عاش المشاركون في مهرجان غلاستونبري الشهير لحظات مشحونة سياسيًا هذا الأسبوع، بعدما ردد جمهور المهرجان هتاف “الموت للجيش الإسرائيلي” خلال عرض حي لفرقة بوب فيلان البريطانية.
ويحمل الهتاف إشارة مباشرة إلى جيش الاحتلال وجاء ترداده وسط تصاعد الغضب الشعبي من عدوان الاحتلال المستمر على قطاع غزة.
وأطلقت الفرقة، التي تتخذ من لندن مقرًا لها، الهتاف عدة مرات خلال عرضها يوم السبت، وهو ما دفع بعض الحاضرين الذين كانوا يرفعون الأعلام الفلسطينية إلى ترديد الهتاف بشكل جماعي في واحدة من أكثر اللحظات السياسية وضوحًا في المهرجان.
دعم صريح لفلسطين وسط الجمهور والفنانين
ويأتي هذا العرض قبل ظهور مرتقب لفرقة الهيب هوب الأيرلندية الشمالية Kneecap، المعروفة بدعمها العلني للقضية الفلسطينية، والتي أثار أداؤها جدلًا سياسيًا واسعًا.
وفي حين بثت هيئة BBC البريطانية أداء بوب فيلان دون حذف الهتافات والأغاني، قامت لاحقًا بحجب بث عرض فرقة Kneecap، زاعمة أنها فعلت ذلك التزاماً بـ”المعايير التحريرية”.
وسبق أن أثير الجدل حول أحد أعضاء الفرقة، ليام أوغ أوهانايد، والذي يواجه تهمًا تتعلق بالإرهاب بعد أن رفع علم حزب الله في احتفال أقيم العام الماضي.
ومن المقرر أن يمثل أوهانايد أمام المحكمة في 20 أغسطس/آب القادم، وقد قالت فرقة Kneecap بأن التهمة “لا أساس لها” وتعهدت بالدفاع “بقوة” عن نفسها، رغم أن حزب الله مصنف كمنظمة محظورة في بريطانيا.
إلى جانب ذلك، خطفت المغنية البريطانية-التركية نيلوفر يانيا الأنظار أيضًا عندما ظهرت على المسرح بخلفية مكتوب عليها “حرروا فلسطين”، ورفعت لافتة داعمة لغزة.
وتصاعدت التوترات كذلك مع ظهور أوهانايد وهو يرتدي قميصًا يحمل شعار “نحن جميعًا فلسطين أكشن”، وهو شعار يعود إلى شبكة تحمل ذات الاسم معروفة بشن حملات مباشرة ضد شركات مرتبطة بتجارة الأسلحة مع دولة الاحتلال.
وقد نشر الحساب الرسمي لفرقة Kneecap على منصة X صورة لعضو الفرقة مرتديًا القميص قبل ساعة واحدة فقط من العرض، في رسالة سياسية واضحة.
وكانت السلطات البريطانية قد أعلنت نيتها تصنيف مجموعة Palestine Action كمنظمة إرهابية، بعد أن قام نشطاؤها باقتحام قاعدة RAF Brize Norton، كبرى القواعد الجوية في البلاد، حيث قاموا برش طلاء أحمر على الطائرات الحربية.
وقالت الشبكو إن القاعدة تُستخدم لتسيير رحلات جوية إلى قاعدة أكروتيري في قبرص، المرتبطة بعمليات عسكرية في غزة والشرق الأوسط.
ورداً على ذلك، صاغت وزيرة الداخلية البريطانية إيفيت كوبر مشروع قرار بحظر الشبكة من المتوقع أن يُعرض على البرلمان البريطاني يوم الاثنين.
وفي حال إقرار المشروع، سيصبح الانتماء إليها أو دعمها جريمة جنائية يعاقب عليها القانون.
ضغط سياسي ورقابة فنية
وبالرغم من محاولات منعها، مضت فرقة Kneecap في تقديم عرضها، متحدية التصريحات المثيرة للجدل لرئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، الذي قال صراحة إن الفرقة “لا ينبغي أن تؤدي في غلاستونبري”.
وأطلق منظمو المهرجان تحذيرات مسبقة للجمهور بشأن إدارة الحشود قبل عرض الفرقة، في خطوة اعتبرها البعض محاولة للحد من الإقبال على الفعالية، إذ دعوا الحضور إلى “البحث عن عروض بديلة في حال اكتظاظ المكان”.
وفي تصريحات دافعت فيها عن برنامج المهرجان، أكدت إميلي إيفيس، إحدى منظمي غلاستونبري، أن “الجميع مرحب بهم هنا”، مشددة على أن المهرجان سيظل مساحة حرة للأصوات المتنوعة والمواقف الجريئة.
غضب شعبي يتصاعد
وتأتي هذه التحركات الفنية في سياق موجة غضب متزايدة من عدوان الاحتلال على غزة، والذي خلّف آلاف الشهداء والجرحى، وأشعل حراكًا عالميًا مؤيدًا لفلسطين، امتد إلى الحفلات الموسيقية والجامعات والملاعب، وحتى داخل البرلمان البريطاني نفسه.