وصف كبار قادة جيش الاحتلال الإسرائيلي الضربات الجوية الأخيرة على إيران بأنها “حدث تاريخي”، في حين أكد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أن العملية تهدف إلى “صد التهديد الإيراني لوجود إسرائيل نفسه”.
وشنت قوات الاحتلال عشرات الغارات على أهداف في عمق الأراضي الإيرانية، ضمن عملية أطلقت عليها تل أبيب اسم “الأسد الصاعد”، والتي حظيت بتأييد واسع من مختلف التيارات السياسية.
وأسفرت الضربات عن ارتقاء عدد من المدنيين، وقائد الحرس الثوري الإيراني، ورئيس أركان الجيش، إلى جانب ستة علماء نوويين.
وقال نتنياهو: “استهدفنا منشأة التخصيب الرئيسية في نطنز. كما استهدفنا كبار العلماء النوويين الذين يعملون على القنبلة الإيرانية، وضربنا قلب برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني”.
من جانبه، توعّد المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بالرد، قائلاً عبر مواقع التواصل: “بهذه الجريمة، أعد النظام الصهيوني لنفسه مصيرًا مريرًا ومؤلمًا، سيواجهه بالتأكيد.”
حرب استباقية أم صرف للأنظار؟
أعلن جيش الاحتلال عن اعتراضه 100 طائرة مسيّرة إيرانية، وصرّح مسؤولون عسكريون لوكالة Ynet بأن “العملية لم تكن مجرد ضربة، بل حرب استباقية على بُعد 1500 كيلومتر من الوطن”.
لكن الخبير في الشأن الإيراني، أوري غولدبرغ، من مركز فان لير، اعتبر أن العملية تهدف أساساً إلى “تحويل الأنظار عمّا يجري في غزة والضفة الغربية”، حيث تعاني المنطقة من حصار شديد وانقطاع شبه كامل للاتصالات.
وقال غولدبرغ لموقع ميدل إيست آي: “الهجوم محاولة لإظهار أن دولة الاحتلال قادرة على ضرب من تشاء وقتما تشاء، إنها تختبر رد فعل العالم.”
وأضاف أن “إسقاط النظام الإيراني من خلال هذه الضربات غير ممكن”، مشيرًا إلى أن “غياب معارضة منظمة في الداخل الإيراني، قد يؤدي إلى نتائج عكسية”، حيث تتكاتف القوى الإصلاحية مع النظام في وجه التهديد الخارجي.
أهداف أكبر من النووي؟
وكتب المحلل العسكري رون بن ييشاي، المعروف بقربه من المؤسسة العسكرية في تل أبيب، أن العملية لم تكن فقط لضرب المنشآت النووية، بل “لضرب النظام الإيراني ذاته، حيث إن إسقاط النظام – كما تزعم تل أبيب – هو السبيل الوحيد للتخلص من الخطر النووي”.
لكن راز زيمت، الباحث في معهد الأمن القومي الإسرائيلي، وصف الفكرة بـ”غير الواقعية”، قائلاً: “ضرب بعض القيادات الأمنية لا يؤدي إلى إسقاط النظام”.
الدعم الداخلي مقابل الخوف الشعبي
على الصعيد الداخلي، حظيت العملية بتأييد واسع من اليمين واليسار، حيث كتب الجنرال السابق يائير جولان: “شعب قوي، وجيش مصمم، وجبهة داخلية متماسكة: هكذا انتصرنا سابقًا، وهكذا سننتصر اليوم.”
وأعرب زعيم المعارضة يائير لابيد عن دعمه الكامل للهجمات، مؤكدًا أن “إيران أعلنت الحرب على إسرائيل منذ زمن، وهي الآن تواجه العواقب”.
لكن هذا الزخم السياسي ترافق مع توتر شعبي واسع، حيث أصدرت قيادة الجبهة الداخلية أوامر بإغلاق المجال الجوي وتعليق الدراسة ومنع التجمعات، كما صدرت تحذيرات بالبقاء قرب المناطق المحمية.
وقال مسؤول عسكري: “سنسقط صواريخ تزن نصف طن على أراضينا إن لزم الأمر، فهذا هو الثمن لنضمن بقاء أطفالنا هنا”.
هل هي حرب نتنياهو؟
في المقابل، أشار نائب رئيس مجلس الأمن القومي السابق، إيران عتزيون، إلى أن نتنياهو “كان يبحث عن ذريعة لخوض هذه الحرب لأسباب شخصية يعرفها الجميع”.
وأضاف في منشور: “هناك قلق حقيقي من أن المؤسسة الأمنية باتت تتماشى مع رغبات نتنياهو، في محاولة لتجاوز تداعيات 7 أكتوبر/تشرين الأول وفشل الحرب في غزة”.
وخلص غولدبرغ إلى أن رئيس وزراء الاحتلال “أصبح يرى أن الحفاظ على سلطته السياسية يتطابق تمامًا مع مصالح دولة الاحتلال الخارجية”، مضيفًا أن المؤسسة العسكرية تستفيد بدورها من هذه الحرب بعد تراجع شعبيتها محليًا.