غزة تختنق: طفل يفارق الحياة جوعاً ومطالبات دولية بوقف “المجاعة المتعمدة”

توفي طفل فلسطيني في الرابعة من عمره في مدينة غزة جوعًا، إثر سوء تغذية حاد، في أحدث مؤشر على تفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها القطاع المحاصر منذ أكثر من ثمانين يوماً، وفق ما أفادت به وسائل إعلام فلسطينية الأحد.

وأكد أطباء في مستشفى الأهلي العربي المعمداني في غزة أن الطفل محمد مصطفى ياسين، البالغ من العمر أربع سنوات، فارق الحياة بسبب معاناته من سوء تغذية مزمن، نتيجة الحصار الشامل الذي تفرضه دولة الاحتلال على قطاع غزة منذ مارس/آذار الماضي.

وبوفاة الطفل ياسين، يرتفع عدد الفلسطينيين الذين توفوا نتيجة الجوع إلى 58 شخصاً خلال الأسابيع الإحدى عشرة الأخيرة من الحصار. كما أودى النقص الحاد في الغذاء والدواء بحياة 242 شخصاً آخرين، معظمهم من الأطفال وكبار السن، بحسب تقارير طبية محلية.

خطر المجاعة يهدد ملايين السكان

يعيش أكثر من 2.1 مليون فلسطيني في قطاع غزة على حافة المجاعة، في ظل استمرار إسرائيل في منع دخول المساعدات الغذائية والطبية والوقود إلى القطاع منذ أوائل مارس/آذار، ما أدى إلى تدهور غير مسبوق في الوضع الإنساني.

وتصاعدت ردود الفعل الدولية الغاضبة حيال الحصار، وسط انتقادات قوية وغير مسبوقة من دول حليفة للاحتلال مثل المملكة المتحدة وكندا وفرنسا، التي حذرت من كارثة إنسانية وشيكة إذا لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة.

وفي بيان مشترك صدر يوم الجمعة، أعربت 80 دولة عن قلقها العميق من أن غزة تواجه “أسوأ أزمة إنسانية” منذ بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأول 2023، محذّرة من أن المدنيين في القطاع باتوا في مواجهة مباشرة مع خطر المجاعة الشامل.

تراجع حاد في إيصال المساعدات

قبل بدء الحصار، كانت المنظمات الإنسانية قادرة على إدخال ما يقرب من 600 شاحنة مساعدات يومياً إلى قطاع غزة، وهو الحد الأدنى المطلوب، بحسب تقديرات تلك المنظمات، لتلبية الاحتياجات الأساسية للسكان.

لكن وفقاً لشبكة من منظمات الإغاثة الفلسطينية، لم يُسمح سوى بدخول 119 شاحنة مساعدات إلى القطاع خلال الأسبوع الماضي، وذلك بعد ضغوط دولية متزايدة على حكومة الاحتلال.

وانتقد فيليب لازاريني، المفوض العام لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، ما وصفه بالاستجابة الإسرائيلية المحدودة للأزمة، قائلاً إن إرسال قافلة صغيرة من الشاحنات المحملة بالإمدادات الحيوية لا يكفي لمواجهة الوضع المتدهور في القطاع.

وقال لازاريني لموقع “ميدل إيست آي”: “في الوقت الحالي، ما نتحدث عنه هو قطرة في بحر من المعاناة وفي بحر من الاحتياجات”.

وأضاف: “نحن نواجه مجاعة مفتعلة بالكامل من صنع الإنسان. الجوع يتفاقم ويبدو أن المجاعة تُستخدم كسلاح حرب”.

اتساع نطاق العمليات العسكرية

وفي تطور ميداني متزامن، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية خلال عطلة نهاية الأسبوع بأن جيش الاحتلال وسّع نطاق هجومه البري الجديد في غزة، والذي يحمل اسم “عملية عربات جدعون”، عبر نشر جميع قوات المشاة والكتائب المدرعة في مختلف أنحاء القطاع.

وأعلن المكتب الإعلامي لدى الحكومة الفلسطينية أن قوات الاحتلال باتت تسيطر على 77% من مساحة قطاع غزة، سواء من خلال التمركز البري المباشر أو عن طريق عمليات القصف وإصدار أوامر الإخلاء التي تدفع السكان إلى مغادرة منازلهم.

وأفادت السلطات الصحية المحلية بأن الغارات الجوية الإسرائيلية أسفرت، يوم الأحد وحده، عن ارتقاء ما لا يقل عن 23 فلسطينياً في مناطق متفرقة من القطاع، من بينهم صحفي ومسؤول كبير في خدمات الإنقاذ.

وتركّزت الغارات على مناطق خان يونس في الجنوب، وجباليا في الشمال، والنصيرات وسط القطاع.

وفي جباليا، استشهد الصحفي الفلسطيني حسن مجدي أبو ورده، وعدد من أفراد أسرته في غارة استهدفت منزله. وذكرت فرق الإسعاف أن غارة جوية أخرى في مخيم النصيرات أودت بحياة أشرف أبو نار، وهو مسؤول كبير في جهاز الدفاع المدني في غزة، بالإضافة إلى زوجته داخل منزلهما.

و باستشهاد أبو ورده، يرتفع عدد الصحفيين الفلسطينيين الذين ارتقوا في قطاع غزة منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023 إلى 220 صحفياً، وفقاً لما أفاد به مسؤولون فلسطينيون.

أرقام مفزعة

وبحسب بيانات وزارة الصحة الفلسطينية، فقد لقي ما لا يقل عن 3785 شخصاً حتفهم في الأراضي الفلسطينية منذ أن خرقت دولة الاحتلال اتفاق وقف إطلاق النار في 18 مارس/آذار الماضي، مما يرفع إجمالي عدد الشهداء الذين ارتقوا خلال الحرب المستمرة منذ أكتوبر إلى 53,939 شخصاً، معظمهم من المدنيين.

مقالات ذات صلة