التوالي التي تُثبت فيها كتلة الأهرونيم نفوذها السياسي عبر دعم المرشح الفائز، في حين اختارت كتل يهودية أخرى مرشحين منافسين.

طائفة مناهضة للصهيونية

تُعد الطائفة الساتمارية من أكثر الجماعات اليهودية الأرثوذكسية معارضة للصهيونية، إذ ترى – من منطلق ديني – أن قيام دولة إسرائيل قبل مجيء الماشيح (المخلّص) مخالف للعقيدة اليهودية. كما تعارض الطبيعة العلمانية للدولة الإسرائيلية وترفض الخدمة العسكرية الإلزامية في جيشها، ما يجعلها على خلاف دائم مع مؤسسات الاحتلال.

جاء تأييد الحاخام موشيه إينديغ لممداني قبل 48 ساعة فقط من التصويت، ليضيف زخمًا غير متوقع لحملة المرشح المسلم الذي يواجه حملات تشويه شرسة تتهمه بمعاداة السامية. لكن دعم زعيم طائفة أرثوذكسية مناهضة للصهيونية قد يمنح ممداني غطاءً سياسيًا ودينيًا نادرًا، ويعزز صورته كمرشح قادر على بناء تحالفات تتجاوز الانقسامات التقليدية في نيويورك.

مقالات ذات صلة