بقلم حسام شاكر
انفلت الموقف الميداني في الضواحي الفرنسية الملتهبة مع بداية الصيف، ما دفع قيادة الشرطة إلى إرسال رسالة نجدة خارجية فريدة من نوعها. تلقّت شرطة الاحتلال الإسرائيلي الرسالة الواردة من باريس عبر الفاكس، وفيها تطلب الشرطة الفرنسية المساعدة والمشورة في كيفية التعامل الأمثل مع الغضب الشبابي العارم في الشارع.
لن تفصح أي حكومة أو سلطات في أوروبا الغربية عن الاستعانة بخبرة سيئة السمعة، من قبيل سلطات الاحتلال الإسرائيلي وقوّاتها الشرطية والأمنية الضالعة في أعمال قتل وممارسات اضطهاد، ولهذا السبب تحديداً انكشف الأمر على لسان مسؤول إسرائيلي، هو شمعون نحماني، نائب رئيس شعبة العمليات بالشرطة الإسرائيلية. صرّح نحماني بذلك خلال اجتماع عقدته لجنة الأمن القومي بالبرلمان الإسرائيلي (الكنيست) يوم الأحد 2 يوليو/ تموز، ونقلته الصحافة العبرية، دون أن ينفي الجانب الفرنسي صحّته أو يُعلِّق عليه.
باريس في مأزق إذن، وتبحث عن ملاذ منه عبر الاستعانة بخبرة خارجية، إسرائيلية في هذه الحالة. يمنح هذا التطوّر انطباعاً بأنّ فرنسا دخلت مرحلة جديدة مع موجة الغضب الشبابي التي اندلعت يوم 27 يونيو/ حزيران ردّاً على مقتل الفتى نائل على أيدي عناصر الشرطة. ويبدو أنّ البحث جارٍ، كما توحي رسالة النجدة بذلك على الأقلّ، عن مقاربة أكثر تصلّباً رغم التوسيع السخيّ لصلاحيات قوات الأمن في السنوات الأخيرة حسب قانون “الأمن الشامل”؛ رغم اعتراضات الشارع الفرنسي على ذلك وقتها. فما دلالات لجوء الشرطة الفرنسية إلى طرق أبواب أجهزة الاحتلال الإسرائيلي تحديداً للحصول على المشورة والخبرة في التعامل مع الموقف؟
يكشف لجوء باريس إلى “خبرات إسرائيلية” في التعامل مع شؤون داخلية عن مأزق جسيم من جانب؛ وعن صعود المنطق الأمني في التعامل مع الموقف أيضاً. لا يمنح الاستقواء بـ”الخبرة الإسرائيلية” الانطباع بعزم باريس، أو المؤسسة الأمنية تحديداً، على خوض مراجعة إصلاحية داخلية للتعامل مع أزمة الثقة الواضحة التي تنتاب أوساطاً مجتمعية فرنسية تتركّز في أحياء فقيرة أو محسوبة على خلفية هجرة؛ نحو الدولة عموماً وأجهزة الشرطة والأمن خصوصاً.
فإنْ اندلعت هذه الموجة الشبابية الغاضبة على خلفية قتل الفتى نائل، البالغ من العمر 17 عاماً، على يد ضابط شرطة بالرصاص من مسافة قريبة؛ فإنّ الشرطة الإسرائيلية جهاز قمعي ذو سطوة مُجرّبة على الأرض بحقّ المواطنين الفلسطينيين، كما يجري في القدس مثلاً. يتميّز عناصر الشرطة هؤلاء بأصابع رشيقة على الزناد لا تتردّد في إطلاق رصاصات قاتلة على المواطنين الفلسطينيين بدعوى “الاشتباه” أو “دفاعاً عن النفس” حسب التبريرات الجاهزة دوماً. أحد هؤلاء هو الطبيب محمد العصيبي (26 عاماً)، الذي تخرّج من رومانيا حديثاً، فقد كان ذاهباً لأداء صلاة الفجر في المسجد الأقصى في وقت مبكر من يوم السبت الأول من إبريل/ نيسان 2023، عندما أمطره عناصر شرطة الاحتلال التي تطلب باريس خبراتها، بوابل من الرصاصات القاتلة قُدِّرت بعشرين رصاصة. انضمّ الطبيب الشاب إلى قائمة طويلة من الضحايا الذين فتكت بهم الشرطة الإسرائيلية، وليس من بينهم أيّ من المستوطنين الإسرائيليين المتطرِّفين بطبيعة الحال. قدّمت شرطة الاحتلال روايتها النمطية عن أنّ الدكتور العصيبي الذي قتلته عند إحدى بوابات المسجد الأقصى مثّل تهديداً لعناصرها ففتحوا النار عليه، بينما كذّبت أسرته وجهات حقوقية الرواية الواهية التي تستسهل شرطة الاحتلال حبكها لتبرير أعمال القتل في كلّ مرّة.
من المفيد التذكير بأنّ الشرطة في تجربة السلطات الإسرائيلية ليست جهازاً مدنياً نمطياً لإنفاذ القانون كما في التقاليد الأوروبية، فهو سلطة مطاردة وتعقّب واضطهاد، وتعمل قوّاتها واستخباراتها في بعض المناطق بصفة رديفة لجيش الاحتلال ومتشابكة مع عمل المخابرات التي تتجسّس على المجتمع الفلسطيني (الشاباك)، علاوة على رصيد هذه الشرطة من أعمال القتل والاعتقال التي تمارسها بحقّ المواطنين الفلسطينيين ضمن منظومة القمع والسيطرة المعتمدة. ثمّ إنّ جهاز الشرطة يتبع وزارة الداخلية التي يقف على رأسها الوزير الفاشي إيتمار بن غفير، وهو من غلاة الاستيطان أيضاً وضمن أكثر وجوه حكومة الاحتلال تطرّفاً.
ثمّة نهج آخر تتورّط فيه الشرطة الإسرائيلية، يتمثّل في التراخي مع نشاطات الجريمة المنظمة وأعمال القتل المتزايدة عندما تقع في أوساط فلسطينيي 48 تحديداً، حيث تمثِّل تهديداً جسيماً لأمنهم اليومي. إنّه، على أقلّ تقدير، إخفاق جسيم لهذا الجهاز الذي تطلب الشرطة الفرنسية مشورته وخبرته للتعامل مع معضلاتها.
قد يسهُل على السلطات الفرنسية استيراد المقاربات الأمنية المشدّدة وربّما تقنيات التعقّب والتنصّت والسيطرة في التعامل مع تحدّياتها الداخلية، وقد ولّت وجهها شطر الاحتلال الإسرائيلي لهذا الغرض دون مكاشفة مواطني “الجمهورية” بهذا التوجّه. قد يُستنتج من ذلك أنّ الاعتماد على المقاربات الأمنية المتصلِّبة أساساً يبدو أيسر على السلطات الفرنسية من الإقدام على المراجعة ومباشرة إصلاحات جادّة تتيح العبور إلى مجتمع متماسك تسوده الثقة ويضمن تكافؤ الفرص لجميع المواطنين والمناطق والأحياء السكنية ويستوفي شروط الاحترام المتبادل بين المكوِّنات جميعاً؛ في فضاء جمهورية تبدو اليوم بمنأى عن الامتثال لبعض شعاراتها الساطعة المنقوشة في كلّ مكان؛ مثل المساواة والإخاء.
تُوحي الرسالة الرسمية التي طلبت فيها الشرطة الفرنسية المساعدة من شرطة الاحتلال؛ بوجود تشابكات غير مرئية تحت السطح أيضاً. يُشير السعي الفرنسي إلى استلهام “خبرات إسرائيلية” في التعامل مع تحدٍّيات داخلية؛ إلى أواصر وُثقى تجمع سلطات وأجهزة محسوبة على ديمقراطيات أوروبية، ومنها فرنسا، مع قاعدة الاحتلال الحربية والأمنية في فلسطين. تمارس أجهزة العمل في الظلّ نشاطاتها واتصالاتها خارج مجال الرؤية المُتاح لجماهير هذه الديمقراطيات، ما يعطِّل فرص المُساءلة والمُحاسبة بطبيعة الحال. تتعدّد الشواهد على ذلك، ومنها حادثة وقعت مؤخراً دون أن يُلتفت إليها تقريباً، عندما غرق زورق سياحي في ظروف غامضة يوم 29 مايو/ أيار 2023 في بحيرة ماجوري في شمال إيطاليا. اتّضح أنّ المركب الذي انكفأ تحت تأثير عاصفة مفاجئة حمل على متنه عناصر من جهاز “موساد” والمخابرات الإيطالية كانوا في “اجتماع عمل” لم يُعلَن عنه أو عن الموضوعات التي بحثها بطبيعة الحال. من شأن هذه الحادثة الاستثنائية أن تُطلِق العنان لتخمين وجهات اجتماعات أخرى غير معلنة أيضاً لم تنتهِ بمشهد غرق كارثي؛ وإنّما بتفاهمات تعاوُن وخطوط تنسيق لا يُفصَح عنها. من المعيب في ثقافة “أجهزة الظلّ” التي تحظى بصلاحيات واسعة تتيح اقتراف تجاوزات جسيمة أن يستدعي أحدهم مقولات مبدئية وأخلاقية معيّنة أو التذكير بالتزامات حقوق الإنسان وحرِّيّات الشعوب بطبيعة الحال.
برهنت تجارب الماضي والحاضر على أنّ العُرى الاستخبارية والأمنية الأوروبية – الإسرائيلية أوثق من أن تهترئ تحت وقع انتهاكات جسيمة تمارسها الاستخبارات الإسرائيلية لحقوق الإنسان، أو حتى بمفعول تجاوزات مُتكرِّرة تتورّط فيها أذرع “موساد” (المخابرات الإسرائيلية الخارجية) لسيادة بعض الدول الأوروبية، من خلال إدارة نشاطات تجسُّسية على أراضيها. استخدم “موساد” جوازات أوروبية لتحريك عناصره في مهمّات تعقُّب واغتيال أحياناً، كما تبيّن مثلاً من واقعة اغتيال المواطن الفلسطيني محمود المبحوح في دبي في 19 يناير/ كانون الثاني 2010، حتى أنّ لندن طردت دبلوماسياً إسرائيلياً بعد شهرين من ذلك على هذه الخلفية.
إذ تطرق فرنسا أبواب الاحتلال الإسرائيلي تحديداً لطلب الخبرة والمشورة في إدارة متاعبها الداخلية الحرجة؛ فإنّ ذلك يشير بالأحرى إلى قُدرات متعاظمة استحوذت عليها القاعدة العسكرية والأمنية والتجسّسية الإسرائيلية؛ إلى حدّ يُغري قوى النفوذ الدولي والصدارة العالمية ذاتها بمحاولة الاستعانة بها والاستقواء بـ”خبراتها”.
أمّا السؤال عن طبيعة “الخبرة الإسرائيلية” التي تريدها فرنسا للتعامل مع معضلاتها الداخلية فليس أُحجية معقّدة على أيّ حال. طوّرت السلطات الإسرائيلية في الواقع نظام مراقبة أمني صارم، بمعيّة جهاز الشرطة، مكرّس لإخضاع الشعب الفلسطيني في مناطق الاحتلال المختلفة، واضطهاد أجياله المتعاقبة، من خلال خبرات احتلال سُمِح له في عالمنا بأن يبقى حتى القرن الحادي والعشرين وأن يشقّ طريقه نحو المستقبل أيضاً بالشراكة الوثقى مع ديمقراطيات أوروبية وغربية. تعمل هذه “الخبرة الإسرائيلية” عبر هياكل وأجهزة ومؤسّسات متعدِّدة في مناطق احتلال وسيطرة خُصِّصت لكلّ منها أنظمة وإجراءات معيّنة ومدوّنات تنسِّق أدوار الاعتداء على الفلسطينيين ومطاردتهم وترهيبهم. فالضفة الغربية تتوزّع مناطقها على تصنيفات ثلاثة بمعايير السيطرة الأمنية والإدارية لجيش الاحتلال ومخابراته؛ هي “أ، ب، ج”؛ حسب اتفاقيات أوسلو التي تنتهكها سلطات الاحتلال في الواقع وتباشر التدخّل في أعماق المناطق “أ” التي يُفترض أن تكون واقعة تحت السيطرة الإدارية والأمنية للسلطة الفلسطينية، كما تبيّن مثلاً في الاقتحامات الدموية المتكررة لجنين ونابلس مؤخراً. ثمّة خصوصية لمنطقة القدس، علاوة على المناطق الواقعة وراء الخط الأخضر، المحتلة منذ سنة 1948، حيث تسري أنظمة رقابة وسيطرة تباشرها الشرطة والمخابرات أساساً؛ مُخصّصة لإحكام القبضة على المليون ونصف المليون فلسطيني الذين فُرض عليهم حمل الجنسية الإسرائيلية بعد النكبة، وأحدهم هو ذلك الطبيب الشاب ذاته الذي قتلته شرطة الاحتلال بعشرين رصاصة عند أبواب المسجد الأقصى فجر الأول من إبريل/ نيسان الماضي. وتبقى عيون الاحتلال وآذانه مفتوحة بعناية على أكثر من مليوني فلسطيني في قطاع غزة من خلال أنظمة مراقبة وتعقّب على مدار الساعة تستخدم تقنيات تنصّت ومسح جوي متواصل يندر تخيّلها في أقاليم أخرى حول العالم؛ من خلال طائرات بدون طيّار ومناطيد تجسّس لتعويض فقدان شبكات التجنيد الاستخباري على الأرض.
هكذا صارت لدولة الاحتلال والاضطهاد والأبارتايد خبرة مجرّبة يومياً في الواقع ومشهودة عالمياً في تقنيات التجسّس والتعقّب والاختراق عبر الشبكات الاجتماعية والأجهزة المحمولة تتحفّز وزارات داخلية وسلطات أمن وأجهزة استخبارات حول العالم لشراء نماذج منها. ومع تركيز الخبرة في قاعدة الاحتلال الاستيطاني الحربية والأمنية هذه؛ تُحقِّق شركات تجسّس وخدمات أمن إسرائيلية خاصّة صدارة متقدِّمة في السوق العالمية. يدير هذه الشركات ضبّاط سابقون في جيش الاحتلال وأجهزته الاستخبارية، وبعضها شركات مرتبطة بالجيش والاستخبارات وتخدم اقتصاد التطوير الحربي والأمني أو تُستغلّ تعاقداتُها الخارجية بشكل مزدوج لتعزيز “التعاون الأمني” والاختراق الاستخباري حول العالم الذي لا يُعلَم مداه بطبيعة الحال.
إنّ صعود الدور الإسرائيلي في الاتجار بالخدمات الأمنية والتجسُّسية لا ينفكّ عن طبيعة قاعدة الاحتلال الحربية والأمنية في الأساس، ومن مزايا “الحلول التقنية” إيّاها أنّها مُطوّرة ومُجرّبة أساساً في الواقع على الأرض؛ وليس على أساس المحاكاة التقنية وحسب، فهي تُستعمل بلا هوادة في مطاردة الشعب الفلسطيني وعبر نشاطات خارجية تباشرها الاستخبارات الإسرائيلية أيضاً.
إن كانت هذه حقّاً هي إحدى “الخبرات الإسرائيلية” التي قد تلجأ إليها فرنسا أو غيرها من الديمقراطيات الأوروبية للتعامل مع تحدِّياتها الأمنية الداخلية؛ فإنّ باريس أدركت من قبل مفعولها بشكل عكسي؛ عندما افتضح دور تقنيّات التجسّس الإسرائيلية المُعولمة في تنصّت دولي صارخ على هاتف الرئيس إيمانويل ماكرون شخصياً، كما تبيّن في تموز/ يوليو 2021 من ذيول فضيحة برنامج التجسّس “بيغاسوس” الذي طوّرته شركة “إن إي أو” الإسرائيلية. اضطرّ ماكرون بعد الفضيحة الإسرائيلية إلى تغيير رقمه وجهاز الهاتف الذي يستخدمه، وعقد اجتماعاً استثنائياً لمجلس الدفاع الفرنسي بعد انكشاف استهدافه على هذا النحو الفجّ. طلب ماكرون من رئيس الوزراء الإسرائيلي وقتها، نفتالي بينيت، “توضيحات” بشأن برنامج التجسُّس الإسرائيلي “بيغاسوس” وعبّر عن انزعاجه من التنصّت عليه، حسب ما أوردت الصحافة العبرية يوم 25 يوليو/ تموز 2021، لكنّ الوفود الأمنية الإسرائيلية استُقبلت في فرنسا كما يتَضح من زيارة وفد أمني وعسكري عريض زار باريس في أكتوبر/ تشرين الأول من السنة ذاتها.
يبقى بريق “الخبرة الإسرائيلية” في هذا المجال مُخادِعاً في الواقع، فكلّ هذه القدرات والإمكانات والتقنيات التي تحوزها أجهزة الاحتلال، بما فيها الشرطة، لم تؤهِّلها لإخضاع الشعب الفلسطيني حتى بعد مضيّ ثلاثة أرباع قرن على النكبة، أو أكثر من نصف قرن على احتلال الضفة الغربية وقطاع غزة. ومن المفارقات أنّ سعي السلطات الفرنسية للاستفادة من الخبرة الإسرائيلية إيّاها في التعامل مع أحداث الغضب الشبابي تلازَم مع بروز قلق لدى سلطات الاحتلال من تطوّرات المدن والضواحي الفرنسية المُلتهبة؛ فقد مثّل خروجها المفاجئ عن السيطرة على مدار أيّام متواصلة سيناريو واقعياً تخشى السلطات الإسرائيلية حدوثه تحت أقدامها من حيث لم تحتسب، حتى أنّ تصريحات القيادي الشرطي نحماني التي كشف فيها النقاب عن طلب النجدة الفرنسي إيّاه؛ جاء خلال جلسة استماع عقدته لجنة الأمن القومي في “الكنيست” تناولت اعتقالات المتظاهرين في فرنسا واستعدادات الشرطة الإسرائيلية للتعامل مع هذا الموقف حال حدوثه في فلسطين المحتلة.
ممّا ورد أيضاً أنّ مفوّض شرطة الاحتلال يعكوف شبتاي أعطى أوامره خلال الاجتماع الأسبوعي لقيادة الشرطة، يوم الأحد الثاني من يوليو/ تموز، لقسميْ العمليات والمخابرات في الجهاز بدراسة الأحداث الفرنسية بعناية وتحليل أسبابها ومُقدِّماتها ومُجرياتها وكيفيّة تصرّف الشرطة الفرنسية معها، كما أوردت صحيفة “يسرائيل هايوم”. لم تكن غاية هذا الانهماك الإسرائيلي “نقل الخبرة” إلى المسؤولين الفرنسيين الحائرين في التعامل مع الأحداث الملتهبة؛ وإنّما الخشية من نشوب تطوّرات مماثلة في الداخل المحتل سنة 1948 حسب المتحدث باسم شرطة الاحتلال.
إنّها هواجس إسرائيلية واقعية على أيّ حال، تكرّر الإعراب عنها على مدار السنتين الماضيتين، وتحديداً منذ أحداث مايو/ أيار 2021 عندما انتفضت الجماهير الفلسطينية في أرجاء الداخل المحتل سنة 1948 ردّاً على عدوان الاحتلال وقوّاته الشرطية على المسجد الأقصى وشنّ عدوان حربي على قطاع غزة وقتها. أظهرت السلطات الإسرائيلية وقوّاتها الشرطية والأمنية على الأرض عجزاً واضحاً في احتواء الموقف أو السيطرة على الأوضاع وباشرت منذ ذلك الحين وضع الخطط والتدابير لدرء تكرار ذلك مستقبلاً، وها هي باريس التي تطلب النجدة الخارجية من نظام احتلال مزمن وأبارتايد مُطوّر؛ تحرِّك القلق الأمني الإسرائيلي من أعماقه.