اتهم مشرعون أمريكيون السلطة الوطنية الفلسطينية بالتقصير في ضبط الأمن في الضفة الغربية المحتلة، متسائلين عما إذا كان ينبغي لواشنطن أن تواصل التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية.
ويأتي هذا الموقف بعد سنوات من خدمات التدريب المقدمة من الولايات المتحدة للسلطة الفلسطينية للدفع قدماً بالتعاون الأمني بينها وبين إسرائيل من خلال مكتب المنسق الأمني الأمريكي لإسرائيل والسلطة الفلسطينية والذي يعمل منذ عام 2005، في أعقاب الانتفاضة الثانية.
وفي يوليو/ تموز، اتهم السناتور الجمهوري ريك سكوت، بعد رحلته إلى الضفة الغربية المحتلة، السلطة الفلسطينية بالسماح لـ “الإرهابيين” بالعمل في الضفة الغربية المحتلة وألقى بظلال من الشك على مستقبل المزيد من التنسيق الأمني.
ورداً على سؤاله عما إذا كان يعتقد أن العلاقات الأمنية مع السلطة الفلسطينية يمكن أن تستمر، قال إنه “كان دائما متفائلاً، لكن [على قوات الأمن الفلسطينية] أن تقوم بعملها”.
وأضاف: “إذا أرادت السلطة الفلسطينية أن تسيطر على الضفة الغربية، فعليها أن تقوم بمراقبة الأمن، ولا يمكنها السماح لهؤلاء الإرهابيين بالعمل هناك وقتل مدنيين إسرائيليين”.
وتابع: “إذا لم يفعلوا ذلك، فلن يتبقى أمام إسرائيل سوى خيار الدفاع عن أمنها ومواطنيها”.
كما اتهم عضو الكونغرس الجمهوري دوج لامبورن السلطة الفلسطينية “بعدم القيام بأي شيء لوقف التطرف”، مضيفًا أن “غض الطرف عن آثار سياساتهم هو ما أدى إلى الكثير من التطرف”.
وخلال هذا العام، قُتل ما لا يقل عن 204 فلسطينيين بنيران إسرائيلية، بينهم 36 طفلاً، بمعدل قتيل واحد في اليوم تقريبًا، وكان منهم 167 فلسطينياً في الضفة الغربية والقدس الشرقية، و 36 آخرين في قطاع غزة، مما يجعل عام 2023 من أكثر الأعوام دموية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، فيما قُتل 25 اسرائيلياً بينهم 6 أطفال على أيدي الفلسطينيين في نفس الفترة.
وبالمقابل، يلقي الفلسطينيون باللوم على السلطة الفلسطينية أيضاً لفشلها في حماية الفلسطينيين من اعتداءات الجيش الإسرائيلي والمستوطنين في الضفة الغربية المحتلة.
مصداقية السلطة الفلسطينية المفقودة
تمتلك السلطة الفلسطينية التي تأسست عام 1994 عقب اتفاقيات أوسلو، سلطة مفوضة على أجزاء من الضفة الغربية المحتلة لتمثل الخطوة الأولى نحو السيادة الفلسطينية والمفاوضات حول إقامة دولة مستقلة كما كان مفترضاً، لكنها لم تعد تحظى مؤخراً بشعبية على نطاق واسع بسبب فسادها واستبدادها و تعاونها الأمني مع إسرائيل.
ويعاني الرئيس الفلسطيني محمود عباس، البالغ من العمر 87 عامًا، والذي يقود السلطة الفلسطينية منذ ما يقرب من 20 عامًا، من تقلص شديد في قاعدة الدعم بين الجمهور الفلسطيني.
وعلى الرغم من أن إدارة بايدن تواصل تقديم الدعم الخطابي لحل الدولتين، إلا أنها لم تفعل شيئًا لكبح جماح التوسع الإسرائيلي من عبر إقامة المستوطنات غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة أو استخدامها المتزايد للعنف والقتل ضد الفلسطينيين.
وكان الرئيس بايدن قد قال في مقابلة مع CNN الشهر الماضي، إن السلطة الفلسطينية “فقدت مصداقيتها، ليس بالضرورة بسبب ما فعلته إسرائيل، بل لأنها فقدت مصداقيتها، هذا أولاً، وثانياً، لأنها فسحت مجالاً للتطرف”.
كما طلبت إدارة بايدن تعزيز محادثات السلام المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين لصالح خطة اتفاقات أبراهام التي أطلقتها إدارة ترامب، والتي تدعم تطبيع العلاقات بين الدول العربية وإسرائيل في غياب حل دائم للصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
و في أوساط الفلسطينيين، أصبحت سيطرة السلطة الفلسطينية على الضفة الغربية المحتلة موضع تساؤل على نحو متزايد، ففي الشهر الماضي، استقبل سكان مخيم جنين للاجئين عباس بازدراء خلال زيارته التفقدية للمخيم بعد أن نفذت القوات الإسرائيلية هجوماً عسكرياً على المدينة.