بقلم سيمون هوبر
ترجمة وتحرير مريم الحمد
تزامناً مع وفاته مؤخراً، تجدر الإشارة إلى دور السياسي البريطاني البارز والذي كان له دور رئيسي في اتفاق السلام مع إيرلندا الشمالية سابقاً، مايكل أنكرام في الدعوة إلى حوار عاجل مع حماس وحزب الله كخطوة ضرورية نحو تسوية سلمية في الشرق الأوسط.
يذكر أن الوزير السابق في أيرلندا الشمالية، مايكل أنكرام، والذي توفي عن عمر يناهز 79 عاماً، كان قد أجرى عدداً من الاجتماعات مع كبار قادة حماس وحزب الله بين عامي 2007-2009، وذلك كجزء من الجهود الدبلوماسية غير الرسمية لإحياء عملية السلام في أعقاب حروب إسرائيل مع غزة ولبنان عام 2006.
كان أنكرام، وهو عضو في البرلمان عن حزب المحافظين، جزءاً من الوفد البريطاني الذي التقى بزعيم حماس خالد مشعل في دمشق، سوريا، في يونيو عام 2008، كما أجرى محادثات مع كبار قادة حماس وحزب الله في بيروت، منها اجتماعه مع رئيس العلاقات الدولية في حزب الله، نواف الموسوي، في يناير عام 2009.
“لقد التقيت بحماس في بيروت في عدد من المناسبات وأعتقد أن الأساس لحوار استكشافي بناء موجود، فقد اختارت حماس السير على الطريق الديمقراطي” – مايكل انكرام في عام 2006
وفي أعقاب تعيين رئيس الوزراء السابق، توني بلير، مبعوثاً للسلام في الشرق الأوسط ممثلاً عن “اللجنة الرباعية” التي تضمنت الولايات المتحدة والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا، كتب أنكرام في يوليو من عام 2007، يحث بلير على إقامة حوار مع حماس التي كانت قد فازت في الانتخابات آنذاك.
كتب أنكرام وقتها: “إن التحدث مع حماس وحزب الله ليس خطوة مستهجنة أو معقدة، فأنا كنت أفعل ذلك في جنوب بيروت مع كبار المسؤولين من الحركتين داخل وخارج البلاد طوال الأشهر الستة الماضية، وهم على استعداد للحديث، فأنا لم أكن أتفاوض ولكني أستكشف ولم أكن متخوفاً ولكن أحاول أن أفهم، فعملية الحوار الاستكشافي هذه هي من فتحت النوافذ للسلام في إيرلندا الشمالية”.
تجدر الإشارة إلى أن كلاً من حماس وحزب الله هما جماعتان محظورتان في المملكة المتحدة، ولكن في ذلك الوقت، كانت الحكومة البريطانية قد حظرت فقط الأجنحة المسلحة لكل منظمة.
في عام 2009، ذكرت شبكة سي إن إن الأمريكية أن بلير، الذي استقال من منصبه كرئيس للوزراء قبل أسابيع فقط من تعيينه من قبل اللجنة الرباعية، كان على علم بالاجتماعات بين البرلمانيين البريطانيين ومسؤولي حماس وحزب الله عندما كان في منصبه.
صرح مصدر مطلع لسي إن إن آنذاك أنه قد “تم إبلاغ رئيس وزراء بريطانيا السابق بهذه اللقاءات وإطلاعه عليها، ورغم عدم إعلانه صراحة الموافقة على تلك الاجتماعات، إلا أنه لم يعطِ توجيهاً بعدم عقدها”.
“لم يكن العمل العسكري الإسرائيلي على مدى السنوات الستين الماضية فاشلاً في هزيمة حماس أو حزب الله فحسب، بل يمكن القول أنه في كلتا الحالتين، الشرق الأوسط وإيرلندا، فإن نفس العامل العسكري هو ما أدى إلى ظهور الحركات المسلحة، فإذا ما كان بإمكان العمل العسكري المستقبلي احتواءهم، لكن لن يتمكن من هزيمتهم، ولذلك فإن أي عملية سلام حقيقية يجب أن تسعى إلى إشراكهم” – مايكل أنكرام عام 2007
كرر أنكرام، الذي كان عضواً في تجمع أصدقاء إسرائيل المحافظين أيضاً، دعوته للحوار مع حماس في مقال نشر على موقع بيت المحافظين في يوليو 2007، حيث حذر فيه من أنه من “سوء الفهم” الاعتقاد بأن الجماعة المسلحة يمكن أن تكون قد هزمت عسكرياً.
كتب أنكرام قائلاً: “لقد التقيت بحماس في بيروت في عدد من المناسبات وأعتقد أن الأساس لحوار استكشافي بناء موجود، فقد اختارت حماس السير على الطريق الديمقراطي”، حيث كانت مستعدة للتصالح مع السلطة الفلسطينية التي تهيمن عليها فتح بعد أن تقاتل الفصيلان الفلسطينيان للسيطرة على غزة بعد انتخابات عام 2006، إلا أن إسرائيل سارعت بحصار القطاع، وجعلت اللجنة الرباعية الاعتراف بدولة إسرائيل شرطاً للمفاوضات مع الحركة.
من جانبها، كشف موقع ميدل إيست آي عام 2015، أن بلير عقد كان قد عقد عدداً من الاجتماعات لمناقشة إنهاء حصار غزة مع زعيم حماس مشعل في الدوحة، وذلك قبل استقالته من منصبه كمبعوث للجنة الرباعية في مايو 2015.
كان أنكرام عضواً في البرلمان عن حزب المحافظين منذ السبعينيات وحتى عام 2010، ثم أصبح لاحقاً عضواً في مجلس اللوردات، وفي التسعينيات، تم تعيينه وزيراً لإيرلندا الشمالية من قبل رئيس الوزراء آنذاك، جون ميجور، في وقت كانت فيه حكومة المملكة المتحدة في المراحل الأولى من استكشاف آفاق عملية السلام في إيرلندا الشمالية.
كان أنكرام، الذي نجا من محاولة الجيش الجمهوري الإيرلندي قتل رئيسة الوزراء مارغريت تاتشر بتفجير فندق في مدينة برايتون خلال مؤتمر حزب المحافظين عام 1984، أول وزير في الحكومة يجري محادثات مع الجماعة الجمهورية المتشددة وجناحها السياسي الشين فين، حيث مهدت المحادثات الطريق لاتفاقية الجمعة العظيمة عام 1998، والتي أنهت الصراع الطائفي في إيرلندا الشمالية.
في محاضرة دعا فيها إلى “الحوار وليس الحرب” عام 2007، وفي إطار حديثه عن الدروس التي تعلمها من محادثات عملية السلام في إيرلندا الشمالية وإمكانية تطبيقها على الوضع في الشرق الأوسط، أكد أنكرام أنه “ليس مسالماً أو ليبرالياً، بل هي حالة بحث عن استرضاء، بعد أن خلص المسؤولون البريطانيون إلى أن الحرب في إيرلندا الشمالية لا يمكن كسبها”.
وأضاف: “لم يكن العمل العسكري الإسرائيلي على مدى السنوات الستين الماضية فاشلاً في هزيمة حماس أو حزب الله فحسب، بل يمكن القول أنه في كلتا الحالتين، الشرق الأوسط وإيرلندا، فإن نفس العامل العسكري هو ما أدى إلى ظهور الحركات المسلحة، فإذا ما كان بإمكان العمل العسكري المستقبلي احتواءهم، لكن لن يتمكن من هزيمتهم، ولذلك فإن أي عملية سلام حقيقية يجب أن تسعى إلى إشراكهم”.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)