عائلة الشبل حمزة الخطيب في درعا: فرحة التحرر تطغى عليها ذكريات الألم من إجرام الأسد

كانت الثورة السورية تخط سطورها الأولى حين رافق سراقة الخطيب، الذي كان في الحادية عشرة من عمره، شقيقه الأكبر حمزة إلى مظاهرة احتجاجية في مدينة درعا الريفية القريبة من الحدود الجنوبية مع الأردن.

وكانت قوات بشار الأسد تحاصر درعا، في محاولة لسحق الانتفاضة في مهدها حيث أصبحت المدينة منذ ذلك الحين مركز الثورة.

وفي 29 أبريل/نيسان 2011، انضم العديد من أفراد عائلة الخطيب إلى مسيرة متجهة نحو درعا من ريفها الشرقي، حيث تجمع المتظاهرون على الطرق المحاطة ببساتين الزيتون، واقتربوا من بلدة صيدا.

لكن والد الخطيب أعاد ابنه إلى منزله، ومن حسن الحظ أنه فعل ذلك، “فقد فتح جنود تحت قيادة ماهر الأسد شقيق الرئيس المخلوع بشار الأسد النار على المتظاهرين”.

يتذكر سراقة الخطيب، الذي بات يبلغ من العمر الآن 24 عامًا، وهو جالس في منزل عائلته في قرية الجيزة، قرب درعا ان المتظاهرين “كانوا يريدون الطعام فقط”، مضيفاً: “كان الجميع فقراء للغاية، لذلك انتفضت جميع القرى حتى توفر لهم الحكومة ما يأكلوه”.

وفي خضم الفوضى التي عمت في ذلك الوقت اختفى حمزة وهو بعمر 13 عاماً، فقد قطعت الحكومة الكهرباء وخطوط الهاتف عن القرية، لكن عائلته علمت أنه محتجز.

ويقول سراقة شقيق حمزة: “لم يكن لدينا أي فكرة عن كيفية إعادته، كانت والدتي تقف عند عتبة الباب كل يوم تنتظر عودة حمزة”.

أعيد حمزة بعد 26 يومًا جثة هامدة، كان جسد الصبي البالغ من العمر 13 عاماً مُشوهًا بشدة وحمل أدلة على تعرضه للتعذيب المروع، لقد تم حرقه وإطلاق النار عليه وصعقه بالكهرباء وتهشيم ركبتيه.

ويقول شقيقه: “لقد قطعوا عضوه الذكري وأجبروه على شرب الماء باستمرار حتى يحتاج دائمًا إلى الذهاب إلى الحمام ويعاني”.

رمز الثورة

تحول حمزة الخطيب إلى صرخة حاشدة لحركة الاحتجاج في سوريا، ونقطة تحول حيث حشدت الطريقة التي قتل بها الغضب ضد الأسد وسلطاته الناس في جميع أنحاء البلاد.

وعلى مدى السنوات التالية، أثارت درعا باعتبارها “مهد الثورة السورية” رد فعل وحشي من جيش الأسد، حيث أصابت الحرب كل مبنى في المدينة تقريباً، فبات الأطفال يخرجون اليوم رؤوسهم من خلال ثقوب الشظايا لمشاهدة الشوارع وهي تعود إلى الحياة.

ولم تسلم عائلة الخطيب من انتقام الحكومة السابقة أيضًا، حيث يقول سراقة: “كان النظام يحمل دائمًا شيئًا ضدنا بسبب حمزة، لقد كرهوا عائلتنا وقمعوها لأننا كنا رمزًا للثورة”.

وفي عام 2018، وصل جنود وأفراد ميليشيا إلى منزل الخطيب لإجبار عمر، الأخ الأكبر لحمزة، على الانضمام للجيش الذي قتل وعذب شقيقه.

ويقول الخطيب: “لكن عمر رفض، واختبأ مع ابن شقيقه يونس وصديقهما محمد، وسافروا عبر البلاد لتجنب الالتحاق بالجيش، لكن تم إلقاء القبض عليهم عند نقطة تفتيش بالقرب من حمص”.

وتشتبه الأسرة في أن يكون عمر ويونس قد نُقلا إلى صيدنايا، السجن المخيف خارج دمشق، على الرغم من أن السلطات نفت وجودهما هناك.

لكن في الأسبوع الماضي، وبعد وقت قصير من اجتياح السجن عندما انهارت حكومة الأسد، عُثر على وثائق تُظهر مقتل عمر داخله، وفي وقت لاحق، عُثر على نفس الأوراق التي تُظهر أن يونس لقي نفس المصير، فيما ظل صديقهم محمد عبد الحميد واحداً من بين مائة ألف شخص مفقود في سوريا، حيث يقول الخطيب: “لم ترد أي أنباء عما حدث لمحمد، ولا شيء على الإطلاق”.

والآن تعيش سميرة، والدة الخطيب، مرارة الحزن على وفاة ابنيها، فضلاً عن زوجها الذي توفي قبل ثلاثة أشهر، لقد عكر تأكيد مقتل عمر ويونس واستمرار اختفاء محمد من فرحة السوريين بنهاية حقبة النظام الذي تسبب لهم بالكثير من الألم، وبالنسبة لعائلة الخطيب كانت نهاية النظام أيضاً مريرة وحلوة في الوقت نفسه، حيث جلبت المزيد من الرعب إلى عتبة منزلهم في ريف درعا.

ويقول الخطيب: “كان حمزة أول طفل يتعرض للتعذيب بهذه الطريقة الوحشية، وكل المجازر والانتهاكات منذ ذلك الحين تظهر مدى إجرام الحكومة”.

ويضيف: “سعادتنا بالثورة لم تكتمل لأن هناك العديد من الشهداء والأبرياء الذين قتلوا، ولكن إن شاء الله، ستتحسن الأمور الآن”.

للاطلاع على النص الأصلي من (هنا

مقالات ذات صلة