غارات الاحتلال تقتل أطفالاً كانوا يلعبون في الشارع في غزة

بقلم مها الحسيني

ترجمة وتحرير نجاح خاطر

أظهرت منشورات متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي صوراً للفتاة تالا أبو عجوة، 10 سنوات، وهي مغطاة بالدماء بينما كان الأطباء يحاولون يائسين إنقاذها يوم الثلاثاء.

تم التقاط الصور للطفلة التي بدت راقدة بلا حراك على سرير في مستشفى المعمداني في مدينة غزة، بعد لحظات قليلة من الوقت الذي كانت فيه تلعب مع أبناء الجيران قرب مبنى سكني وسط مدينة غزة، بل إن حذاء التزلج الوردي ظهر وهو ما زال في قدمها. 

وذكر حسام، والد الطفلة تالا أبو عجوة لموقع ميدل إيست آي أن ابنته: “أصرت على الخروج للعب مع صديقاتها، وظلت تلح عليها قائلة إنها لن تتأخر، وعندما رفضت والدتها ذلك خوفاً على سلامتها بسبب الأوضاع، طلبت من والدة صديقتها الاتصال بالعائلة لإقناعهم بالسماح لها بالخروج والانضمام إلى الأطفال”.

 

View this post on Instagram

 

A post shared by Middle East Eye (@middleeasteye)

وعند الساعة الخامسة مساءً، استسلمت والدة تالا أخيراً لتوسلاتها وسمحت لها باللعب في الطابق السفلي، فغادرت الشقة، حيث يضيف والدها: “وبعد دقيقتين فقط سمعنا انفجارين هائلين، أول ما خطر ببالي أن تالا لم تكن في المنزل، فهرعت إلى الطابق السفلي كي أجدها”.

كانت غارة جوية للاحتلال قد أصابت مبنى يقع مباشرة أمام المكان الذي كانت تالا وأصدقاؤها عادة ما يلعبون فيه، وعندما وصل حسام إلى المكان، كان الدخان والغبار يغطيانه مما جعل من الصعب عليه العثور على ابنته، قبل أن يتعرف عليها من خلال حذاء التزلج الخاص بها.

يتذكر الوالد تفاصيل تلك اللحظات قائلاً: “لم أستطع رؤية أي شيء، كان الدخان يتصاعد من المنطقة، وكنت أبحث في كل مكان وأنتقل من مكان إلى آخر عندما رأيت أخيراً حذاء التزلج الوردي الخاص بها، كان بالكاد مرئياً، لكنني تعرفت عليها من خلاله، فاقتربت منه ووجدتها ملقاة على الأرض تلفظ أنفاسها الأخيرة”.

ويتابع الوالد روايته: “حملتها على الفور وهرعت إلى مستشفى المعمداني، كانت لا تزال على قيد الحياة وأنا أحملها، لكن إصاباتها كانت خطيرة، خشيت أن أفقدها، ففعلت كل ما بوسعي لإبقائها على قيد الحياة، كانت شظية قد اخترقت رقبتها، وقطعت الوريد الرئيسي وتسببت في نزيف حاد، كانت ملابسها غارقة في الدماء”.

“اشتريت لها هذه الزلاجات منذ حوالي عامين، لقد رأت زوجاً مشابهاً مع أبناء عمومتها وجاءت إليّ تطلب واحدًا، لذلك اشتريت لها هذا الزوج، وقد تعلمت استخدامه بمفردها، مع القليل من التوجيه من أبناء عمومتها، وكانت تلعب به دوماً منذ ذلك الحين، أه لو كنت فقط أتخيل أثناء شرائها أنها ستقتل وهي ترتديها” حسام، والد تالا.

وعندما وصل الوالد بطفلته إلى المستشفى، بذل العديد من الأطباء كل جهدهم لإنقاذ حياة تالا، وعلى الرغم من ذلك، فقد استسلمت لجروحها وسلمت الروح بعد دقائق فقط.

يروي الوالد عن جهود الأطباء لإنقاذ ابنته فيقول: “كانوا يراقبون ضغط دمها ومعدل ضربات قلبها، لكن ضغط الدم انخفض من 120 إلى 10 في غضون دقيقتين، عندها عرفت أنها رحلت”.

خلع أبو عجوة أحذية التزلج الخاصة بتالا وشاهد أفراد الطواقم الطبية وهم يلفونها في كفن أبيض، ويجهزونها للدفن، في حين قال المسعفون أنها كانت من بين تسعة أطفال استشهدوا في تلك الغارة.

كانت تالا قد ظهرت سابقاً في منشور لشركة ديكور وتصميم داخلي محلية، حيث نشرت الشركة على فيسبوك في أكتوبر 2021 صوراً لتالا في غرفة نومها التي صممتها خصيصاً لها، وعقب استشهادها أعاد ناشطون وأصدقاء وأقارب حزنوا عليها نشر المنشور.

ووفقاً للتقارير، فإن 16825 طفلاً على الأقل استشهدوا من بين أكثر من 40860 فلسطينياً في عدوان الاحتلال المتواصل على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر.

وفي اللقطات التي صورها في الأصل صحفي محلي في غزة، شوهدت والدة تالا، هديل دولة، وهي تودعها بالقُبل: “لا يزال الوقت مبكراً عليك”.  

علم حسام لاحقاً أن صديقة تالا البالغة من العمر 11 عاماً، وهي ابنة المرأة التي اتصلت بوالدة تالا قبل دقائق فقط من الهجوم، قد أصيبت بجروح خطيرة، بينما استشهد شقيقها البالغ من العمر ثلاث سنوات فقط.

كانت تالا، كما يصفها والدها، فتاة عزيزة، وهي تتوسط أخ أكبر منها وأخت أصغر، لكنها كانت تحتل “مكانة خاصة في قلبي”.

وأضاف الوالد: “كانت جميع طلباتها تلبى وكنت أحضر لها كل ما تطلبه لها على الفور، لقد اشتريت لها الزلاجات منذ شهرين تقريباً لأنها طلبته، لم أكن أنتظر عيد ميلادها أو مناسبة خاصة لشراء الألعاب والهدايا لها”.

للإطلاع على النص الأصلي من (هنا)

مقالات ذات صلة