“سحور مغمّس بالدم”.. اليوم الذي قتل فيه الاحتلال 183 طفلاً في غزة وحولها إلى “مقبرة للأطفال” في “الثلاثاء الحمراء”

"سحور مغمّس بالدم".. اليوم الذي قتل فيه الاحتلال 183 طفلاً في غزة وحولها إلى "مقبرة للأطفال" في "الثلاثاء الحمراء"

يتميز شهر رمضان المبارك عن غيره من شهور السنة بتغير الروتين عبر العديد من الشعائر والممارسات ومن بينها الاستيقاظ لتناول وجبة السحور قبل أذان الفجر استعدادًا للصيام.

تستيقظ العائلات، بما في ذلك الأطفال أحيانًا، معًا خلال الشهر الفضيل لتناول السحور وأداء صلاة الفجر، لكن سحور يوم الثلاثاء كان مختلفاً، فقد استشهد مئات الفلسطينيين في غزة جراء قصف الاحتلال في تلك الساعات الأولى من وقت السحور.

كان بعض من استشهدوا مستيقظًا يتناول الطعام مع عائلته، بينما كان آخرون نائمين في مخيمات النازحين المؤقتة أثناء تحضير الطعام، حيث أُبيدت أجيالٌ كاملة من العائلات في غارات الاحتلال الدامية.

“قضى الناس نحبهم وهم نائمون، وقُتلت النساء وهنّ يحضرن الطعام، لم يُصدر أي إشعار بالإخلاء، كان هذا قصفًا شاملًا شمل غزة بأكملها ” – راشيل كامينغز، منظمة “أنقذوا الأطفال”، غزة

وقد وُصف توقيت العدوان بأنه مُتعمد، فقد شنّت قوات الاحتلال هجومًا مفاجئًا في الساعات الأولى من الفجر لقناعتها أن “عناصر حماس” سيحضرون وجبات السحور.

ويُصرّ المسؤولون في دولة الاحتلال على زعمهم بأن قادة حماس وبنيتها التحتية كانت أهدافًا لموجة الهجمات، ولكن من بين 436 شهيداً يوم الثلاثاء، سجل ارتقاء أكثر من 180 طفلًا.

وقالت ميراندا كليلاند، من الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال في فلسطين(DCIP)، لموقع ميدل إيست آي: “لا أُشغل بالي كثيرًا بمن يدّعي جيش الاحتلال استهدافه في هجمات كهذه، فبدلًا من ذلك، انظروا إلى الأدلة، مقتل 183 طفلًا، أي ما يُقارب نصف عدد قتلى الأمس، يُشير إلى أن هذه حرب على الأطفال”.

وأضافت: “مقتل 18 ألف طفل منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 يُشير إلى أن هذه حرب على الأطفال، بغض النظر عما يقوله الجيش الإسرائيلي”.

وشهد يوم الثلاثاء واحدًا من أكبر حصيلة أعداد الأطفال الذين يستشهدون في يوم واحد في تاريخ غزة، وفقًا للحركة العالمية للدفاع عن الأطفال التي تعمل على توثيق جرائم الاحتلال في القطاع منذ عام 2000.

وعلى مدار الأشهر السبعة عشر الماضية من الحرب، رصدت الحركة أعداد الشهداء الأطفال التي قدمتها وزارة الصحة في غزة، دون أن تسجل يومًا شهد دموية مثل 18 مارس/آذار 2025.

غزة مقبرة للأطفال

ومن بين الأطفال الشهداء عمر الجماصي، 15 عامًا، وشقيقته ليان، 16 عامًا الذين استشهدا مع والدتهما وأشقائهما.

كانت ليان متحمسة لبدء العام الدراسي الجديد صباح الثلاثاء، فالتحقت هي وعمر بمدرسة خيام أُقيمت كجزء من مشروع “عقول غزة العظيمة”، لكنها استشهدت في غارة جوية للاحتلال قبل ساعات من بدء العام الدراسي.

وقال أحمد أبو رزق، مؤسس المشروع عن الشقيقين الطفلين الشهيدين: “كانا يبتسمان دائمًا ويتشاركان السعادة أينما ذهبا”.

وقالت راشيل كامينغز، من منظمة “أنقذوا الأطفال”، والمتواجدة حاليًا في دير البلح وسط غزة، لموقع ميدل إيست آي أن الأطفال والرضع أكثر عرضة لخطر الموت جراء الغارات الجوية.

وأضافت: “المخاطر التي يتعرض لها الأطفال في هذا السياق هائلة، ولأن أجسامهم صغيرة جدًا، فإن دمهم أقل، لذا يموتون بشكل متكرر بسبب إصابات الانفجارات”.

ويشكل الأطفال ما يقرب من نصف سكان غزة، الأمر الذي يجعلها من أكثر مناطق العالم فتوةً، لكن عمار عمار، من اليونيسف، وكالة الأمم المتحدة لإغاثة الأطفال، قال لموقع ميدل إيست آي: “أصبحت غزة مقبرة للأطفال”.

وتابع: “قُتل أطفال وجُرحوا ودُفنوا تحت الأنقاض وتجمدوا وماتوا جوعًا، وشهدوا العديد من الأهوال الأخرى التي لا ينبغي أن يتعرض لها أي طفل”.

“أثر الصدمة”

وبالنسبة للأطفال الذين نجوا من عدوان الاحتلال الذي استمر 18 شهرًا حتى الآن، فقد واجهوا النزوح والحرمان من الاحتياجات الأساسية، حيث تقدر اليونيسف أن جميع أطفال غزة، البالغ عددهم مليون طفل، بحاجة إلى دعم نفسي واجتماعي.

“لن يخرج أي طفل من أهوال شهور من القصف المتواصل دون أن يحمل معه أثر الصدمة” – عمار عمار، اليونيسف.

ولأكثر من أسبوعين، منعت سلطات الاحتلال جميع شاحنات المساعدات من دخول القطاع، وقطعت عنه الكهرباء خلال الأسبوع الماضي.

وأوضح عمار أن هذا ترك العديد من العائلات تكافح لتوفير ما يكفي من الغذاء والمياه النظيفة لأطفالها.

وبالعودة إلى كليلاند فقد قالت: “يموت الأطفال بسبب أمراض يمكن الوقاية منها، مثل سوء التغذية والجفاف وانخفاض حرارة الجسم، جراء حصار الاحتلال على غزة والدمار الشامل للمنازل ونظام الرعاية الصحية”.

وأضافت أن هجمات الاحتلال خلّفت قاصرين يعانون من إعاقات دائمة، دون رعاية لاحقة مناسبة، أو أطراف صناعية، أو علاج طبيعي.

وفيما يتعلق بهجوم يوم الثلاثاء، يؤكد النشطاء على أن الاحتلال ملزمة بحماية الأطفال، حيث أوضح عمار: “يتمتع الأطفال بحماية خاصة بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان، ويجب ألا يكونوا هدفًا أبدًا”.

وأضاف كليلاند: “لم تكن هجمات الأمس انتهاكًا لاتفاق الهدنة المتفاوض عليه فحسب، بل انتهاكًا للقانون الإنساني الدولي، الذي يحظر الهجمات العشوائية، فقصف المناطق المدنية المكتظة بالسكان هو، بحكم تعريفه، قصف عشوائي”.

مقالات ذات صلة