سلال الخبز الفارغة هدية قيس سعيد للتونسيين!

كانت عقارب الساعة تشير إلى السابعة صباحًا، حين تشكل الطابور أمام المخبز العام في حي باب الجديد في تونس، بينما كانت أرغفة خبز الباجيت، الذي يبلغ سعره 0.07 دولار فقط، تختفي بسرعةٍ من على الرفوف وسط تزاحم التونسيين صغاراً وكباراً لشراء المعروض الذي لا يكفي احتياجهم. 

 وقال رجل مسن كان ينتظر في الطابور: “عليك أن تصل إلى المخبز مبكرًا، وإلا فلن تحصل على أي خبز”.

وأضاف:” أضطر أحيانًا إلى الانتظار في الطابور 15 دقيقة أو أكثر لمجرد الحصول على الخبز الفرنسي”.

تظهر مشاهد كهذه في جميع أنحاء البلاد حيث يشكو التونسيون من طول الطوابير وتراجع ​​كميات الخبز الذي يعد مكونًا حيويًا في مطبخهم.

وإلى جانب الخبز، يصعب الحصول منتجات القمح الأخرى كالدقيق والكسكسي والمعكرونة، فضلاً عن السلع الأساسية الأخرى مثل الأرز والسكر.

وقال علاء الدين، الذي يسكن في منطقة سيدي بوزيد ” عليك أن تنسى أمر العثور على الخبز في متجر عادي أو في السوبر ماركت، فهو متوفرٌ فقط في المخبز”.

ويرى المختصون في الاقتصاد أن أصل المشكلة يكمن في المصاعب التي تواجه الحكومة لتغطية الدعم الذي اعتمد عليه الكثير من التونسيين لعقود.

 وقال المختص الاقتصادي التونسي طارق بوعصيدة أن الدولة التونسية كانت “تمنح الأولوية للوصول إلى السلع الأساسية، لا سيما المواد الغذائية الرئيسة مثل الخبز والمعكرونة والكسكس، لكن الأمر أصبح أكثر صعوبة في ظل الأزمة الاقتصادية”. 

دفعت حرب أوكرانيا وعجز الميزانية بمليارات الدولارات وتراكم المديونية الدولية الحكومة التونسية إلى التوقف عن بيع الدقيق المدعوم إلى مئات المخابز الخاصة الأسبوع الماضي، مما أدى إلى موجةٍ من الاضطرابات والاحتجاجات يوم الاثنين. 

وأدت مراوحة الاقتصاد التونسي أداءه السيء منذ استيلاء الرئيس قيس سعيد على السلطة عام 2021 إلى تراجع ملف القمح في قائمة أولويات حكومته.

وقال فاضل قبوب، أستاذ الاقتصاد بجامعة دينيسون ورئيس المعهد العالمي للازدهار المستدام، إن نقص الخبز في تونس إلى جانب تحديات دعم الغذاء العامة جاء نتيجة عقود من السياسات الفاشلة.

وتابع:” نحن دائما نستورد أكثر مما نصدر، ولا نقترض من أجل الاستثمار، نحن نقترض من أجل الاستهلاك”.

بذلت العديد من الحكومات التونسية جهودًا لمعالجة أزمة الخبز من خلال الزيادة التدريجية للأسعار أو إنقاص حجم الرغيف المدعوم.

لكن بعض تلك المحاولات أثارت غضباً واسع النطاق في أوقاتٍ متعددة، مثل “احتجاجات شغب الخبز” التي شهدتها البلاد في عهد حكومة حبيب بورقيبة عام 1984.

وكان سعيد، الذي مضى في طريق خفض الإعانات تلبية لشروط التفاوض على حزمة إقراض بقيمة 1.9 مليون دولار مع صندوق النقد الدولي، قد قال إنه يجب أن يكون هناك فقط “نوع واحد من الخبز”. 

واتخذ سعيد إجراءات لوقف ادخال الدقيق المدعوم إلى المخابز الخاصة، حيث منعت وزارة التجارة أكثر من 1500 من أصحاب تلك المخابز من شراء الدقيق المدعوم، الأمر الذي يعرض أعمالهم للخطر وقد يؤدي إلى المظاهرات.

ولا يمكن للعديد من التونسيين أبناء الطبقة العاملة، تقبل مجرد فكرة رفع الدعم عن الخبز، حيث قال نور الدين، أحد الزبائن المنتظمين في المخبز العام في باب الجديد، “يجب أن يكون هذا مؤقتًا فقط، فإنهاء الدعم سيؤدي إلى الفوضى”.

لكن محمد، الذي يدير المخبز، يعتقد أن هذه المرحلة تشهد “بداية نهاية الخبز المدعوم”، وقال:” إذا كان هذا هو الحال، فإن الشعب التونسي سيكون الضحية في نهاية المطاف”.

مقالات ذات صلة