نفذت جرافات الاحتلال يوم الأربعاء عمليات هدم طالت 47 منزلاً فلسطينياً في منطقة النقب في أكبر عمليات هدم لمنازل الفلسطينيين في يوم واحد منذ سنوات.
واستهدفت عمليات الهدم التي جرت في محيط قرية أم بطين تحت حراسة من شرطة الاحتلال منازل لسكان من عائلة أبو عصا، تاركة المئات منهم بلا مأوى.
وتذرعت سلطات الاحتلال بأن الهدم يأتي بحجة أن المباني أقيمت دون الحصول على تصاريح البناء المناسبة، والتي نادراً ما تمنح للفلسطينيين من البدو في صحراء النقب.
من جهتهم، قام العديد من أصحاب المنازل بإضرام النار فيها قبل هدمها، مفضلين أن تحترق على أن يشاهدوها تدمر على أيدي الاحتلال.
واعتقلت قوات الاحتلال الفلسطيني أحمد أبو عصا بعد أن محاولته عرقلة عمل الجرافات.
وذكر كايد أبو لطيف، وهو مزارع وباحث في الدراسات الزراعية، إن أمر الهدم كان “مفاجئاً”، وأن “حكومة الاحتلال تتجاهل بشكل صارخ التضحيات التي قدمها المجتمع الفلسطيني في النقب خلال الحرب”.
وأكد أبو لطيف أن عملية الهدم يوم الأربعاء كانت الأكبر من نوعها والتي يتم تنفيذها في يوم واحد في النقب منذ سنوات.
وأضاف أن سلطات الاحتلال صادرت الأثاث ونقلته في شاحنات من داخل المنازل قبل تدميرها.
وفي أحد مقاطع الفيديو التي نشرتها وسائل الإعلام المحلية، ظهرت امرأة فلسطينية تتحدث إلى الشرطة بعد أن صادروا المتعلقات الشخصية لأفراد أسرتها، بما في ذلك ألبومات الصور.
وأغلقت الشرطة المنطقة التي جرت فيها عمليات الهدم ومنعت سياسياً فلسطينياً يشغل أحد مقاعد الكنيست من الاقتراب من الموقع.
وقالت لجنة المتابعة العليا لعرب النقب، وهي هيئة سياسية تمثل احتياجات المواطنين الفلسطينيين في الداخل، في بيان لها، أن عمليات الهدم تركت النساء والأطفال والمسنين في العراء تحت أشعة الشمس الحارقة، دون مأوى ودون توفير مكان بديل يذهبون إليه.
وقال عضو اللجنة جمعة الزبارقة، إن “تدمير منازل مئات المواطنين جريمة منظمة ومؤشر خطير على الممارسات العدائية التي يقودها وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ضد المواطنين الفلسطينيين وخاصة في النقب”.
وكان بن غفير قد أشاد بعمليات الهدم واعتبرها “خطوة مهمة نحو استعادة الحكم”، ووعد في منشور على موقع X بأنه سيتم هدم المزيد من المنازل.
وأوضحت لجنة المتابعة العليا لعرب النقب أن الاحتلال أجبر عائلة أبو العصا على الانتقال إلى منطقة مختلفة من أجل تمهيد وتوسيع الطريق السريع رقم 6 إلى الجنوب، مضيفة أن هدف بن غفير هو “تعميق التمييز العنصري”.
وأضافت أن “العائلة رفضت الانتقال إلى الموقع الذي اقترحه الاحتلال عليها، وتطالب بالعيش في حي تل السبع”.
وقال أبو لطيف إن المجتمع البدوي لم يكن يرفض تعبيد الطريق السريع، لكنه أراد أن يحصل على حل حقيقي لوضعه أولاً.
وأردف يقول: “قبل أن نفكر في الطريق السريع، عليهم أن يفكروا أولاً في حياة الأشخاص الذين أصبح مصيرهم مجهولاً الآن”.
ويقيم نحو 300 ألف مواطن فلسطيني في إسرائيل في منطقة النقب، بما في ذلك 100 ألف يعيشون في 30 قرية غير معترف بها وتفتقر إلى الخدمات العامة الأساسية، بما في ذلك وسائل النقل والطرق والمدارس.
ويقول المواطنون الفلسطينيون في النقب، الذين يشكلون 32% من سكانه، أن سلطات الاحتلال حاولت إجبارهم على الرحيل وتدمير أسلوب حياتهم البدوي على مدى عقود، بأساليب مختلفة.
وتشمل هذه الأساليب مصادرة الأراضي من الفلسطينيين وهم السكان الأصليون وتحويل أصحاب الأراضي إلى عمال فيها، ومنع توسع القرى الفلسطينية وتطويقها بمستوطنات يهودية جديدة.