بقلم إيمان الحاج علي
ترجمة وتحرير مريم الحمد
لم تتوقف الدعوة إلى وقف إطلاق النار طوال أكثر من 14 شهراً من الحرب الإسرائيلية على غزة، ولكن الحقيقة أن لا أحد سوى أهل غزة من يفهم ما قيمة هذا الوقف وأهميته والحاجة إليه فعلاً.
رغم جولات المفاوضات التي لا تعد ولا تحصى بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار، لم تنجح أي جولة منها حتى الآن، فما إن يحتدم النقاش حول هدنة محتملة، حتى تعود الحياة إلى شوارع غزة ويستبشر أهلها معربين عن آمالهم في السلام، إلا أن ذلك سرعان ما يذهب فلا شيء مضمون على الإطلاق.
يتوق سكان القطاع إلى الإيمان بإمكانية تحقيق مستقبل أفضل، ويتشبثون بأي لحظات تفاؤل عابرة، ففي خضم كفاحنا اليومي من أجل البقاء، يجد شعب غزة الصامد الفرح في أبسط الأشياء، فنحن لم نشهد حتى الآن سوى هدنة قصيرة واحدة في نوفمبر عام 2023 واستمرت بضعة أيام فقط، وبالطبع لم يكن ذلك مرضياً لأهل غزة، بل كان مليئاً بالألم والحزن، حيث قضى الكثيرون تلك الأيام حداداً على أحبائهم الذين فقدوا.
لقد طفح الكيل فنحن مرهقون، ويجب أن تنتهي الحرب في غزة، حيث يتم القضاء على شعبنا وتجويعه وقصفه بشكل ممنهج يوماً بعد يوم، فكم من الأرواح يجب أن تُزهق قبل أن تتوقف هذه الحرب؟!
لقد أدرك الناس أنه بمجرد انتهاء الهدنة، فسوف تعود الحرب مما سيؤدي إلى معاناة أكبر، وكانوا ينظرون بألم يائس إلى حطام منازلهم المدمرة.
بمجرد انتهاء تلك الهدنة الإنسانية القصيرة، اشتدت وحشية الحرب الإسرائيلية بشكل كبير، فقد شهدنا خسارة مروعة في الأرواح، وكان من بين الضحايا آلاف الأمهات والأطفال، كما تعرضت المدارس المخصصة لإيواء الأسر النازحة للقصف، وتحولت المساجد إلى أنقاض.
علاوة على ذلك، عانى المدنيون في الخيام المؤقتة معاناة مروعة، في حين تعرضت المستشفيات التي تقدم الرعاية للضرب والاقتحامات بلا رحمة، ولأكثر من 14 شهراً، أصبحت المجاعة والمرض والدمار هي الواقع المرير للفلسطينيين في غزة.
أمل رغم الحزن
لقد أصبحت، في كل مرة أسمع عن مفاوضات جديدة لوقف إطلاق النار، أشعر بالتشاؤم، فلا يبدو أن هذه المناقشات قد تؤدي إلى أي شيء، والحقيقة هي أن أهل غزة لا يريدون هدنة مؤقتة، بل يتوقون إلى وقف دائم لإطلاق النار، مما يسمح لهم بالعودة إلى منازلهم والعيش بسلام.
إنهم يريدون حرية النوم بهدوء دون رعب القنابل والهروب من أصوات الطائرات الإسرائيلية بدون طيار، وأن تكون سماؤهم خالية من رؤية الصواريخ، وتلك تطلعات على بساطتها عميقة، فسكان غزة يرغبون في متابعة أحلامهم والتعليم والتعلم والعمل والتحرك في حياتهم دون خوف دائم من الحرب.
لقد أصبحت عبارة “وقف إطلاق النار، وقف إطلاق النار” عبارة يتداولها الأطفال في لعبهم ومزاحهم وهم يركضون في الشوارع، وهم يأملون أن تصبح هذه اللعبة واقعاً حقيقياً، وفي تلك اللحظة، استعيد الأمل وأفكر، ماذا لو تم إعلان وقف إطلاق النار بالفعل لتعود العائلات إلى ديارها وتستأنف حياتها؟ لاشك أن مجرد التفكير في ذلك يجلب القليل من الأمل وسط كل الحزن الذي نعيشه.
في الشهر الماضي، دخل وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في لبنان، وهو تطور جلب فرحة عظيمة للفلسطينيين الذين يواجهون تحديات مماثلة، فنحن نأمل وندعو الله أن تكون غزة هي التالية، مما يسمح لشعبنا بالعودة إلى ديارهم واستعادة الحياة الطبيعية التي تمتعنا بها قبل الصراع.
إن من عاشوا الحرب هم وحدهم القادرون على إدراك أهمية وقف إطلاق النار، ونهاية القصف والتخفيف من رعب الليالي الطوال وتخفيف المخاوف من احتمال انهيار منزل المرء في أي لحظة.
كم آمل أن يتم التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة، فقد مر أكثر من 430 يوماً منذ آخر مرة شعرنا فيها بالأمان، لأننا نستطيع النوم بشكل سليم، دون الخوف من فقدان أحبائنا أو حياتنا.
بعد 14 شهراً من الصراع المتواصل الذي اجتاح قطاع غزة وأودى بحياة أكثر من 44 ألف شخص، يشعر الفلسطينيون بأن العالم قد تخلى عنهم، وأن غزة أصبحت يتيمة لا تتلقى الدعم ولا التعاطف من مجتمع عالمي ظالم.
لقد طفح الكيل فنحن مرهقون، ويجب أن تنتهي الحرب في غزة، حيث يتم القضاء على شعبنا وتجويعه وقصفه بشكل ممنهج يوماً بعد يوم، فكم من الأرواح يجب أن تُزهق قبل أن تتوقف هذه الحرب؟!
للاطلاع على النص الأصلي من (هنا)