لقد تسبب سقوط أولى الصواريخ الإسرائيلية على العاصمة الإيرانية طهران في حوالي الساعة 3:30 بعد منتصف الليل، إلى فزع سميرة، وهي من سكان حي الكمرانية شمال طهران، وزوجها من السرير حيث أكدت في مقابلة لها مع موقع ميدل إيست آي بالقول: “لم تكن لدينا أي فكرة عما كان يحدث”.
بفعل الضربة، تحطمت نوافذ الشقة بأكملها وتحطمت الثريات على الأرض، في مشهد وصفته سميرة بالقول: “نهضنا من الأرض خائفين وأدركنا أن الشقة المقابلة لشقتنا قد تعرضت للقصف”، حيث تسكن سميرة مقابل مقر إقامة علي شمخاني، مستشار المرشد الأعلى الإيراني، والذي كان من بين كبار المسؤولين الإيرانيين الذين قُتلوا في الغارات الجوية الإسرائيلية في الساعات الأولى.
وصفت سميرة نجاتها بأنها “معجزة” بسبب قوة الانفجار، ثم سمعت بعد ذلك صدى صفارات الإنذار وسيارات الطوارئ وهي تهرع لإطفاء الحرائق في جميع أنحاء المدينة.
لقد كان شمخاني ممثلاً لطهران في المحادثات مع الولايات المتحدة حول اتفاق جديد للحد من قدرات إيران النووية وتخفيف التوترات في المنطقة، وقد أدى مقتله إلى جانب مقتل شخصيات بارزة في الحرس الثوري الإسلامي وكبار القادة العسكريين والعلماء وعدد لا يحصى من المدنيين، إلى تبديد الآمال في التوصل إلى حل دبلوماسي.
أعلنت إسرائيل من جانبها بأن عملياتها ضد إيران، والتي استهدفت بشدة منشآتها النووية وأسفرت عن مقتل 78 شخصاً في طهران وحدها، قد تستمر لأكثر من أسبوعين، في هجوم هو الأكثر وحشية ضد العاصمة الإيرانية منذ نهاية الحرب الإيرانية العراقية عام 1988، حيث ترك سكان المدينة في حالة من الغضب والخوف مما قد يحدث بعد ذلك.
قلق وخوف
يصف بهرام، المهندس المعماري الذي يبلغ من العمر 45 عاماً ويعيش في حي باسداران شمال شرق طهران، ما حدث باستيقاظه بسبب صوت الانفجارات، فهو يعيش قرب مجمع الشهيد رجائي، أحد الأهداف الرئيسية للغارات الإسرائيلية.
في البداية، ظن بهرام أن الصوت صوت رعد، لكن عندما استمرت الانفجارات، خرج إلى الشرفة ويقول: “صعدت إلى الشرفة، وكانت رائحة البارود تفوح من المنطقة بأكملها”.
“إسرائيل لا تفهم إلا القوة، ومن السذاجة الاعتقاد بأن هذه الهجمات سوف تكون نهاية الأمر، فقد هاجموا أرضنا ويجب الرد عليهم بقوة حاسمة” – مواطن إيراني لميدل إيست آي
أما دانيال ذو 39 عاماً، والذي يعيش في منطقة مرزداران غرب طهران والتي استهدفتها إسرائيل، فيقول أنه استيقظ مصدوماً من عدة انفجارات وكان مشوشاً وخائفاً، يقول: “تحطمت جميع نوافذ السيارات في الشارع الذي أعيش فيه، وانفجرت الإطارات”.
بعد ساعات قليلة من الضربات، هرع السكان المذعورون إلى محطات الوقود للتزود بالوقود، حيث تشكلت طوابير غير مسبوقة في محطات الوقود في العاصمة، فقد انتاب السكان مزيج من مشاعر الغضب والارتباك بسبب ما حدث.
مشاعر مختلطة
ليست هذه الهجمات الأخيرة هي الأولى، ففي يوليو عام 2024، وبعد اغتيال إسرائيل لزعيم حماس إسماعيل هنية بقذيفة أطلقت على دار ضيافة يسيطر عليها الحرس الثوري الإيراني حيث كان يقيم، بعد حضوره أداء اليمين للرئيس الإيراني مسعود بيزشكيان في طهران، كان هناك تبادل لإطلاق الصواريخ بين إسرائيل وإيران.
وتعد الحكومتان الإسرائيلية والإيرانية عدوتين منذ زمن طويل، فكل نظام منهما يهدد باستمرار بتدمير الآخر، ومع ذلك، فإن وجهات النظر بين المواطنين الإيرانيين متباينة، فبينما يشعر البعض بالغضب تجاه إسرائيل بسبب هجماتها على الأراضي الإيرانية، ينتقد آخرون الحكومة الإيرانية، التي أصبحت لا تحظى بشعبية كبيرة بسبب القمع الشديد والفشل الاقتصادي والفساد.
في حديثها لميدل إيست آي، قالت مهسا الطالبة الجامعية ذات 21 عاماً: “أخيراً، قام أحدهم بالانتقام من هؤلاء المجرمين، فلا يمكن للأمور أن تسوء أكثر مما هي عليه بالفعل، وقد عانينا الكثير ونريد للأمر أن ينتهي، فالموت مرة والحداد مرة، مهما حدث، لا يمكن أن يكون أسوأ من هذا”.
وشاركتها في الرأي فرزانة البالغة من العمر 41 عاماً، والتي تعمل في المبيعات في شركة خاصة لقطع غيار السيارات، فتقول أنها رغم “الخوف والقلق” الذي تشعر به إلا أنها تريد أيضاً “البقاء متفائلة”، وأضافت: “آمل أن نتمكن في المستقبل غير البعيد من العيش بحرية وسلام دون استبداد الذين يحكموننا الآن”.
لقد كان للحرب على غزة، التي بدأت في أكتوبر عام 2023، تأثير على استقطاب الكثير من الإيرانيين، فرغم دعم الحكومة والكثير من السكان للفلسطينيين،إلا أن بعض المعارضين للجمهورية الإسلامية يتعاطفون مع إسرائيل ومعارضتها لنظام يعتبرونه طغياناً.
من المرجح أن يؤثر حجم هذا الرد والرد الإسرائيلي المضاد على حياة عشرات الملايين من الناس، سواء داخل إيران أو في مختلف أنحاء الشرق الأوسط
يرى دانيال مثلاً أن إسرائيل “لا تفهم إلا القوة، ومن السذاجة الاعتقاد بأن هذه الهجمات سوف تكون نهاية الأمر، فقد هاجموا أرضنا ويجب الرد عليهم بقوة حاسمة”.
حتى “لا يبقَ شيء”
لقد بددت الهجمة الأخيرة الشعور بالتفاؤل الذي ساد إيران بعد توقيع الاتفاق النووي لعام 2015، ففي آخر تعليقاته على شبكة “الحقيقة الاجتماعية” التي يملكها ترامب، هدد الرئيس الأمريكي إيران بوجوب التوقيع على اتفاق جديد مع الولايات المتحدة قبل أن تشن إسرائيل المزيد من الهجمات و”لا يبقَ شيء” من البلاد على حد وصف ترامب.
في حديثه لميدل إيست آي، أكد وقال مدير السياسات في المجلس الوطني الإيراني الأمريكي، ريان كوستيلو، بأن احتمالات التوصل إلى اتفاق جديد تبدو بعيدة، وأضاف: “في الوقت الذي نأمل فيه ألا تخرج الحرب عن نطاق السيطرة، فإن إيران لن تتفاوض على اتفاق نووي عندما تتعرض لقصف، ولذلك يجب أن تتركز الجهود الدبلوماسية على إنهاء القصف وإبعاد الولايات المتحدة عن الحرب، ولكن لسوء الحظ، فإن تصريحات ترامب الأولية بعد الضربات تخاطر بأن تكون الولايات المتحدة هدفاً لأي أعمال انتقامية”.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)