في تكتيك جديد وصف بالـ “غريب” تم رصد استخدام جيش الاحتلال لمسيرات كوادكوبتر في بث تسجيلات صوتية لأطفال رضع ونساء يبكين من أجل جذب الفلسطينيين واستدراجهم إلى المواقع التي يمكن استهدافهم فيها.
فقد استيقظ سكان الأجزاء الشمالية من مخيم النصيرات للاجئين في غزة ليلة الإثنين على أصوات بكاء الأطفال والنساء وهم يستغيثون، لكن المسيرات رباعية المراوح فتحت النار عليهم مباشرة بعد أن خرجوا لتحديد مصدر الصراخ وتقديم المساعدة.
وذكرت سميرة أبو الليل، إحدى سكان المخيم أنها سمعت صوت المسيرات الإسرائيلية وهي تطلق النار أثناء وبعد وقت قصير من تشغيل الأصوات المسجلة، والتي استمرت لعدة دقائق وهو أمر تكرر عدة مرات ليلة الاثنين.
وأوضحت أبو الليل البالغة من العمر 49 عاماً: “سمعت امرأة تبكي وتصرخ طلباً للمساعدة، وتقول: ساعدوني، استشهد ابني، وكانت الأصوات تأتي من الشارع وكانت غريبة”.
وأضافت: “هرع بعض الرجال للإنقاذ، لكن تم إطلاق النار عليهم من قبل المسيرات التي ظلت تحوم طوال ساعات الليل”.
وبحسب شهود عيان، فقد أصيب ما لا يقل عن سبعة إلى 10 أشخاص جراء قصف الكوادكوبتر خلال الليل.
وأوضحت الشاهدة أن “السكان لم يتمكنوا من مساعدة الضحايا لأن المسيرات كانت تطلق النار على أي شيء يتحرك ولكن سيارة إسعاف تمكنت من الوصول إلى المنطقة ونقلهم إلى المستشفى”.
وأضافت أبو الليل: “في الليل، عادة ما تكون الشوارع فارغة والرجال داخل منازلهم، وعندما تطلق المروحيات النار، فإنها تضرب الأسطح والشوارع فقط، لذلك أطلقوا هذه الأصوات لأنهم يعرفون طبيعة مجتمعنا، فهم يعلمون أن الرجال سيحاولون تقديم المساعدة، لقد أرادوا أن يخرج الرجال حتى يتمكنوا من إطلاق النار عليهم”.
وتابعت: “أمس والليلة السابقة، أصابت رصاصات المسيرات الرباعية سقف منزلنا وبابه والشارع أمامه لكن صباح أمس، تم إطلاق نوع من القنابل المتفجرة ذات الشظايا التي انتشرت في كل مكان في حينا، مما أدى إلى إصابة العديد من السكان”.
تعرف المسيرات الرباعية بأنها طائرات بدون طيار “درونز” صغيرة ذات أربع مراوح يتم التحكم فيها عن بعد، وقد تم استخدامها على نطاق واسع ضد المقاتلين والمدنيين الفلسطينيين في قطاع غزة منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر.
وتحل هذه التكنولوجيا محل القوات البرية تدريجياً كما أنها تساعد في تحديد الأهداف والاستهداف الفردي وتأمين المناطق التي يتمركز فيها جنود الاحتلال.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن للمسيرات الرباعية استكشاف المواقع الأمامية واستهداف الأفراد داخل المساكن وتفريق الحشود في الأماكن العامة.
واشتهر دور هذه المسيرات خلال ما عرف باسم “مذبحة الطحين” في 11 كانون الثاني/يناير، في شارع الرشيد بالقرب من ساحل مدينة غزة، حيث روى العديد من الشهود أن المسيرات الرباعية أطلقت النار على مئات الفلسطينيين الذين كانوا ينتظرون وصول شاحنات المساعدات.
وقال محمد أبو يوسف، 19 عاماً، إنه سمع في حوالي الساعة الثانية من صباح يوم الاثنين صراخ الأطفال، لكنه لم يغامر بالخروج للإنقاذ نظراً لأن الأهالي كانوا ينشرون على وسائل التواصل الاجتماعي عن خديعة الاحتلال بهدف رفع الوعي حول مصدر هذه الأصوات.
“لم نخرج، لأننا علمنا أن هذه كانت مجرد تسجيلات تم تشغيلها بواسطة المسيرات الرباعية لإغرائنا بالخروج”- محمد أبو يوسف، من سكان مخيم النصيرات
وأردف أبو يوسف: “كانت هناك أصوات مختلفة قادمة من المروحيات الرباعية، بعضها كان مفهوماً والبعض الآخر لم يكن كذلك، واستمر بث هذه الأصوات حوالي 30 إلى 60 دقيقة، ثم بدأت المسيرات الرباعية في إطلاق النار والقنابل على الحي”.
وسُمعت في مقطع فيديو سجله أحد سكان مخيم النصيرات، وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي، أصوات بكاء أطفال، فيما أوضح المواطن أن هذه الأصوات مسجلة مسبقاً بواسطة طائرات كوادكوبتر إسرائيلية.
“خلال الأيام الثلاثة الماضية، أصيب ما لا يقل عن 12 شخصاً بسبب نيران هذه المسيرات، وفي هذا الصباح وحده، أنقذنا ستة أشخاص أصيبوا في الحي، وكانت الإصابات خطيرة، وبعضهم أصيب برصاصة مباشرة في الرأس”- شاهد من مخيم النصيرات للاجئين في غزة
وبحسب السكان، فقد تضمنت التسجيلات الصوتية كذلك أغاني باللغتين العبرية والعربية، بينها أغاني أطفال، وأصوات اشتباكات ودبابات متحركة، وأصوات مسلحين فلسطينيين، وأصوات بائعين محليين متجولين يبيعون المنظفات المألوفة لدى سكان غزة.
يذكر أن جيش الاحتلال يشن هجوماً عسكرياً مكثفاً على الجزء الشمالي الغربي من مخيم النصيرات منذ أكثر من أسبوع مستهدفاً الأفراد والمنازل والأحياء بالقصف المدفعي والجوي والبحري، فضلاً عن نيران المسيرات الرباعية.