بقلم محمد الحجار
ترجمة وتحرير مريم الحمد
لقد سكن البشر غزة منذ عصور ما قبل التاريخ، واكتسبت المدينة الفلسطينية أهمية خاصة مع تطور الحضارات في كل من مصر والشرق الأدنى، بسبب موقعها بين قارات آسيا وإفريقيا.
كان اختراع الفخار يشكل أحد الجوانب المبكرة للتنمية البشرية، حيث اكتشف علماء الآثار قطعاً أثرية من الطين في موقع يسمى “تل العجول”، ويعود تاريخه إلى حوالي العام 1500 قبل الميلاد.
يوجد في تضاريس غزة كميات كبيرة من تربة “تيرا روسا”، وهي تربة حمراء غنية بالطين ومثالية للاستخدام في صناعة الفخار، حتى باتت غزة مركز لصناعة الفخار الفلسطيني، فالمنطقة المحاصرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي تخضع لقيود شديدة في الاستيراد والتصدير، وهي موطن لورش ومصانع تنتج الأواني والمزهريات والأطباق وغيرها من الطين.
قبل الانتفاضة الثانية عام 2000، كانت عائلة عطا الله تصدر الفخار إلى الضفة الغربية والأردن وبعض دول الخليج، ولكن الصادرات تقلصت بعد ذلك بشكل كبير
وتعتبر عائلة عطا الله من أشهر العائلات في صناعة الفخار في غزة، ويدير الصناعة اليوم الحاج محمد عطا الله، فكبير عائلة عطا الله نقل، بخبرته التي تزيد عن نصف قرن، مهاراته إلى إخوته وأبناء عمومته وأبنائه وأحفاده، وتنتج عائلة عطا الله أشياء مثل المزهريات وأواني النباتات والأباريق في سبعة مصانع موزعة في جميع أنحاء غزة.
ظهور المجتمع الصناعي في غزة يعني أن معظم سكان القطاع يستخدمون الآن الأواني الزجاجية والمعدنية والبلاستيكية المنتجة والمستوردة بثمن زهيد، أما الأواني الفخارية والمزهريات فهي ليست منتشرة في كل مكان كما كانت في السابق، ولكن بقيت قيمتها الثقافية، حيث تحتفظ العديد من العائلات الفلسطينية بأواني فخارية كبيرة لتخزين الماء والحفاظ على برودته.
قبل الانتفاضة الثانية عام 2000، كانت عائلة عطا الله تصدر الفخار إلى الضفة الغربية والأردن وبعض دول الخليج، ولكن الصادرات تقلصت بعد ذلك بشكل كبير، إلا أن عدداً من زوار غزة ظل يشتري منتجات العائلة كهدايا تذكارية.
يوجد في غزة منطقة تُعرف باسم “الفواخر”، وهي معروفة ببيع الفخار في غزة، حيث يشتري السكان المحليون الفخار الطيني
لم تتغير خطوات صناعة الفخار منذ آلاف السنين، فهي الخطوات التقليدية نفسها، من تنظيف الطين الخام من الشوائب عن طريق تمرير الماء من خلاله أولاً ثم تشكيله باستخدام عجلة الخزف اليدوية، ثم يتم ترك الشكل المصبوب حتى يجف، ووفقاً لعائلة عطا الله، يزداد إنتاجهم في مواسم الطلب، لدرجة يمكن فيها إنتاج آلاف المنتجات في غضون أيام.
ويعتبر الصيف الوقت المناسب لإنتاج الأواني الفخارية، وذلك بسبب تأثير الشمس الخفيف، فيما يتباطأ الإنتاج في الشتاء ليستغرق أسبوعاً كاملاً حتى يصبح الفخار جاهزاً للاستخدام، وبعد التشكيل، يُترك ليجف لمدة يومين على الأقل، حتى لا تتسبب آثار الرطوبة في تشقق الوعاء بسرعة، وبعد ذلك يصبح المنتج جاهزاً للنقل إلى الفرن ليتصلب بشكل نهائي.
لكل من مصانع عائلة عطا الله السبعة فرن خاص به، تصل درجة الحرارة داخل الفرن الواحد إلى 800 درجة مئوية، ويضاء الفرن يدوياً، وإذا ما انتهى شوي المنتج في الفرن، يُترك ليرتاح ليوم واحد على الأقل قبل أن يصبح جاهزاً للاستخدام.
يوجد في غزة منطقة تُعرف باسم “الفواخر”، وهي معروفة ببيع الفخار في غزة، حيث يشتري السكان المحليون الفخار الطيني لاستخدامه في الطهي أو كديكور منزلي أو لتقديم الطعام أو التخزين أو كهدايا.
من جانب آخر، يشعر بعض سكان غزة بالاستياء من الاضطرار للعيش بالقرب من الأدخنة والروائح التي تنتجها مصانع الفخار، فمعظمهم ليس لديهم خيار العيش في مكان آخر، لأن غزة مزدحمة وتزداد كثافة سكانية كل يوم، خاصة مع وجود الحصار الذي يقيد سكان القطاع.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)