لا تزال بيروت تعاني من آثار الحرب التي شنتها إسرائيل على لبنان منذ شهرين، ومع ذلك فقد اخترقت موسيقى عيد الميلاد أجواء منطقة الحدث في المدينة، حيث حاول الكشافة جلب أكبر قدر ممكن من البهجة وقاموا بتنظيم حفلة عيد ميلاد صغيرة في مركز التدريب المهني، حيث كان هناك رسم على وجوه الأطفال، فيما قام المراهقون بتوزيع الطعام.
“كنا منطقة منكوبة تقريباً خلال الحرب ولم يكن هناك أحد هنا” – فيفيان كرم-صاحبة محل هدايا في بيروت
في حديثها لموقع ميدل إيست آي، أوضحت مالكة المركز، دانيا الصباغ، أن مركزها استضاف الحدث “لأنه لا توجد زخارف ولا حياة على الإطلاق في المدينة، فعادة ما تكون هناك مسيرات واحتفالات”.
أما هذا العام، فتكاد الزخارف تكون معدومة، إلى من أصوات قرع أجراس الكنائس بين الحين والآخر تحت المطر، على بعد أمتار قليلة من حفلة الكشافة.
“منطقة منكوبة”
تقع منطقة الحدث ذات الأغلبية المسيحية بجوار الضاحية الجنوبية لبيروت، والتي تعرضت لقصف إسرائيلي عنيف خلال الحرب.
أشارت فيفيان كرم، صاحبة محل لبيع الهدايا في البلدة والمتخصصة في إعداد الهدايا للمناسبات الكبرى، بالقول: “كنا منطقة منكوبة تقريباً خلال الحرب ولم يكن هناك أحد هنا”.
تجدر الإشارة إلى أن حرب إسرائيل على لبنان بدأت باشتباكات حدودية مع جماعة حزب الله في 8 أكتوبر عام 2023، وذلك بعد يوم واحد من بدء الحرب على غزة، حيث تصاعد الصراع عندما شنت إسرائيل حملة قصف واسعة النطاق وغزت لبنان برياً في سبتمبر الماضي، وسرعان ما هدأ كل شيء بعد التوقيع على اتفاق وقف إطلاق النار في نوفمبر الماضي.
على مدى عام، قُتل أكثر من 4000 شخص في لبنان، وقد وقع ما لا يقل عن 84% من الوفيات منذ سبتمبر الماضي فقط
خلال الحرب، نادراً ما تم استهداف منطقة الحدث، حيث تعرضت المنطقة لبعض الأضرار وتحطم زجاج المنازل والكنائس، فيما تعرضت مبانٍ أخرى لأضرار جسيمة، وفي ذلك، تقول كرم: “لقد فقدت الكثير من العائلات منازلها، أو على الأقل الزجاج”.
لقد اضطر العديد من سكان الحدث إلى مغادرة منازلهم مؤقتاً إلى مناطق أكثر أماناً خلال الحرب، والآن بعد عودة الأمل مع وقف إطلاق النار، لم تشهد فيفيان عودة سوى القليل من الأعمال في المناطق التي مزقتها الحرب.
وبينما كانت فيفيان تحضر بعض صناديق الهدايا، قالت: “ليس هناك الكثير من العمل، فعادة، في هذه الأوقات، نقوم بإعداد الهدايا للخطوبة، والتعميد وما إلى ذلك. أما الآن، فلا توجد مناسبات سوى الولادات”.
من جانبه، أكد رئيس بلدية منطقة الحدث، جورج عون، في حديثه مع موقع ميدل إيست آي، أن البلدية لم تنظم أي أنشطة للعطلات هذا العام ولكنها سوف تدعم أي مبادرات فردية، قائلاً: “لم يكن رئيس البلدية يركز على الزينة، وأنا أعتقد أنه كان منهمكاُ بدعم الأسر الأكثر تضرراً من الحرب”.
من جانب آخر، فقد أكدت الصباغ على تشجيع المتاجر المحلية على نصب أشجار عيد الميلاد أو البقاء مفتوحة ليلاً، ولكن عندما لم يتم الرد على طلباتها، قررت استخدام مكانها الخاص للاحتفالات، قائلة: “هل يمكنك أن تتخيل كيف كان يمكن أن يكون الأمر لو تم إطفاء جميع الأضواء بدون موسيقى أو أي شيء؟ هكذا كان الأمر”.
في الوقت الذي كانت تحتفل فيه بعض المناطق، كان هناك مناطق أخرى تحاول التكيف مع تحديات الوضع الحالي، ففي بلدة “ضهور الشوير”، وهي بلدة في جبال لبنان استضافت مئات النازحين خلال الحرب، تم تقليص حجم فعالية إضاءة شجرة عيد الميلاد الكبيرة المعتادة، واكتفت فرقة محلية بعزف الأغاني أثناء إضاءة الشجرة، مصحوبة بسوق صغير بالقرب من وسط المدينة.
أما في قرية “دردغايا”، وهي بلدة مسيحية جنوبية قرب مدينة صور، فقد تم وضع شجرة عيد الميلاد فوق أنقاض الكنيسة الكاثوليكية التي تعود إلى القرن 18، والتي دمرتها غارة إسرائيلية قاتلة في أكتوبر الماضي.
وعلى صعيد آخر، أوضحت عضو الكشافة، ماري زيلا، والتي اضطرت إلى مغادرة منزلها أثناء الحرب، أنه رغم عودة بعض الحياة إلى المدينة، إلا أن فريقها يعمل الآن على دعم المجتمعات الأكثر تضرراً من الهجمات الإسرائيلية وإضفاء بعض البهجة على الأطفال في المدينة”.
وأضافت بالقول: “في بعض الأحيان، كان الأطفال يسمعون أصوات الضربات وهم في المدرسة، مما اضطر المدارس إلى إغلاق أبوابها، مؤكدة أنه”لا يمكن للأطفال أن يظلوا مكتئبين خلال العطلات”.
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)