غير قابل للحذف ويجمع البيانات سرًّا.. اكتشاف تطبيق إسرائيلي خفي على أجهزة سامسونغ 

تصاعدت في الأيام الأخيرة موجة استياء واسعة بين مستخدمي هواتف سامسونغ بعد أن كشفت تقارير تقنية وأمنية عن وجود تطبيق يحمل اسم AppCloud، تبيّن أنه جزء مدمج داخل نظام التشغيل في عدد كبير من أجهزة الشركة، وأنه غير قابل للإزالة ويعيد الظهور بعد كل تحديث للنظام. 

وتزداد المخاوف من هذا التطبيق بسبب صلته الواضحة بشركة ironSource الإسرائيلية، ذات التاريخ الطويل في تطوير برمجيات خفية وأدوات قادرة على تجاوز موافقات المستخدمين وإجراءات الحماية.

الخبر الأول عن AppCloud كان قد ظهر في أسواق غرب آسيا وشمال أفريقيا، إذ أفاد المستخدمون بأنه مثبت مسبقًا على هواتف سامسونغ من فئتي A وM، لكن سرعان ما اتسعت دائرة الشكاوى لتشمل مستخدمين من أوروبا وجنوب آسيا، ما أكد أن وجود التطبيق ليس إقليميًا بل عالميًا، وأنه يأتي مثبتًا على الأجهزة الجديدة بشكل لا يسمح بإزالته إلا باستخدام “صلاحيات الروت”، وهي صلاحيات متقدمة لا يمتلكها معظم المستخدمين.

وخلال الأسابيع الماضية، أعاد مستخدمون عبر منصات التواصل الاجتماعي تداول صور تُظهر الأذونات التي يطلبها التطبيق، والتي تتضمن “وصولًا كاملًا للشبكة”، و”تنزيل ملفات دون إشعار”، و”منع الهاتف من وضع السكون”، وهي أذونات اعتبرها خبراء الأمن السيبراني مؤشرًا واضحًا على وجود قناة بيانات نشطة تعمل باستمرار. 

وقال الباحث الأمني إحراز أحمد إن هذه الأذونات لا تثبت وجود برنامج تجسّس صريح، لكنها تكشف إلى أي مدى يمكن لبرمجيات الإعلانات أن تقترب من حدود المراقبة، خاصة عندما تكون مثبتة مسبقًا ولا تتوفر لها سياسة خصوصية واضحة.

ووصفت النشرة المتخصصة International Cyber Digest التطبيق بأنه شديد الإلحاح، مشيرة في تعليق نشرته على منصة إكس إلى أن AppCloud يبقى موجودًا حتى بعد تعطيله، ثم يعاود الظهور بعد تحديثات النظام، وقادر على تثبيت تطبيقات إضافية دون علم المستخدم. 

وأكد محرر النشرة، الذي فضّل عدم الكشف عن هويته، أن من غير المقبول أن تجبر شركة هواتف ذكية مستخدميها على الاحتفاظ بتطبيقات من طرف ثالث لا يمكن حذفها، مشيرًا إلى أن المستهلك يدفع ثمن الجهاز ثم يضطر لدفع ثمن استهلاك البيانات الناتج عن هذا التطبيق القسري.

أما منظمة SMEX الحقوقية التي تتخذ من بيروت مقرًا لها، فكانت أول من دق ناقوس الخطر في فبراير/شباط  الماضي، عندما كشفت أن AppCloud يجمع بيانات المستخدمين سرًا، وأنه يرتبط بشركة ironSource المعروفة ببرامجها المثيرة للجدل مثل InstallCore، الذي تمكن سابقًا من تجاوز إجراءات التحقق الأمنية وحتى برامج مضادات الفيروسات. 

وأوضحت المنظمة أن سامسونغ لم ترد على رسائلها أو على الرسالة المفتوحة التي أرسلتها في مايو/أيار، والتي طالبت خلالها بتوضيحات رسمية حول سبب تضمين هذا التطبيق داخل النظام، ولماذا لا تتضمن شروط الخدمة أي إشارة واضحة إليه رغم صلته بشركة لديها تاريخ في بناء أدوات اختراق ناعمة.

إن تاريخ دولة الاحتلال في بناء أدوات التجسّس الرقمية يلقي بظلال ثقيلة على هذا الجدل، ففي سبتمبر/أيلول 2024 انفجرت أجهزة اتصال تابعة لحزب الله في لبنان بعد أن جرى تلغيمها ضمن عملية معقدة شملت سلسلة شركات واجهة، ما أدى إلى استشهاد 39 شخصًا وإصابة الآلاف، في حدث وصفه خبراء الأمم المتحدة بأنه انتهاك مرعب للقانون الدولي. 

وكشف الرئيس الأسبق للموساد يوسي كوهين لاحقًا أنه صاحب فكرة “التلاعب بالمعدات”، مؤكدًا أن دولته استخدمتها في دول “لا يمكن تخيلها”. 

كما شهد عام 2025 موجة غضب بعد اكتشاف أن خدمة ExpressVPN الشهيرة مملوكة لشركة لها روابط إسرائيلية، في حين أعادت فضيحة برنامج بيغاسوس في 2021 التذكير باستخدام شركات إسرائيلية لتقنيات مراقبة تستهدف صحفيين وسياسيين حول العالم، بل وحتى داخل دولة الاحتلال نفسها.

تزايد القلق أيضًا بعد أن كشفت صحيفة الغارديان عن قيام مايكروسوفت بقطع وصول وحدة 8200 في جيش الاحتلال إلى تقنيات معينة بعد تخزينها بيانات مراقبة جماعية للفلسطينيين في منصة Azure، في مخالفة لشروط الاستخدام.

كل هذه الأحداث أعادت قضية AppCloud إلى الواجهة، خاصة مع صمت سامسونغ المستمر وعدم صدور أي تعليق رسمي من الشركة حتى الآن، ما يفتح الباب أمام المزيد من التساؤلات حول مستوى حماية بيانات المستخدمين، وطبيعة العلاقة التي تربط الشركة العالمية بجهات تعمل في مجال البرمجيات ذات الطابع التجسسي.

مقالات ذات صلة