زلزال سياسي في إسرائيل إثر إقرار الكنيست لقانون يحد من سلطة المحكمة العليا

هز زلزال سياسي إسرائيل عقب تصويت أعضاء الكنيست اليوم الاثنين لصالح قانون يحد من سلطة المحكمة العليا، وهو واحد من مجموعة إصلاحات قضائية يقول النقاد إنها تحول البلاد إلى دولة أوتوقراطية.

وتظاهر الآلاف في القدس قبل التصويت على القانون وبعده، وقاموا بإغلاق الطرق المؤدية إلى الكنيست واستخدمت الشرطة خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين، فيما تجمع آلاف آخرون في تل أبيب في ظل تكهنات بتواصل الاحتجاجات طيلة ساعات الليل.

وأقر الكنيست مشروع القانون بأغلبية 64 صوتًا دون أي صوت معارض، بعد أن غادر نواب المعارضة البرلمان احتجاجًا على انهيار محادثات التوافق.

ويلغي القانون الجديد “معيار المعقولية” الإسرائيلي، ويقضي على قدرة المحكمة العليا على عرقلة قرارات الحكومة التي تعتبرها المحكمة غير معقولة.

ويعتبر القانون جزءاً من حزمة مشاريع القوانين التي اقترحتها الحكومة في وقت سابق من هذا العام والتي تسعى إلى إصلاح النظام القضائي في البلاد.

ويدفع مؤيدو الإصلاحات موقفهم بالقول أن سن هذه القوانين ضروري لإعادة التوازن بين أذرع السلطات، بينما يرى المعارضون أنها ستزيل الضوابط وتلغي التوازنات وتقوض استقلال النظام القضائي.

وشهدت أروقة الحكومة الائتلافية اليمينية المتطرفة خلافات قبل التصويت، حيث ورد أن وزير الدفاع يوآف غالانت دعا في اللحظات الأخيرة إلى محادثات تسوية مع المعارضة.

لكن وزير العدل ياريف ليفين ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير رفضا الاقتراح، بحسب صحيفة هآرتس.

وقال وزير المالية بتسلئيل سموتريتش إن الحكومة “لم تدخر وسعاً حتى اللحظة الأخيرة لكن المعارضة لم تستجب للأسف”.

في غضون ذلك، اتهم زعيم المعارضة يائير لبيد التحالف بإساءة استخدام السلطة، وقال إنه سيقدم التماسًا للمحكمة العليا الإسرائيلية ضد القانون الجديد.

وتابع لبيد:” هذا خرق كامل لقواعد اللعبة، يمكن للحكومة والائتلاف اختيار الاتجاه الذي تسير فيه الدولة، لكن لا يمكنهم تحديد طبيعة الدولة”.

وشدد على أن ” هذا يوم حزين، يوم تدمير منزلنا، وخلق كراهية لا داعي لها، وانظروا الى التحالف إنه يحتفل”.

الاعتقالات وتعطيل الأعمال

وأغلق المتظاهرون الذين رفعوا الأعلام الإسرائيلية الشوارع بالقرب من مبنى الكنيست في وقت سابق يوم الإثنين، وقاموا بتقييد أنفسهم إلى بعضهم البعض في إشارة إلى نيتهم مواصلة التظاهر والاحتجاج.

وأظهرت لقطات انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي رجال الإطفاء يستخدمون مقصات كهربائية لتفكيك السلاسل البشرية، بينما شوهد ضباط الشرطة وهم يبعدون متظاهرين بالقوة. 

وقالت هآرتس إن اثنين من المتظاهرين نُقلا إلى المستشفى بعد إصابتهما بالرأس والرقبة، فيما ذكرت الشرطة أن ما لا يقل عن 19 شخصا اعتقلوا في مظاهرة القدس.

ودعا الرئيس الأمريكي جو بايدن، الأحد، إسرائيل إلى عدم التسرع في الإصلاحات “المثيرة للشقاق”، مشيراً إلى أن “اقتراح الإصلاح القضائي الحالي أصبح أكثر إثارة للانقسام.”

وأوضح أنه “بالنظر إلى مجموعة التهديدات والتحديات التي تواجه إسرائيل في الوقت الحالي، فليس من المنطقي أن يستعجل القادة الإسرائيليون هذه الإصلاحات، ويجب أن يكون التركيز على حشد الإجماع.”

ومع التيقن من إقرار القانون، شهدت البورصة انخفاضاً حاداً وتراجعت قيمة صرف الشيكل مقارنة بالدولار.

وأغلقت عشرات من محطات الوقود ومراكز التسوق والمنشآت التجارية أبوابها بعد أن قرر منتدى الأعمال الإسرائيلي تعليق النشاط التجاري بسبب الإصلاحات القضائية. 

لا خيار سوى الاحتجاج

وقال المعلق السياسي ميرون رابوبورت أن “إسرائيل دخلت فصلًا جديدًا في تاريخها لا نعرف كيف سيبدو، لكنه سيكون بالتأكيد دراماتيكيًا”.

وأضاف رابوبورت أن الخلافات بين الوزراء حول مشروع القانون أضعفت الحكومة، وأشار إلى أن نتنياهو “بدا ممزقا بين قوى مختلفة”.

ويعتقد رابوبورت أن العواقب ستبدأ في التراكم من خلال المزيد من الاحتجاجات والإضرابات، ورفض الشركات دفع الضرائب، وفقدان الدعم من الولايات المتحدة.

وحذر رابوبورت من إمكانية توجه الحكومة، في ظل الاضطرابات الداخلية الشديدة، إلى تحويل الضغط باتجاه الفلسطينيين في الضفة الغربية، الأمر الذي من شأنه أن “يعمق الاحتلال والفصل العنصري وعمليات الهدم”.

أزمة الشرعية

ومع ذلك، فإن الحكومة الإسرائيلية تمر بأزمة شرعية، حيث تعتقد قطاعات كبيرة من السكان أن حكومة نتنياهو تقوض الدولة بدلاً من قيادتها.

وقال رابوبورت:” لا نرى هذا في أي دولة غربية ديمقراطية، لا أرى شيئًا مشابهًا في أي مكان آخر”.

وأظهرت نتائج الاستطلاع التي أوردتها هيئة الإذاعة الوطنية أن 46٪ من الإسرائيليين يعارضون التعديلات القضائية، بينما يؤيدها 35٪ ولم يقرر 19٪ موقفهم منها.

وتنظم المظاهرات والإضرابات بانتظام منذ كانون ثاني / يناير في محاولة لإجبار الحكومة على وقف خطتها للإصلاح القضائي، وقد انضم مئات من جنود الاحتياط إلى المتظاهرين مؤخراً.

ويوم الجمعة، أعلن أكثر من 1100 جندي احتياطي في سلاح الجو الإسرائيلي، من بينهم أكثر من 400 طيار، في رسالة غير مسبوقة إنهم سيعلقون عملهم إذا لم يتم إلغاء خطة الحكومة.

وخلال الأسبوع الماضي، أدان رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تهديد جنود الاحتياط “بعدم الحضور لأداء الواجب”، قائلا أن ذلك “يشبه تدمير الديمقراطية”.

وأضاف:” لا يمكن لمجموعة من الجيش أن تهدد حكومة منتخبة بالتوقف عن الدفاع عن البلاد إذا لم تتصرف هذه الحكومة كما تحب هذه المجموعة”. 

وفي وقت سابق يوم الاثنين، خرج نتنياهو من المستشفى بعد عملية جراحية لتركيب جهاز تنظيم ضربات القلب.

مقالات ذات صلة