عشرون سنةً من “الصدمة والترويع” ولا يزال أهل الموصل يلمون أشلائهم!

عشرون سنةً من “الصدمة والترويع” ولا يزال أهل الموصل يلمون أشلائهم!

بدأ كل شيء بحملة القصف التي أوقعت “الصدمة والرعب” اللذين توعدت بهما الولايات المتحدة الأمريكية بغداد تحت حكم صدام حسين.

سقطت مئات الصواريخ الأمريكية على العاصمة العراقية بغداد قبل 20 عامًا بالضبط، عندما شنت واشنطن وحلفاؤها غزوهم بهدف الإطاحة بحكم الرجل القوي في العراق آنذاك.

أضاءت سلسلة من الانفجارات الارتجاجية السماء في ليلة 20 مارس 2003، وتساقطت القذائف في أجزاء كبيرة من العاصمة، وأومضت الكاشفات المضادة للطائرات باللونين الأصفر والأبيض، تاركة مسارات مضيئة لمساعدة المدفعية العراقية على استهداف طائرات التحالف المقاتلة.

هرب صدام حسين، وعمت الفوضى، وتركت البلاد في حالة فراغ أمني لا زال العراقيون يعانون من تبعاتها.

“هذا الفراغ الأمني خلّف مصائب لا نزال نعاني منها” – راحو العباس ، من سكان الموصل

قتل نحو 306 آلاف مدني عراقي منذ الحرب التي بنيت على مزاعم خاطئة بأن صدام قد أخفى سرا أسلحة دمار شامل، دون أن يتم العثور على مثل هذه الأسلحة.

في وقت لاحق من ذلك العام، اعتقلت القوات الأمريكية صدام حسين في ضواحي تكريت، مسقط رأسه، دون إطلاق رصاصة واحدة.

وفي الموصل، المدينة التي ابتليت بالعنف منذ ذلك الحين، ما يزال اسم المدينة يربط بالدمار والبؤس اللذين أحدثهما الغزو.

قال راحو العباس، جزار يبلغ من العمر 52 عامًا، في الذكرى العشرين لبدء الغزو:” بدأت أعمال النهب على الفور تقريبًا”، وأضاف أنه مع فرار قوات الأمن والمسؤولين من المدينة، جاء الغرباء إلى الموصل وبدأوا في نهب البنوك ونهب المنازل، قائلا: “الفراغ الأمني تسبب في مصائب ما زلنا نعاني منها، الغزو كان سبب كل هذا”.

استهداف الأقليات

كانت السنوات العشرين الماضية مليئة بالتقلبات والمنعطفات التي لا يمكن للعراقيين تصورها، فقد خلق الصراع فراغًا في السلطة جعل الدولة الغنية بالنفط ميدانا للصراع على السلطة بين الطوائف والأحزاب المتنافسة في العراق وإيران المجاورة ودول الخليج والجماعات المسلحة.

في صيف 2014، اجتاح مقاتلون من تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) الموصل عندما استولوا على مساحات شاسعة من البلاد.

قتلت الجماعة آلاف المدنيين العراقيين من مختلف الأديان، واضطهدت المجتمع المسيحي، وهدمت الكنائس والأضرحة والأديرة ومنها الكلدانية، والسريانية، والآشورية، والأرمنية.

حنين لصدام

ومع تصاعد نفوذ الميليشيات الشيعية وتزايد سيطرتها بعد أكثر من عقدين من الزمن، أدت الانقسامات في المجتمع العراقي إلى إثارة الحنين إلى صدام بين بعض الضحايا الذين أنهكتهم الحرب.

فعندما اجتاح تنظيم الدولة الموصل عام 2014، كان بعض أنصار صدام من بين أولئك الذين رحبوا بالجماعة المسلحة كحماة لهم في وجه السلطات الشيعية في بغداد، حتى أن مجموعة من الضباط العسكريين في عهد صدام السابق تعهدوا بدعم ما يسمى بالخلافة.

لكن معظم سكان الموصل انقلبوا ضد الجماعة المسلحة خلال عامين من حكمها القاسي.

“كثير من الناس هنا يفتقدون نظام صدام، لقد اعتادوا العيش بشكل جيد، وكانت أبسط ضروريات الحياة متاحة بسهولة مثل الماء والكهرباء والنفط والغاز، في الوقت الحالي، حتى أبسط الخدمات يصعب الحصول عليها”-شاب عراقي من الموصل

اليوم، وبعد ست سنوات من اندحار داعش من الموصل، مازالت العديد من المباني والمستشفيات العامة في حالة خراب، وفي البلدة القديمة لا تزال مساحات واسعة مغطاة بالأنقاض.

الاستعداد المحزن

في المدينة القديمة التي دمرتها الحرب، وعلى بعد خطوات فقط من مسجد النوري الشهير حيث ظهر زعيم داعش السابق أبو بكر البغدادي علناً، أعادت بعض الشركات فتح أبوابها.

ومع ذلك، فقد ألقى علي أغوان، أستاذ العلوم السياسية في الموصل، باللوم على واشنطن بسبب أحوال المدينة، معتبرا أن إدارة بوش تفتقر إلى “فهم أساسي للمجتمع العراقي، وتشكيلاته، وطوائفه، وعشائره، والانقسامات الأخرى”.

وقال إن هذه الإخفاقات كانت السبب في مقتل عدد من الجنود الأمريكيين في هجمات على غرار حرب العصابات أكثر من الذين قتلوا أثناء الحرب نفسها.

وأوضح أغوان أن عددا من القرارات الأمريكية أدت إلى انهيار الوضع الأمني فدفع ذلك ببعض الناس إلى تبني العمل المسلح الذي “استغلته الجهات الإقليمية وحتى الدولية لاحقًا”.

ووفقا لبعض التقارير فإن الرئيس الأمريكي السابق جورج دبليو بوش كان قد أخبر رئيس الوزراء البريطاني توني بلير في العام 2002، أي قبل عام واحد من الحرب أنه لا يعرف من الذي سيحل محل صدام عندما أطاحوا به وأنه “لم يبد” اهتماما كبيرا “بالمسألة.

وقال أغوان إن أحد الأمثلة الواضحة على ذلك هو الطريقة الرديئة التي بُنيت بها مرافق الاحتجاز لإيواء أسرى الحرب ومن ضمنها مركز احتجاز أبو غريب ومعسكر بوكا، الذي كان البغدادي يحتجز فيه.

مقالات ذات صلة