شيطنة الإسلام في بريطانيا.. هدف مشترك لبرنامج”بريفنت” والإعلام اليميني

فيصل حنيف

في عام 2006، قال الروائي البريطاني مارتن أميس:” هناك دافع محدد للقول إنه سيتعين على المجتمع المسلم أن يعاني حتى يقوم بترتيب بيته”.

يبدو أن عناصر التيار اليميني في بريطانيا والمنظرين المعادين للمسلمين داخله قد اتخذوا هذه الكلمات شعارا لهم.

إن ما كتبه ويليام شوكروس من مراجعة لـ (Prevent’s report)، والذي قال ذات مرة أن “أوروبا والإسلام هما من أعظم المشاكل وأكثرها رعباً في مستقبلنا”، يمكن أن يُنظر إليه بسهولة على أنه تجسيد لكلمات أميس.

ويقوم الاستنتاج الأساسي للمراجعة على أن اهتماما قليلا قد اعطي للتطرف الممارس من قبل المسلمين، مقابل الكثير من التركيز على أقصى اليمين، وبعبارة أخرى، نسيت بريطانيا فعليًا من هم الأشرار الحقيقيون.

فشل التقرير في توضيح ما هو تصنيف وزارة الداخلية للإرهاب “اليميني المتطرف”، ولكن ذلك لم يكن بحد ذاته هو الهدف من المراجعة.

قوبلت هذه القراءات بسخرية من قبل المسلمين وجماعات حقوق الإنسان، بما في ذلك منظمة العفو الدولية، لاعتبارها جزءا من الرثاء الطويل الذي انخرطت فيه وسائل الإعلام اليمينية في بريطانيا لبعض الوقت.

ففي كل أسبوع تقريبًا، يشتكي المعلقون أو المراسلون أو المراجعون في الصحافة اليمينية من غياب ما يكفي من الأفلام التي تصور البلدان الإسلامية على أنها بلدان متخلفة، أو من فكرة أن الدراما التلفزيونية لا تجرؤ على تصوير الإسلام كما تصور المسيحية.

ومما يثير استياء هؤلاء المعلقين بشكل خاص التصعيد الأخير في دراماتيكية التهديد اليميني المتطرف المتصاعد في بريطانيا، فهم يستهدفون بشكل رئيسي في ازدرائهم ما يسمى باليسار الثقافي، الذي يوصف بأنه “جبان للغاية ومنافق وأنه يخاطر بـ [تقديم عرض] أكثر موضوعية عن الإسلام الأصولي”.

الروايات الصعبة

وبالمثل، تستهدف المراجعة (Prevent’s review) المسلمين الذين لا يرون الأحداث بالطريقة نفسها التي يراها بها من يجتزئون الروايات في البلاد، حيث يتم توصيف المسلمين على انهم يشكلون تهديدا محتملا “لتحدي الروايات الأرثوذكسية أو التي تحركها الدولة”.

ومن المفترض أن يشمل ذلك روايات مثل تلك التي تدور حول المتطرفين الذين حاولوا الاستيلاء على مدارس برمنغهام- والتي، على الرغم من الكشف عنها على أنها حملة شريرة ومخادعة ضد المسلمين، تبقى قصة لم تمسها وسائل الإعلام الأهم منذ فضح تلك المزاعم.

قصة أخرى مثيرة للاهتمام تتضمن الكشف عن القنابل الأخيرة للصحفي سيمور هيرش، الذي اتهم الحكومة الأمريكية بتفجير خط أنابيب نورد ستريم.

فإذا صدق المسلمون أو غيرهم هذا التقرير واستنتجوا أن الأمريكيين كانوا مسؤولين عن شيء مفيد بشكل واضح لأهدافهم الجيوسياسية، فهل سيأتي ذلك برعاية Prevent؟ فالمنطق الموضح في تقرير Prevent يشير إلى احتمال حدوث ذلك.

أشارت الصحفية، ليزي ديردن من الإندبندنت، إلى “خطأ رئيسي” في الصفحة الثالثة من التقرير، حيث يشير شوكروس إلى أن جميع الهجمات الإرهابية في المملكة المتحدة منذ عام 2019 كانت إسلامية بطبيعتها.

ونحن نرحب بتدقيقها، لا سيما أنها تعرف بشكل مباشر مخاطر اليمين المتطرف؛ ففي العام الماضي فقط، واجهت الشخصية اليمينية المتطرفة الأكثر شهرة في بريطانيا قرارا بالحظر لمضايقة ديردن خارج منزلها.

كما لاحظت ديردن وآخرون كيف أن شوكروس لم يُدرج في قائمته للهجمات الأخيرة حادثة عام 2019 حيث صرخ الجاني حرفيًا “يجب أن يموت جميع المسلمين”، ولا الهجوم الإرهابي الأخير في بريطانيا في أكتوبر 2022، حيث ألقى الجاني قنبلة حارقة على مركز للمهاجرين، وكان يهدف إلى “القضاء على أطفال المسلمين”.

ليس من المستغرب، كما أشارت ديردن، أن التقرير يفشل في شرح ما هو تصنيف وزارة الداخلية للإرهاب “اليميني المتطرف”، ولكن لم يكن هذا أبدا هو الهدف من المراجعة.

المعايير المزدوجة

ما يوضحه شوكروس هو أن بعض “الأمثلة على نقاش يمين الوسط، والشعبوية، والأشكال المثيرة للجدل أو المقيتة للتعليقات ذات الميول اليمينية والتعصب … [لا ترقى] إلى حد التطرف”.

يبدو هذا منطقيًا في ظاهر الأمر، باستثناء حقيقة أن بعض أكثر القتلة اليمينيين المتطرفين أو النازيين الجدد شهرة على هذا الكوكب قد اقتبسوا من مثل المراجعات.

 تم التحقق من أسماء بعض النقاد في بيان القاتل النرويجي Anders Behring Breivik، الذي قتل 77 شخصًا، وقال آخرون إن الظروف يجب أن تكون أكثر صعوبة بالنسبة للمسلمين “في جميع المجالات”.

مرة أخرى، لا يحصل المسلمون على هذا النوع من الامتيازات، حيث توسع الدولة الأمنية أذرعها لتشمل “المتطرفين غير العنيفين” تحت راية “الإسلاميين” – وهو نموذج استخدمته الحكومة الفرنسية بشكل متزايد ضد مواطنيها المسلمين، وهو الأمر الذي تلاعبت به بعض وسائل الإعلام اليمينية في بريطانيا وتعتقد أنه يجب تبنيها هنا.

كانت مجلة The Spectator، التي دافعت في الماضي عن النازيين الجدد والتي شجب معلقوها غياب الإسلاموفوبيا عن بريطانيا، تتحدث مؤخرًا عن ضرورة أن تحذو بريطانيا حذو فرنسا، مستشهدة بفشل النواب في إلقاء اللوم على الإسلام في مقتل ديفيد أميس عام 2021. 

كان هذا أبرز مثال يوضح كيف سيستمر رثاء اليمين البريطاني بعد شوكروس.

ولا يزال السؤال مفتوحًا إلى أي مدى يريدون أن يَلحق الضرر بالمسلمين. 

إن دعوة نائب برلماني – نائب رئيس حزب المحافظين الآن –إلى إعادة تطبيق عقوبة الإعدام في بريطانيا، مستشهداً بالمتطرفين المسلمين كمثال على المرشحين المثاليين، هو في الواقع أمر ينذر بالسوء.

المصدر: ميدل إيست آي

مقالات ذات صلة